السبت 25 شوّال 1445هـ 4 مايو 2024
موقع كلمة الإخباري
لماذا يصاب بعض المراهقين بالغرور؟!
بغداد - كلمة الإخباري (متابعة)
2023 / 11 / 30
0

 المراهق المغرور مشكلة تضر بصحة المراهق النفسية، ويجب البحث عن علاج لها، حيث تظهر عادة عندما يبدأ الأب بترديد كلمات التشجيع والمبالغة في تقديره وحبه لأبنائه منذ صغرهم. بهدف زيادة ثقتهم بأنفسهم، وشعورهم بالحب والتميز، ودفعهم إلى التفوق دراسياً وفي الحياة أيضاً، معتقدين أن هذا التملق لا يضر، بل على العكس يشعر الابن بالفخر… وعندما يكبر، سواء كان شاباً أو فتاة، تكون له مكانته، ولكن تأتي أحدث الدراسات في التربية لتؤكد من يفرط في الثناء على أطفاله الصغار أو يبالغ في الثناء على الكبار؛ ويزرعون نفسية غير طبيعية ومشاعر مريضة تتحول فيما بعد إلى مشاكل نفسية لدى أبنائهم وبناتهم في مرحلة البلوغ وفي سنوات المراهقة.

***

مديح وثناء بلا مبرر بداية قام علماء من جامعة أوهايو، بالولايات المتحدة، وباحثون من جامعة أمستردام بهولندا، بدراسة تتبعوا فيها 565 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 7و17 عاماً، وذويهم. وكان هدف الدراسة بشكل أساسي معرفة بداية ظهور الغرور، والفرق بينه وبين الثقة بالنفس، ودور الآباء في غرسه في الطفل منذ البداية حتى يشبّ، وتم طرح أسئلة على الآباء والأبناء تم إعدادها من قبل الأطباء النفسيين. وفي النهاية، أوضحت التجربة الفرق بين الأبناء الذين يتمتعون بالثقة في النفس والآخرين المغرورين، وظهر أن الأبناء الواثقين من أنفسهم راضون عن أنفسهم، ولديهم تقدير جيد لذاتهم. والذين يعانون من النرجسية والغرور لديهم اعتقاد تام بأنهم أفضل من أقرانهم، وأنهم أكثر تميزاً، ويستحقون قدراً أكبر من التقدير، وسجلوا جميعاً نتائج أعلى في الاختبارات النفسية للغرور والنرجسية. ومن تفسير الدراسة والتحليل، اتضح أن الأطفال بصفة عامة يصدقون آباءهم بطبيعة الحال، ويعتقدون اعتقاداً راسخاً بأنهم أفضل من زملائهم، واتفاقهم جميعاً على حب ذويهم لهم، وعدم افتقادهم مشاعر الحنان والاهتمام. كما أوضحت الدراسة في النهاية أن الأمر بسيط؛ حيث يجب على الآباء بطبيعة الحال تشجيع الأبناء، ولكن دون استخدام ألفاظ مثل: «أفضل» أو «أكثر قدرة» أو «أكثر تميزاً»، وهو الخطأ الذي يقع فيه جميع الآباء.

صفات المراهق المغرور الآثار النفسية للغرور.. تظهر بوضوح عند تطور مشاعر الغرور والنرجسية إلى الحد المرضي، وتتم بدافع إرضاء هذا الغرور، مثل:

لديه حالات هوس التملك والسيطرة على الآخرين، أو انعدام الثقة والمحبة تجاه المجتمع، وفي بعض الحالات قد يصل الأمر لمستوى المرض النفسي. غالباً ما يتحدث المراهق المغرور عن نفسه باستمرار، عن نجاحاته وقدراته ومهاراته وصفاته، للأشخاص الآخرين، صغاراً وكباراً. يتحدث عن نفسه معتقداً أنه مركز الحياة، والشخص الأكثر أهمية وتأثيراً في محيطه، ولا شيء يستحق الحديث عنه سوى نفسه. الشاب أو الفتاة المغرورة لا يرغبان بسماع الانتقادات من أحد، ويلاقيان أي انتقاد لسلوكهما وتصرفاتهما بالانزعاج والرفض إلى حد العداوة والحقد. الشاب المراهق لا يرغب بسماع شيء من الآخرين سوى الإطراء، ويرى أنه ليس من حق أحد انتقاد أي صفة في شخصيته، بينما يعطي لنفسه الحق في تقييم الآخرين. بسبب كل هذه التصرفات.. لا تجد المراهقة المغرورة أو الشاب المغرور كثيراً من الترحاب والتجاوب من قبل الآخرين، ما ينتج عنه من وحدة وانعزال. ومن الغريب أن هذا المراهق المغرور يبدو ضعيف الثقة بنفسه، فهو أساساً لا يدرك حجمها الحقيقي كونه مغروراً أو مخدوعاً بها، وبالتالي سوف يتعرض للكثير من المواقف المحرجة. وتكرار المواقف السلبية تجاه المراهق.. ستؤدي لإضعاف ثقته بنفسه، ما يجعله يلجأ إلى المبالغة في محبة ذاته وتقديرها؛ هرباً من الواقع وتعويضاً عن هذا النقص.. وهو ما يحدث للمراهقة المغرورة أيضاً.

