حين يذكر علي عليه السلام،
تتبلد كل حواسي وتتلاشى كل كلماتي، لو كتبت عنه؟، ماذا سأكتب؟
من أين سأبدأ وأين أنتهي، وهل أنا مؤهلة لأصف حبل الله المتين،
القران الناطق، الصراط المستقيم؟، من ضرب أعداء الله بالسيفين، وطعن
المشركين بالرمحين؟، من قلع باب خيبر وقتل مرحب؟ من كانت
ضربته في معركة الخندق، وقتله لعمرو بن عبد ود تعادل الثقلين؟ هذا
أبا الحسن والحسين، وهل تفي كلماتي حقك يا
مولاي؟!.
هل تصف حروفي ألم فقدك؟! لا أعلم يا علي كيف أنعاك، وبأي مرثية سأرثيك؟ وأي دموع مني سأبكيك؟.
ربما أكتبك بحروف نسوة الجنوب الشروگيات، وأبكيك بحزن كحزنهن الذي يخترق الأضلاع ويعتصر الفؤاد، حين يخرجن الآه من صدورهن، ”الف ياحيف صگار الزلم مات، إلك بيرغ عراضة وكون هوسات“.
يا علي كلما إقترب شهر رمضان نفرح، لأنه شهر المغفرة والطاعة والرحمة، لكن يعتصرنا الحزن لإننا سنفقدك فيه يا سيدي، نفجع كل سنة ويتجدد العزاء كل مرة وكأن المصيبة حلت علينا الآن، وكأنك يا علي قد ضربت بسيف إبن ملجم اللعين مرة أخرى.
في بيوتنا الجنوبية البسيطة تنتشر مظاهر الحزن والعزاء العميقة، فوجوه أباءنا وأمهاتنا السمراء غشاها الحزن والإنكسار، فوالدهم علي قتل غدرا في محراب صلاته، من لنا بعدك يا علي؟!.
حين تسأل تلك النسوة من هو علي وهل تعرفينه ورأيته حتى تحزني كل هذا الحزن ؟! فيجبنك ببساطتهن ”چا غير هو إمامي وشفيعي “، رغم إنهن لم يحضرن بيعة الغدير، ولم يشهد بالبيعة أمام الله ورسوله وملائكته، آنذاك كما فعل من حضر البيعة ونكروا حق إمامنا، الإ انهن وبعد أكثر من 1400 سنة يعترفن بإمامته، وأن عليا هو الخليفة الحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم، هن يعترفن ويقرن بولايته رغم التشويه والتحريف، الذي مارسه الأمويون والعباسيون ضد علي و نسله الطاهر، على مر التأريخ، حين تسألها ما هو ترتيب علي عليه السلام بين الخلفاء، تجيبك هو أول خليفة بعد النبي الأكرم وولديه الحسن والحسين وسلالتهم الطاهرة، الأحق بالحكم بكتاب الله وسنة نبيه، من شاربي الخمر ومرتكبي الآثام والفجور، من سلبوا عليا حقه ولا أحد بعدهم.
ولو سألتها كيف سيشفع لك علي ومتى؟!، تجيبك بإطمئنان شديد، ”في كل لحظة و كل يوم علي شفيعي، أنا حين أمرض أنادي دخيلك يا علي، وحين أقع بشدة أندب علي، وعندما يلم بي ألم الطلق أصرخ بكل ما أوتيت من قوتي ووجعي يا علي، أنا حين أفرح أهلل بإسم علي وحين أصلي أشهد بأن الولي هو علي، وحين تأتي المنية أطلب أن يدفنوني قرب علي، وعندما يسألني منكر ونكير سيحضرني علي، ليهدأ خوفي وضيق القبر عني، فأنا ضيفته وأصبحت جارته، وهو أهل للضيافة والإجارة، وحين أسير على السراط سيأخذ علي بيدي الى الجنة، وهذا يقيني وإيماني، فكيف لا أحب عليا، وهل الحياة حياة بلا علي؟!.
علي الحبل والوصل بيننا وبين الله، لولا محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم، لم تخلق أرض ولم ترفع سماء، علي من تشرفت وتطهرت الكعبة بمولده فيها“، عظيمة كلماتك أيتها الجنوبية.
هل عرفت لماذا أقول أن علي إمامي وشفيعي ولم أحبه؟!، علي عليه السلام رسالة حق ظلمت، علي كلمة الله التي يجب أن يحفظها أولادنا وينادون بها، علي إسم يرعب كل باطل، علي نهج يسير عليه أصحاب الحق والدين، علي شجاعة تقوى بها أبنائنا حين إنقضوا على أعدائهم وغلبوهم بنداء يا علي، وحرروا بإسمه الأرض والعرض من دنس الإرهاب، علي بسملة يبدأ بها المحب صلاته وخشوعه، علي محراب طاهر، علي أمان ظاهر، علي نور من نور الله، علي كلمة عظيمة وسر من أسرار الله، علي درعي وحصني وسندي من طوارق الأزمان.
ساعجز وتعجز كلماتي عن وصف علي، علي من قال له النبي صلى الله عليه وسلم ” يا علي لا يعرف الله الإ أنا وأنت، ولا يعرفني الإ الله وأنت، ولا يعرفك إلا الله وأنا“
وختمت لي تلك الجنوبية الشروگية حديثها ب:
علي سر الغياهب علي سر الله وخفياته.
إله بالغامضات أعلوم وعنده أسرار ظلماته.
علي مكة ومنى والطور علي بالحشر سلطاته.
علي اليعلم بما هو آت علي البرهان وآياته.
من غيره رد شمس الدنيا؟!
عظم الله لنا ولكم الاجر والثواب بذكرى إستشهاد مولاي أسد الله الغالب علي بن أبي طالب عليه السلام.