الخميس 7 ذو القِعدة 1445هـ 16 مايو 2024
موقع كلمة الإخباري
من وحي الأحداث.. إيران تصفع إسرائيل
صلاح الحلو
من وحي الأحداث.. إيران تصفع إسرائيل
2024 / 04 / 15
0

1-  أحياناً تجد رجلاً متجبّراً يجرر أذيال الكبرياء والعجرفة فتصفعه صفعةً قويَّةً  تريد إيلامه، وحيناً آخر تضربه ضربةً خفيفةً على وجهه تريد بها إهانته، والألم يذهب ويُنسى، ولا تذهب الإهانة ويبقى وقعُها في القلب، ويظلُّ أثرها في النَّفس، فتكون أشدَّ وقعاً وأعظم أثرا.

ما حدث في الأمس ردٌّ عسكريٌّ في أدنى المستويات، وهو ردٌّ محسوبٌ تتحكَّم فيه مؤثَّراتٌ إقليميَّةٌ ودوليَّة، وظروفٌ وملابساتٌ في غاية التعقيد كانت فيه رسالة سيبقى وقعُها في القلب ويظلُّ أثرها في النَّفس، وهي إهانة تلك الدويلة وإراءة النَّاس أنَّ حجمها صغيرٌ إلى درجةٍ لا تستطيع ردَّ هجومٍ مثل هذا في أقلّ مستوياته إلَّا بمعونة حلفائها.

ولقد جاءت الأخبار بحيرة رؤساء أركانهم في التعاطي مع الحدث رغم أنَّهم علموا به قبل وقوعه، وهل ذاك إلَّا لشديد وقعه ونكالِه عليهم؟

وإذا فرح المؤمنون بهذا الردِّ مرة فقد فرحت مرتينِ: مرَّةً لفرحهم، وأخرى بغضاً بالنَّواصب والبعثيين والقوميين العرب، الله وحده يعلم كم أكرههم.

2-  عاتب بعضُ المؤمنين أخوتهم: لِمَ لَمْ تنشروا عن هذا الحدث؟ ألا يستحق الإشادة؟ ألم تفرحوا به؟

وكأنَّ من نشر وأكثر النَّشر صار سلمان المحمَّدي، ومن لم ينشر وسكت عن الموضوع صار يزيد بن معاوية، وهذا من آفة الإفراط والتفريط في التعاطي مع كلِّ أمر، والتفاعل مع كلِ شيء، وأنا أعرف أنَّ في المؤمنين ممن لم ينشر من هو أثبت قدماً في ساحة الإيمان وأرسخ وتداً في ميدان التديُّن ممن نشر وكتب تلك الأدبيات السلفيَّة : لا يُفتِ قاعدٌ لقائمٍ، وكأنَّ قيام القائم يمنُّ به على قعود القاعد والله تعالى يقول: لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم، فيكون كطلحة لمَّا قطع اصبعه في المعركة فصار يمنُّ به على المسلمين ويريد به حقوقاً وامتيازات.

والطريف أن هذا المانَّ لم يُسيّر طائرةً ولا أطلق صاروخا، فهلَّا كان كأبي عبد الله الحسين – عليه السلام – وقد أراق دمه على منحر الشهادة، وقدَّم أولاده على مذبح التضحية وكشف وجه نسوته ليستتر  وجهُ الدين ومع هذا يقول: خُذ حتى ترضى! فلم يمُنَّ بهذه التضحيات على أحد، وليس لهم دمٌ كدمه، ولا أولادٌ كأولاده، ولا نساءٌ ومخدَّراتٌ كنسائه ومخدَّراته.

فالقيام تكليفٌ كسائر التكاليف على حدِّ الصيام والصلاة والحجِّ فهل يمنُّ حاجٌّ أو مصلٍّ أو صائمٌ على الأخرين بحجّه وصومه وصلاته؟

وها هو زيد بن عليٍّ – عليهما السلام – ثار في وجه الأمويين ولكنَّه كان يأخذ فتواه من الإمام الصادق – عليه السلام – فلم يقل: لا يُفتِ قاعدٌ لقائم.

ولقد سألتُ أحدَ المؤمنين ممن قضى ردحاً من أيَّام النظام السَّابق في السجن، وجاهد بالنَّفس في فتوى الحشد، وكان مبتلياً بقضاء حاجات عشرات العوائل ولن أبالغ حين أقول: بل مئات المؤمنين يسعى في تلبيتها ليل نهار، صباح مساء، سألتُهُ – وأنا ممن يستنير برأيه – عن رأيه بما جرى من أحداثٍ وقعت قبل أشهر.

فقال إنَّه متوقف!

فعجبتُ من كلامه، ثم ذكرتُ أنَّه مقلِّد لمرجِعِهِ، وبما أن التقليد هو متابعته في عباداته ومعاملاته بل وحركاته وسكناته فهو لا يتَّخذ موقفاً ولو بهذا المقدار من التعاطف أو الشَّجب إلَّا بسماع الموقف من مرجعه صراحةً، وذكَّرني بالمقداد كان لشدَّة اتّباعه أمير المؤمنين – عليه السلام – يضع قدمه على موضع قدمه – عليه السلام – كذلك قرأت في النَّجاشيِّ من قديمٍ إن كانت معلومتي صحيحة، فالذين لم ينشروا أولئك هم المقداديون.

ومن جهةٍ أخرى لا ينبغي الطعن في تديّن من نشر وبالغ في النَّشر وأكثر وجعله ذيلاً وعميلاً، غايته أنه مؤمنٌ فرح بانتصار المؤمنين، وما يضرُّك أن يفرح مؤمنٌ بمؤمن؟ أولئك محضوا الإيمان محضا.

التعليقات