السبت 18 شوّال 1445هـ 27 أبريل 2024
موقع كلمة الإخباري
هشاشة التوافقات
حمزة مصطفى
هشاشة التوافقات
2024 / 03 / 20
0

بعد مرور 21 عاما على التغيير لاتزال العملية السياسية العراقية تعاني عدم الاستقرار. عدم الاستقرار هذا ناتج عن مجموعة عوامل يبقى الأبرز فيها إنعدام الثقة بين أطرافها السياسية التي تمثل في النهاية المكونات العرقية والطائفية. وبالتالي فإن أي أزمة تحصل بين أي طرف فيها أو أكثر لاتنحصر في سياق ماهو حزبي عابر بل سرعان ماتتحول الى أزمة بين المكونات يمكن أن تهدد العملية السياسية برمتها. الغريب أن هذا كثيرا مايحصل برغم وجود مثلما هو مفترض مصدات من شأنها منع أية عملية إنهيار. ففي المقام الأول لدينا دستور يفترض أن يكون خيمة يستظل بها الجميع. ولدينا تداول سلمي للسلطة يقوم على عملية ديمقراطية تجرى بموجبها انتخابات دورية يجري بموجبها كل أربع سنوات برلمان يمثل الشعب ويشكل حكومة. 

لكن مع ذلك تبقى الأزمة قائمة وتتجدد بإستمرار مع كم من التهديدات التي من شأنها فيما لو جرى تنفيذها تهديد وحدة العراق. وإذا إخذنا أزمتين نعانيهما حاليا وهما الية إنتخاب رئيس جديد لمجلس النواب بعد شغور للمنصب منذ أربعة أشهر, والازمة الثانية هي انتخابات إقليم كردستان وتهديدات الحزب الديمقراطي الكردستاني الإنسجاب من العملية السياسية مع عدم المشاركة في الانتخابات فإن كلتا  الأزمتين تعبران تماما عن طبيعة الهشاشة في التوافقات السياسية. على صعيد الحالة الثانية المتعلقة بكردستان فإنها لاتقل خطورة عن تداعيات عدم التوافق على إنتخاب رئيس برلمان. فكردستان مثلما هو معروف إقليم فيدرالي ضمن الدستور العراقي. وفي حال إنسحاب حزب كبير مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني ومايمكن ان يتركه من تداعيات فإنها تمثل قلقا حقيقيا ليس فقط داخل العراق بل خارجه أيضا. فعملية الانسحاب إذا ماحصلت يمكن أن تهدد التجربة الديمقراطية العراقية برمتها. 

وعلى صعيد ازمة إنتخاب رئيس جديد لمجلس النواب فإن الأزمة وإن تبدو داخل البيت السني وفي إطار صراع أطراف المكون السني السياسية لكنها من منظور ابعد لاتبدو كذلك. فالشريك الأكبر للسنة والكرد وهو الشريك الشيعي بات من وجهة نظر الطرفين السني والكردي يتجه نحو حكم الأغلبية. وفي الوقت الذي تبدو فيه الأغلبية طبيعية في حساب مقاعد البرلمان كون الأحزاب الشيعية تمثل الأغلبية داخل البرلمان لكن مفهوم الأغلبية هنا يتجاوز في هذه الحالة البعد السياسي في سياق اللعبة الديمقراطية الى أغلبية مذهبية وتاليا طائقية يمكن أن تمثل تهديدا مستقبليا لوحدة العراق. ففي الوقت الذي يرى الكرد أن هناك محاولات لتقزيم إقليمهم تحت ذرائع مختلفة فإن الأطراف السنية التي لديها إعتراضات على بعض السياسات من قبل الشريك الشيعي يتم إتهامهم بالسعي الى التفريط بوحدة العراق عبر إقامة إقليم سني الذي تحول الى تهمة بينما هو فصل طويل عريض بالدستور. وفي كل الأحوال فإن إستمرار هذه الأزمات وإن كان يعبر عن أزمة ثقة لكن الحلول تبقى دائما وابدا ترقيعية لأن الجميع متواطئ مع الجميع طالما المسالة في النهاية سلطة ونفوذ.

التعليقات