يعيش العراق مرحلة جديدة من
التجاذبات السياسية الخارجية والداخلية، حيث تعاني الحكومة الجديدة
من ضغوط أمريكية وإيرانية متضادة، في الوقت الذي يحاول رئيس الوزراء
محمد شياع السوداني منح التحركات الخارجية لبغداد قدرا من
الاستقلالية.
هل يستطيع السوداني تخليص بلاده من فخ واشنطن وطهران في ظل سيطرة كل طرف على آليات داخلية بعينها، وهل تظل بغداد رهينة لصراع الملف النووي الإيراني والذي يتم إدارته على أرض محايدة؟
بداية، يقول الكاتب والباحث السياسي العراقي، الدكتور خالد النعيمي: "سيبقى العراق ساحة مفتوحة للصراع والتنافس على كسب النفوذ والولاءات بين أمريكا وإيران إلى زمن مفتوح مرتبط بمستقبل العلاقات بين أمريكا وأيران، وسيدفع الشعب العراقي تبعات ذلك اقتصاديا وأمنيا".
السيطرة الأمريكية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "تتحكم الولايات المتحدة الأمريكية بحلقات مهمة في الجانب المالي والاقتصادي العراقي، من خلال سيطرتها على مداخيل العراق من البترودولار، حيث يحتفظ البنك الفيدرالي الأمريكي بعائدات العراق من الدولار، كما هو معروف وفق اتفاقيات سابقة جرت بعد الاحتلال الأمريكي على أساس حماية الأموال العراقية من طلبات الديون لدول وشركات نتيجة حرب الكويت".
وبحسب النعيمي، "لا تزال القوات الأمريكية في إطار قوات التحالف الدولي تتواجد في أماكن وقواعد مهمة، مثل عين الأسد في صحراء الأنبار (غرب) وإقليم كردستان (شمال)".
الأقوى على الأرض
ويرى الباحث السياسي أن "الجانب الإيراني هو الأكثر نفوذا على الأرض من خلال المليشيات الشيعية المرتبطة به، والتي تعمل تحت مسمى الحشد الشعبي وهي قادرة على ممارسة ضغوط مؤثرة على السوداني وحكومته، إذا حاول الخروج عن الخط السياسي والأمني المسموح به في العلاقة مع أمريكا، لذلك فإنه سيحاول اتخاذ منحى سياسي قائم على التوازن في علاقاته مع أمريكا والمحيط العربي من جهة ومع إيران من جهة أخرى".
تعديل الاتفاقية
من جانبه، يقول الدكتور فرات خورشيد، الباحث العراقي في الشؤون الأمنية والسياسية: "يتعرض رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى (ضغوط أمريكية) متزايدة، بعد حصول البيت الأبيض على معلومات بممارسة الإطار التنسيقي ضغوطا مماثلة على السوداني تهدف إلى "تعديل" اتفاقية الإطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وفرض حظر على استخدام الطائرات المسيرة من قبل الولايات المتحدة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "الإدارة الأمريكية وبعد حصولها على معلومات عن وجود دفع من الإطار لتعديل اتفاقية الإطار الاستراتيجي، باتت تمارس ضغوطا خاصة بها على السوداني، تهدف من خلالها إلى توسعة عمل الاتفاقية ومنح المزيد من الامتيازات للقوات الأمريكية المتمركزة في العراق".
واستدرك خورشيد بالقول: "إلا أن تحركات الإطار التنسيقي ضد الاتفاقية، أثبتت أن الحكومة العراقية، والتي سيطر الإطار التنسيقي على جزء كبير منها بعد الانتخابات الماضية وانسحاب نواب الكتلة الصدرية- التي كان من المفترض أنها هي من ستقوم بتشكيل الحكومة الجديدة بالتحالف مع الطرف السني والكردي وتحجيم الإطار التنسيقي الموالي لإيران- لم تعد ترغب بالحفاظ على علاقات متوازنة بين الولايات المتحدة وإيران، الأمر الذي حذرت من أنه سيقود إلى مزيد من المشاكل بين واشنطن وبغداد".
علاقات متوازنة
ومضى بالقول: "لكن على ما يبدو فإن السوداني سيسعى إلى الاحتفاظ بـ"علاقات ودية" مع كل من طهران وواشنطن، وسيتجنب "حرق الجسور" مع الدول العربية التي حاول أسلافه في رئاسة الحكومة تطويرها، وذلك برغم أن إيران وحلفاءها العراقيين سيبذلون جهودا ضخمة لاجباره على النأي بالعراق عن الولايات المتحدة والدول العربية".
ورجح خورشيد أن "يقاوم" السوداني مثل هذا الضغط قدر الإمكان "لأنه يرى أن سياسة خارجية متوازنة ضرورية للحفاظ على الموقف المستقل للبلد، ومساعدة اقتصاده المضطرب، ومنع إحياء فلول داعش".
وطالبت أحزاب في "الإطار التنسيقي"، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط "، "رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، التفاوض لتعديل "الاتفاق الاستراتيجي" مع واشنطن لحظر طيران المسيّرات، وإخراج القوات الأمريكية من البلاد".
وقالت المصادر، إن رئيس الوزراء تلقى إشارات من الإدارة الأمريكية عن "نية جادة لتعزيز العلاقة بين البلدين، وتطوير (الاتفاق الاستراتيجي)، لكن هذا يجعل السوداني في "مواجهة شرسة" مع أحزاب شيعية مناهضة للوجود الأمريكي، بل العلاقة مع واشنطن".