خطوات لعلاج الشخصية المغرورة -وهنا يؤكد علماء التربية والطب النفسي، كما تقول الدكتورة فاطمة، أن الغرور سلوك سيئ نتيجة لمغالاة الأب في مدح ابنه ومبالغته في إطراء كل تصرف يقوم به. -وهو للأسف ينتشر بين الأطفال والمراهقين، وهو سلوك يضر بتطور شخصية الطفل والمراهق معاً وعلاقاتهما الاجتماعية، رغم أن الإنسان لا يولد مغروراً. وللعلاج.. هيا حددي المشكلة، ناقشي ابنك المراهق في سلوكه، واجعليه طرفاً في البحث عن علاج لهذا السلوك، فمن الضروري أن يشعر بأنكِ تشاركينه في حل المشكلة ولا تعادينه بسببها. -حددي مصدر هذا السلوك.. غالباً ما يكون مصدر التصرف بغرور لدى المراهق أو المراهقة هو الإحساس بقلة التقدير، والتي يترجمها بمحاولات مستمرة لإثارة إعجاب زملائه.. وربما كسبهم لصفه. -اشرحي لفتاتك عواقب سلوكها عليها -ذاتها- وعلى الآخرين، حاوريها حول شعورها تجاه صديقتها المفضلة إذا تصرفت معها بغرور، فأنتِ بذلك تقربين لها الصورة لمشاعر الآخرين تجاه سلوكها. -ركزي على بناء شخصية المراهق، وليس على إنجازاته، وجّهي اهتمامك للثناء على صبره ومثابرته في تحقيق أهدافه، أو على طيبته وإحسانه إلى الآخرين.. وامدحي أصدقاءه، وشجعيه على الاعتراف بمميزاتهم وإنجازاتهم وصفاتهم الإيجابية، وعوّديه على تقدير الآخرين.

ازرعي في طفلك روح التسامح والتواضع؛ لتجعلي منه إنساناً متواضعاً متسامحاً، يشع بالطِيبة والمشاعر الطَيبة في تعامله مع الآخرين. -إذا لاحظتِ تغييراً إيجابياً في سلوكه، فلا تترددي في إظهار ثنائكِ على ما تلاحظينه من تغيير إيجابي في شخصيته. -أظهري مميزاتك الشخصية عند اللزوم، حتى تؤكدي لابنك المراهق – أو ابنتك المراهقة- محدودية إمكاناته، فإذا كان ذكياً؛ أظهري ذكاءك أمامه. -تأكدي أن التعامل مع المراهق المغرور وتقويم سلوكه يمكن أن يكون سهلاً جداً، حيث يعتمد على طبيعة علاقتك معه، وتركيزكِ على بناء شخصيته مع تقدير إمكاناته، والابتعاد عن التركيز على إنجازاته. -إن إيمان المراهق بقوة شخصيتكِ وتفوق قدراتكِ يعزز من استعداده لقبول مسعاكِ في مساعدته على تقويم سلوكه، على أن يكون مشاركاً لكِ في عملية التغيير، وليس مجرد مستقبل لأوامركِ وتوجيهاتك. -سيدتي الأم.. أنتِ تعالجين أحياناً خطأ غير مقصود قدمته لطفلك -من دون قصد- عندما كان صغيراً، وتربى معه وكبر، لذلك تحلي بالصبر والهدوء والتفاهم وأنت تتعاملين معه؛ حتى يتخلص الابن المراهق وابنتك المراهقة من الغرور.



التعليقات