حتى هذه اللحظة، من يوم السبت، يواصل الجيش الإسرائيلي هجماته وغاراته الجوية على مناطق مختفة من غزّة ولبنان، هذا يعني أنّ تل أبيب لن تستجيبَ لقرار المحكمة الجنائية الدولية، والتي أصدرت الخميس الماضي مذكرة قبض بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يؤاف غالانت.
وأفادت وسائل الإعلام ووزارة الصحة الفلسطينية، اليوم السبت، عن تعرض مدنيين في مناطق من خان يونس وقاع القرين وشرق مخيم البريج وسط قطاع عزة لهجمات إسرائيلية.
ويعودُ هذا الإصرار بحسب مراقبين ومحللين إلى "التعنّت من قبل تل أبيب في استمرار الحرب المدمّرة، على حساب المدنيين في غزّة، الذين يتعرضون لأبشع الجرائم" والتي صنفتها المحكمة الدولية بـ "حرب إبادة جماعية".
كما يشير آخرون إلى أنّ "استمرار تدفق الأسلحة من الولايات المتحدة نحو إسرائيل وخصوصاً الأسلحة المحرّمة دولياً، تزيد من هذا التعنّت والغرور لدى إسرائيل، التي تريد إجراء مفاوضات وفقاً لرأيها السياسي الذي لا يقبل إلا بالبقاء في الأراضي المحتلة داخل غزّة ولبنان".
فيما يؤكّدُ البعض بأنّ "الدعم المستمر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل في حربها على غزّة، وردّة الفعل الغاضبة من قبلها تجاه قرار المحكمة الجنائية الدولية، يطيل من أمد الحرب".
ولأسباب عديدة، أعربت واشنطن عن غضبها هذا وموقفها الدائم لإسرائيل، وأبرزها "استمرار سوق السلاح الأمريكي، حيث استوردت تل أبيب نحو (69%) من الأسلحة الأمريكية خلال العام الماضي، إلى جانب رغبة واشنطن في القضاء تماماً على المقاومة الإسلامية في كلٍّ من غزة ولبنان؛ كونهما تقف في طريق تنفيذ مخططاتها للتغيير وخلق (شرق أوسط جديد)، كما كشفت عن ذلك تصريحات المسؤولين الأمريكيين في الفترة الماضية.
كما تخشى واشنطن في الوقت ذاته، من أي فعل مباغت لإيران للرد على الضربات الإسرائيلية، وبالتالي لا يمكن إنهاء الحرب إلا بتحقيق شروط إسرائيل من المفاوضات الساعية لإيقاف الحرب في غزة، وهو ما تبحث عنه الولايات المتحدة، وتجعل من إسرائيل واجهةً لتحقيق ذلك وإبعاد الخطر عنها في الوقت ذاته.
ويذهب أستاذ القانون الدولي بجامعة كوين ماري، نيف جوردون في تصريح صحفي ترجمه (كلمة) الإخباري، إلى أنّ "دولاً أخرى يشملها قرار المحكمة الجنائية القاضي بعدم التعاون مع إسرائيل، وخصوصاً في إيقاف صادرات الأسلحة لها؛ كونها تشارك في قتل الأبرياء وحدوث جرائم لا إنسانية".
وبحسب ماري فإنّ "عدداً من الدول فإن "الدول الغربية لن تفرض حظراً على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وإنما تعمل على تقييد أنواع الأسلحة التي تصدّرها لتل أبيب".
ولكن في حال الاستمرار بذلك، يرى ماري أنه "من الممكن أيضاً اعتبار هذه الدول متواطئة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
ومثال على ذلك، فإن إسبانيا وبريطانيا وفرنسا، استمرت بتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ولكن هناك احتمالاً بأن تضطر إلى تقييدها بشكل أكبر، دون الامتناع نهائياً. وهذا ما يزيد من زخم الإصرار الإسرائيلي على استمرار الحرب والاستمرار في رفض قرار المحكمة الجنائية الدولية.
كما ويتضّح إصرار تل أبيب على تحدّي قرار المحكمة الجنائية، تصريح رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الذي قال أنه سيقوم بدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة بلاده.
وقال أوربان، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، اليوم السبت: إنه "سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة بلاده"، في رسالة واضحة لتحدّي مذكرة الاعتقال.
كما ذكر أوربان في تصريحاته للصحفيين: إنه "سيضمن "عدم تنفيذ مذكرة الاعتقال" والتي وصفها "بالخاطئة".
كما سيكفل "الأمان الكافي لنتنياهو في بلاده" على حد تعبيره.
مثل هذا التصريح فسّرته وسائل إعلامية عديدة بينها إذاعة (مونت كارلو الدولية) بأنّه "تقديم دعم لإسرائيل وتحدّي مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية" وهذا ما سيعطي طبعاً "زخماً مضاعفاً لبنيامين لمواصلة حربه على غزّة".
كما وصفت وسائل الإعلام ردود الفعل في كل من باريس وبرلين بأنها "ضبابية وغير واضحة"، لم تبدِ ردود فعلٍ أو موقفاً واضحاً تجاه قرار الجنائية الدولية.