لو أمسكت بقلمك ورسمت دوائراً
بلا هدف، وشاهدت نملة تمر على دفترك، فقررت أن ترسم دائرة حول تلك
النملة الصغيرة وجلست تراقبها وهي تمشي وتمشي حتى تصل إلى حدود
الدائرة التي قمت برسمها.
تستمر بالمراقبة وانت تنتظر أن تتجاهل حدود الدائرة وتمر وكأن شيئا لم يكن ولكن فجأة ترى النملة تغير اتجاهها وتعود داخل الدائرة مجددا، وتظل تمشي على حدود الدائرة يمينا ويسارا حتى ينال منها التعب وتهلك داخل دائرة رسمتها من الملل.
لم يكن هناك من يمنع النملة من العبور حقا، لو أكملت طريقها لمرت من دون شيء يمنعها ولفهمت أن هذا مجرد حد وهمي ويمكنها العبور بسهولة.
وفي الواقع نحن نعيش أحيانا حال هذه النملة، بعد أن تحيط بنا آلاف الدوائر التي نسجها خيالنا من كل مكان، وكلما حاولت التقرب من حد إحدى الدوائر أقنعك عقلك بالابتعاد فورا فهذه حدود لا تقربها ولكن بمجرد وضع قدمك على هذا الحد ستمر بسهولة.
إن أردت قتل شخص وهو حي، اقنعه بأنه داخل دائرة لا يمكنه عبورها وبمجرد أن يقتنع شاهده وهو يهلك داخل دائرة صنعتها من وحي خيالك وقام هو برسمها.
لا أحد يستطيع فرض حدوده عليك ولا أحد يعرفك أكثر من نفسك وعندما يحدد شخص قدراتك وحدود دائرتك أنت، فهو في الواقع يتحدث من داخل حدود دائرته هو.