العطلة الصيفيَّة على الأبواب، ترى كيف للشباب أن يستثمرها، وللطلاب أن يغنموا فوائدها؟
ينبغي على الطالِب أولاً أن يُعين أباه في هذا الزمن الصعب على تحمّل أعبائه الماليَّة الدّراسيَّة، يبحث عن عملٍ له ولو بأجرٍ قليل على أن لا يصل إلى حدِّ البخس؛ لأنه ظلمٌ ولا ينبغي للإنسان أن يُعينَ الظالِمَ على نفسه، وبذلك يستغني عن مساعدة أبيه ويغطي تكاليف سنته الدّراسية بالقدر الممكن.
وإذا لم يكن الطالب محتاجاً إلى عمل، أو احتاج ولم يجد عملاً فلا بأس أن ينخرط في ورشةٍ لتصليح السيارات، أو للنّجارة، أو لتأسيس الكهرباء والماء لقريبٍ أو معرفة يتعلَّم صنعةً له حتى ولو كان العمل بغير أجر، عسى بعد تعلّم الحرفة يفتح لنفسه ورشةً خاصةً بماله أو مع شريك، أو على الأقل يقوم بتصليح كهرباء وماء بيته أو سيارة أبيه بيده لا بيد الآخرين.
والتَّعلم حسنٌ على أيَّة حال.
ثم أن يتفق مع طالب علمٍ مؤمنٍ محصّل أن يعلّمه المسائل الابتلائيَّة في الوضوء والصلاة والخمس ولو لنصف ساعة ليلاً، أو موجز الأحكام لسماحة السيد المرجع – دام ظلُّه – توقفه على مفاتيح الرسالة العمليَّة، ويعلّمه تفسير سورتي الحمد والإخلاص ليعرف المعاني التي يقولُها في أثناء الصلاة، وإذا تعذَّر ذلك سمع شروح السيد صباح شبر للأحكام الفقهيَّة في الوضوء والصلاة والخمس ففيها غنىً بحمد الله للمؤمن وكفاية.
أن يقرأ باباً من كتاب الكافي بحسب ما ترغب به نفسه، ولو أن يقرأ منه حديثاً في الليلة، فحديثهم نور، ونورٌ على نورٍ يجعل القلب مضيئاً بمصباح كلماتهم – عليهم السلام –
وأن يقرأ كتاب المراجعات، أو مجلَّداً من كتاب الغدير إذا تعذَّرت قراءته جميعا، أو بعض ما سطرته أقلام علمائنا الأعلام في التفسير كبيان السيد الخوئي، أو السيرة ككتب الشيخ باقر القرشيّ، أو في الإمام المهدي ككتاب السيد محمد باقر الصدر، أو السقيفة للشيخ المظفر ونحو ذلك، وإذا رجع إلى فاضلٍ ثقةٍ متديّنٍ من أهل العلم لينتخب له كتاباً فهو خيرٌ وأحسن عملا.
وكلُّ تلك القراءة بتركيزٍ وتلخيصٍ وإخلاص.
وليكن لبدنك عليك حقاً، ادخل في قاعةٍ رياضيَّة وابن جسمك، فالمؤمن القويُّ خيرٌ من المؤمن الضعيف، ولتكن قوتك زكاةً للأمر بالمعروف بعد معرفة شرائطه وأخذ الاذن من المرجع الجامع للشرائط للقيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر باليد إذا اقتضى الأمر، ولإنصاف الضعيف وحماية المستضعف.
فإن تعذر ذلك شارك في فريق منطقتك بكرة القدم ونحو ذلك.
وكما للعقل والجسم نصيبٌ فللقلب نصيب، ليجعل ليلة الجمعة ويومها للسفر والتنزّه، فيجمع بين الزيارتين الدينيَّة والسياحيَّة، فيزور في أسبوع قبور أهل البيت – عليهم السلام – في النَّجف الأشرف وكربلاء المقدَّسة والكاظميَّة وسامراء العاليات.
ويحسن به إذا أراد زيارة إمامٍ من الأئمَّة أن يقرأ في سيرته – عليه السَّلام – ليكون – على مستوى ما – عارفاً بحقه ولو بهذا المقدار، وإذا تعذَّرت القراءة ليسمع محاضرةً وهو في الطريق عن هذا المعصوم – عليه السلام – ليدخل وفي قلبه المهابة والخشوع والعرفان بسيرة هذا الإمام المعصوم – صلوات الله عليه.
وفي الأسبوع الآخر ليزر آثار مدينته أو بلده، والمناطق السياحيَّة التي فيها، بحر النَّجف وطاراتها، والمدارس الدينيَّة التي فيها، آثار بابل، وموقع مردّ الشمس وإحراق الخليل – عليه السلام – المدائن وطاق كسرى، الأهوار، المتاحف، وغير ذلك مما ليس يحضرني الآن، ولتكن زيارته للعبرة والنظر " قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ"
وللتعلّم والاستكشاف بأن يقرأ عن تاريخ تلك المنطقة وآثارها وما تضمّه من خيرات وتحويه من كنوز، وعن عادات أهلها وتقاليدهم.
ولا بأس أن يكتب أوراقاً عن هذه السفرة وما لاقى منها وفيها، وعن الحوادث التي جرت.
وإذا استطعت أن تكتب بحثاً في المجال الذي تُحبُّه في العلم أو الأدب، أو تكتب قصةً أو شعراً فذلك جميلٌ منك.
فإذا صار الأسبوع الأخير من العطلة ووجد عنده القدرة الماليَّة، أو تبرَّع له متبرّع، أو تكفَّل بمصاريفه أبٌ رحيم أو ليٌّ حميم فليزر قبر النبيّ – صلى الله عليه وآله – وقبور أئمة البقيع – عليهم السلام – ويعتمر.
أو يزور قبر الإمام الرّضا والسيدة المعصومة – عليهما السَّلام- أو قبر السيدة زينب – عليها السلام –
والخلاصة
الصبح إلى ما بعد الظهر للعمل، وفي طريق العودة للبيت يمكن أن تتقضي بعض حاجياته كشراء الخبز، أو التسوق ونحو ذلك.
بعد الظهر العودة للبيت لتناول الغداء وأخذ قسطٍ من الراحة والنَّوم.
قبيل الغروب بساعة الذهاب إلى القاعة الرياضية أو فريق منطقتك ثم الذهاب للمسجد لأداء الصلاة.
في الليل للدرس عند طالب العلم، أو الاستماع للسيد صباح شبر، ثم القراءة لمدة ساعة تزيد أو تنقص بحسب الرغبة، أو كتابة بحث أو قصة أو غير ذلك.
والجدول ليس ملزماً لأحد، فلكلٍ ظرفه ويمكن التعديل والحذف والإضافة.
والله ولي التوفيق.