السبت 9 ربيع الآخر 1446هـ 12 أكتوبر 2024
موقع كلمة الإخباري
أسرار مكتومة…
ليست نرجس وحدها: تعدد الروايات حول ولادة الإمام المنتظر
السيد محمّد عليّ الحلو
2024 / 09 / 22
0

كيف تقبلون رواية ولادة الإمام المهدي عن امرأة؛ واحدة فقط وهي جارية أبيه (نرجس) أم أن هناك رواة غيرها، ومن هم؟!

الجواب: لم تقتصر رواية ولادة الإمام المهدي على امرأة واحدة فقط، ولم يُسمع من السيدة نرجس رضوان الله عليها روايةً عن ولادته، نعم كانت هناك مشاهدات للسيدة حكيمة بنت الإمام الجواد (عليه السلام) تكفلت في نقل مشاهداتها ضمن روايةٍ صحيحة - ذكرت في محلها من كتب الإمامية فضلاً عن كتب غيرهم - وحاصل هذه الرواية أن الإمام العسكري (عليه السلام) استدعاها ليلة ولادته، ورأت في ولادته (عليه السلام) ما أبهرها ثمّ ناولته إلى أبيه بعد ذلك وانقطعت السيدة حكيمة عن رؤيته إلّا بعض الأحيان وكانت تشاهده في أدواره المختلفة من مرحلة الولادة إلى الرضاعة إلى الصبا، حتّى أدركته بعيد وفاة أبيه (عليه السلام).

على أن رواية الولادة الميمونة لم تقتصر على السيدة حكيمة فحسب، بل سعى الإمام العسكري (عليه السلام) إلى وقوف بعض ثقاته وشيعته على أمر ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) وضمن عدة أساليب:

أوّلاً: أسلوب المراسلات:

حيث عمد الإمام العسكري (عليه السلام) إلى أن يراسل بعض شيعته في أمر ولده (محمّد) كما في رسالته الموجهة إلى أحمد بن إسحاق، فقد جاء فيها:

(ولد المولود، فليكن عندك مستوراً وعن جميع الناس مكتوماً، فانا لم نظهر عليه إلّا الأقرب لقرابته، والمولى لولايته، أحببنا إعلامك ليسرّك الله به كما سرّنا والسلام).(1)

فقد حاول الإمام (عليه السلام) أن يبث بعض أخبار ولادة ولده (محمّد) بشكل حذر يقتصر على خيرة ثقاته، وأقرب خاصته.

ثانياً: أسلوب المشاهدة:

كان لهذا الأسلوب أثره في شياع ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، فإلى جانب حذر الإمام العسكري وترقبه من النظام والتكتم على ولادة ولده المهدي (عليه السلام)، عمد الإمام العسكري إلى أن يوقف بعض أصحابه (مشاهدةً) على ولادة ولده (محمّد (عليه السلام)).

فقد روى الصدوق بسنده عن محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) ومعاوية بن حكيم ومحمّد بن أيّوب بن نوح قالوا: عرض علينا أبو محمّد الحسن بن عليّ (عليه السلام) ونحن في منزله وكنا أربعين رجلاً فقال: (هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما أنكم لا ترونه بعد يومكم هذا).

قالوا: فخرجنا من عنده فما مضت إلّا أيام قلائل حتّى مضى أبو محمّد (عليه السلام).(2)

وروى الشيخ المفيد بسنده عن محمّد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر - وكان أسن شيخ من ولد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) بالعراق - قال: رأيت بن الحسن بن عليّ بن محمّد (عليهم السلام) بين المسجدين وهو غلام.(3)

وروى عن عمر الأهوازي قال: أرانيه أبو محمّد وقال: (هذا صاحبكم).(4)

وعن أحمد بن إسحاق قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليهما السلام) وأنا أريد أن أسأله عن الخلف بعده، فقال لي مبتدئاً: (يا أحمد بن إسحاق، إن الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم، ولا تخلو إلى يوم القيامة من حجة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض). قال: فقلت: يا بن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟

فنهض (عليه السلام) فدخل البيت ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء ثلاث سنين فقال: (يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، انه سمي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وكنيّه الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الأرض مثل الخضر (عليه السلام) ومثله كمثل ذي القرنين، والله ليغيبنّ غيبةً لا ينجو فيها من التهلكة إلّا من يثبته الله على القول بإمامته ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه...) إلى آخر الرواية التي يذكر فيها أنه تحدّث مع المهدي (عليه السلام).(5)

وعن يعقوب بن منفوس قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ (عليهما السلام) وهو جالس على دكان في الدار، وعن يمينه بيت عليه ستر مسبل فقلت له: سيدي من صاحب هذا الأمر؟ فقال: (ارفع الستر)، فرفعته، فخرج إلينا غلام خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك، واضح الجبين أبيض الوجه، دري المقلتين، شثن الكفين، معطوف الركبتين، في خده الأيمن خال، وفي رأسه ذؤابة، فجلس على فخذ أبي محمّد (عليه السلام) فقال: (هذا صاحبكم)، ثمّ وثب فقال له: (يا بني ادخل إلى الوقت المعلوم)، فدخل البيت وأنا أنظر إليه، ثمّ قال لي: (يا يعقوب أنظر من في البيت) فدخلت فما رأيت أحداً.(6)

هذه بعض مشاهدات الذين التقوا بالإمام المهدي (عليه السلام) فضلاً عن رواية أبيه وعمّته وغيرهما عن وقائع ولادته.

فلم يقتصر الأمر في ذلك على والدته في خبر ولادته وإن كنا لم نقف على روايةٍ عن والدته في هذا الشأن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار ٥: ١٦.

(2) كمال الدين وتمام النعمة ٢: ٣٩٩.

(3) الإرشاد للشيخ المفيد ٢: ٣٥٣ و٣٥٤.

(4) السابق.

(5) بحار الأنوار ٥٢: ٢٣.

(6) السابق.

محكمات السنن في الرد على شبهات أهل اليمن ـ شبهات الزيدية حول الإمام المهدي (عليه السلام).



التعليقات