الخميس 1 ذو القِعدة 1445هـ 9 مايو 2024
موقع كلمة الإخباري
عرف أيضاً بـ "جعفر التوّاب"..
من هو جعفر الكذّاب الذي ادّعى الإمامة بعد الحسن العسكري؟
2023 / 09 / 24
0

جعفر بن علي المعروف بالكذاب هو ابن الإمام الهادي (ع) ولد عام 226 هجرية وكان رجلا غير مستقيم الطريقة وقد حذر الامام الهادي (ع) الناس من الاتصال به واتباعه حيث قال: "تجنبوا عن ولدي جعفر فإن نسبته مني كنسبة كنعان من نوح (ع)"[1] وصفه أبو الأديان أحد أصحاب الإمام الهادي بقوله: إني كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق و يلعب بالطنبور.[2]

ادعى جعفر الإمامة بعد شهادة والده و كان يقول: أنا إمام الناس و ليس اخي "العكسري" ومن هنا ذهب إلى الخليفة العباسي في زمانه و عرض عليه أن يهبه عشرين ألف دينار مقابل أن يؤيده في ادعاء الإمامة و يسلبها من أخيه الامام العسكري.[3] إلا أن الامام الحسن العسكري (ع) تصدى له و لم يسمح له في تحقيق مآربه التي كان يرومها وبقي على هذه الحالة حتى استشهاد الإمام الحسن العسكري و بداية الغيبة الصغرى حيث استغل الفرصة مرة أخرى ليعلن عن إمامته و يضل بذلك جمعا ممن اتبعوه و من هنا اشتهر بلقب جعفر الكذاب.

رُوِي عَنْ أَبِي خَالِدٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِي بْنِ الْحُسَينِ (السجاد): مَنِ الْإِمَامُ بَعْدَك؟ قَالَ مُحَمَّدٌ ابْنِي يبْقُرُ الْعِلْمَ بَقْراً وَ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ جَعْفَرٌ اسْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ السَّمَاءِ الصَّادِقُ. قُلْتُ: كيفَ صَارَ اسْمُهُ الصَّادِقَ وكلُّكمُ الصَّادِقُونَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ: إِذَا وُلِدَ ابْنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِي فَسَمُّوهُ الصَّادِقَ فَإِنَّ الْخَامِسَ مِنْ وُلْدِهِ الَّذِي اسْمُهُ جَعْفَرٌ يدَّعِي الْإِمَامَةَ اجْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ وكذِباً عَلَيهِ فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ جَعْفَرٌ الْكذَّابُ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّه.[4]‏

وروى ابن بابوية بسند معتبر عن أبي الأديان أنه قال: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وأحمل كتبه إلى الأمصار فدخلت عليه في علته التي توفي فيها فكتب معي كتبا و قال: امض بها إلى المدائن فإنك ستغيب خمسة عشر يوما و تدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر و تسمع الواعية في داري و تجدني على المغتسل. قال أبو الأديان: فقلت يا سيدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي. فقلت: زدني. فقال: من يصلي علي فهو القائم بعدي. فقلت: زدني. فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي. ثم منعتني هيبته أن أسأله عما في الهميان و خرجت بالكتب إلى المدائن و أخذت جواباتها و دخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي (ع) فإذا أنا بالواعية في داره و إذا به على المغتسل و إذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار و الشيعة من حوله يعزونه و يهنونه فقلت في نفسي إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ و يقامر في الجوسق و يلعب بالطنبور فتقدمت فعزيت و هنيت فلم يسألني عن شي‏ء ثم خرج عقيد فقال: يا سيدي قد كفن أخوك فقم و صل عليه فدخل جعفر بن علي و الشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة، فلما صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن علي (ع) على نعشه مكفنا فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجذب برداء جعفر بن علي و قال تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي، فتأخر جعفر و قد أربد وجهه و اصفر فتقدم الصبي و صلى عليه و دفن إلى جانب قبر أبيه (ع) ثم قال: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها إليه فقلت في نفسي: هذه بينتان بقي الهميان ثم خرجت إلى جعفر بن علي و هو يزفر فقال له حاجز الوشاء: يا سيدي من الصبي لنقيم الحجة عليه؟ فقال: و الله ما رأيته قط و لا أعرفه. فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي (ع) فعرفوا موته فقالوا: فمن نعزي فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه و عزوه و هنوه و قالوا: إن معنا كتبا و مالا فتقول ممن الكتب و كم المال فقام ينفض أثوابه و يقول: تريدون منا أن نعلم الغيب. قال فخرج الخادم فقال: معكم كتب فلان و فلان و فلان و هميان فيه ألف دينار و عشرة دنانير منها مطلية فدفعوا إليه الكتب و المال و قالوا: الذي وجه بك لأخذ ذلك هو الإمام‏.[5]

و للمؤرخين في بيان عاقبة الرجل و نهايته نظريتان:

الاولى: انه بقي مصرا على ادعائه الامامة حتى وفاته.

الثانية: انه تراجع عن ادعاء الامامة و تاب عن ذلك، و من هنا لقب من قبل الشيعة بجعفر التواب.

وفي رواية عن محمد بن عثمان العمري النائب الخاص للإمام الحجة (عج) انه قال: ان خرج التوقيع بتوبة جعفر و انه كإخوة يوسف (عليه السلام).

لم يعمر جعفر طويلا حيث مات عام 271 هجرية في سامراء[6].

الهوامش:

[1] محمدي اشتهاردي، محمد،حضرت مهدي فروغ تابان ولايت، الفصل الاول، انتشارات مسجد مقدس جمكران، الطبعة الثانية، 1376 شمسي.

[2] كمال الدين و تمام النعمة، تصحيح علي اكبر غفاري، ص 476.

[3] القمي، الحاج الشيخ عباس، منتهي الآمال، ج 2، ص 261 و الباب الثالث عشر من الفصل الخامس.

[4] بحارالأنوار، ج 47، ص 9، مؤسسة الوفاء، بيروت،1404هـ.

[5] كمال الدين و تمام النعمة، تصحيح علي اكبر غفاري، ص 476.

[6] دائرة معارف الشيعة، ج 5؛ قاموس الرجال، ج 2؛ المعارف و المعاريف، ج 2؛ دائرة المعارف الشيعية العامة، ‌ج 7.



التعليقات