الخميس 20 جمادى الأول 1446هـ 21 نوفمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
فوبيا المعارضة السياسيَّة
د. علاء هادي الحطاب
فوبيا المعارضة السياسيَّة
2022 / 02 / 20
0
ارتبط مفهوم المعارضة السياسيَّة بنشوء حالة من عدم الرضا والاستقرار والقلق الاجتماعي عن تذمر المجتمع من أداء السلطة، بسبب بروز حالة التناقض بين المجتمع والسلطة، ما يسبب على الدوام تمرداً في درجات مختلفة من الشعب تجاه السلطة، ويؤدي بالنتيجة الى حالة عدم الاستقرار السياسي الذي يرمي بظلاله على الأصعدة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والأمنيَّة وحتى الثقافيَّة.
***
إنَّ حالة عدم الرضا تتبلور في بوتقة جهدٍ موحدة، وتمرُّ بحالات مخاض تنتج معارضة واضحة المعالم والمدركات، من خلال ظهورها على شكل حزبٍ سياسي أو منظمة مجتمع مدني، وصولاً الى مرحلة التجمعات السياسيَّة عالية التنظيم والدقة، التي باستطاعتها تأدية دور المعارض للحكومة ليس فقط من خلال تشخيص الأخطاء، بل وإيجاد البدائل والحلول لها عبر ضواغط متعددة على الحكومة تدفع باتجاه تقدم الأداء الحكومي وإزالة التناقضات بين السلطة والشعب بشكلٍ يضمن عدم الذهاب الى الفوضى وبقاء سيادة القانون. وعرف الأستاذ الدكتور عبد الإله بلقزيز المعارضة السياسيَّة بأنها «التمثيل السياسي للقوى الاجتماعيَّة، ومن خلاله تتحقق مشاركة هذه القوى في الحياة السياسيَّة وصنع القرار».
واضح جداً بعد نتائج الانتخابات أنَّ لا فائز بأغلبيَّة مريحة يستطيع تشكيل كامل الوزارة (الحكومة) لوحده من دون الآخرين، وبات واضحاً كذلك رغبة أحزاب سياسيَّة بعدم العودة الى التوافق التام ومشاركة كل الفائزين في تشكيل تلك الوزارة، بالشكل الذي يمنع وجود أحزابٍ يُمكن لها أنْ تكون فاعلة في معارضة الحكومة وليس تشخيص أخطائها، بل واقتراح بدائل لسياساتها العامَّة، هذه الخلطة (التوافق الشامل) كانت أحد أسباب غياب الدور الرقابي للسلطة التشريعيَّة، وكذلك كانت سبباً رئيساً في تأخر المشاريع وفسادها وفق مبدأ «طمطم لي وأطمطم لك».
اليوم بعد انتفاضة تشرين لم يُعد ممكناً استمرار هذه الخلطة سواء كانت لعطار أو طباخ، إذ لم يحتمل المزاج العراقي بعد اليوم أنْ يشترك جميع الفائزين في تشكيل الحكومة، وتستمر صيغة الأداء السياسي كما السابق، فإنْ عادت (التوافقيَّة الشاملة) عادت التظاهرات المطلبيَّة لا السياسيَّة من جديد، وهذه المرة عند عودتها لن تبقي لهذا النظام السياسي ولن تذر. لذا فإنَّ فوبيا الذهاب الى المعارضة السياسيَّة التي تعيشها القوى السياسيَّة يجب أنْ تنتهي وتتأقلم على قبول صيغة المعارضة السياسيَّة التي قد توصلها مرَّة أخرى الى الحكم، إنْ نجحت في أدائها المعارض لإخفاقات السلطة وتقديمها البديل الناجح، لأنَّ المعارضة السياسيَّة من شأنها تحقيق التوازن السياسي وعدم جنوح السلطة الى الدكتاتوريَّة.
التعليقات