سمير عبيد
لقد أبهرت الصين العالم كله برباطة الجأش، وعدم التشكي، والابتعاد عّن التخوين والتشكيك والحرب الإعلامية والكلامية. واعتمدت على ذاتها وطاقاتها فشدت الأحزمة على البطون وتحت شعار ” لا يُنقذ البيت المحترق إلا أهله” .
فلقد اعتبرتها الصين هدية من السماء رغم الألم بل اختبار مبكر لحرب بيولوجية. فأختبرت ذاتها ونجحت نجاحاً باهراً أمام تخبط أكبر دولة في العالم وهي الولايات المتحدة التي عجزت عّن التصدي ولجأت للصلاة لا بل كشفت عّن وجهها القبيح واللاأخلاقي عندما باتت معركتها كيفية (احتكار العلاج ضد كورونا ولصالح الأميركيين فقط ثم المتاجرة فيه) لا بل تخلت مباشرة عّن جيرانها وعن حلفائها الأوربيين .
ومن هناك تقهقرت القارة الأوربية وجبروتها أمام هذا الفيروس الذي لا يُرى بالعين المُجرّدة وباتت تصرخ وتبكي بحيث سارعت الصين لأرسال الأطباء والمعدات والمستلزمات الطبية الى إيطاليا وأسبانيا ودول اخرى لتضمد جراحهم
وهنا تجسد الفرق شاسعاً بين تصرفات بلد حضاري متواضع مثل الصين وبين بلد نواته ونواة ثقافته قطاع الطرق والكاوبوي وقتلة أصحاب الأرض الهنود الحمر الآمنين وهي الولايات المتحدة.
أسرار الانتصار الصيني على فيروس كورونا
1- سر الأنضباط والتعاون وقوة القرار
عندما ضرب الفيروس كورونا ولاية ووهان الصينية ليس خبرا عابرا أو تجربة بسيطة . فهو لم يصب مدينة مثل الرياض أو مثل بغداد لا سمح الله او مثل مالطا أو مثل بيروت أو مثل عاصمة قبرص. بل ضرب مدينة تعداد سكانها “11مليون أنسان ” .والعدد ليس نزهة فهو أكثر من عدد نفوس خمس دول خليجية زائد مالطا ولبنان.
ومع ذلك لم ترتبك الصين ففرضت عزلا تاماً على المدينة وعلى سكانها لمدة 60 يوماً. وليس الانتصار هنا .بل الانتصار أن هؤلاء ال11 مليون نسمه وصلت اليهم الأدوية والطعام والماء والمستلزمات والإسعافات أول بأول ….
لا بل انظر للألتزام لدى الشعب الصيني وعندما أعلنت الحكومة الصينية ( على كل مواطن خارج من مدينة ووهان العودة اليها بسرعة وعاد الجميع لمدينتهم وتم حجزهم لشهرين ) فأي شعب هذا وأي قيادة وأي صبر والتزام …واي تعاون بلا صريح وشكوى !!!. والسر يمكن هنا بثقة الشعب الصيني بقيادته وحكومته !.
2-عدم الشكوى وأشغال الإعلام بالكارثة بل كان أعلاماً عملاقا .
لقد عُزلت ولاية بأكملها وعدد سكانها ال 11 مليون نسمه . وجميعنا اطلعنا ان عدد المصابين تجاوز ال 100 الف حالة توفى منهم حوالي 3210 نسمة .ولكن لم ترتبك الصين ولَم يهول إعلامها بل ركز الاعلام الصيني العظيم على نشر الوعي ونشر الثبات وبطرق عاطفية ووطنية ولَم يزيف الحقائق بل كان صادقا مع الشعب !!.
3- التعبئة التي أذهلت العالم
لقد أذهلت الصين العالم بتعبئة امكانياتها المادية والعلمية والتكنولوجية والبشرية بحيث جعلتها في تناسق خدمي وديناميكي دون أخطاء.. اذهل العالم وكان له الدور البارز في تطويق الكارثة وحصرها والتغلب عليها وأعلان الانتصار من بؤرة الوباء حيث مدينة ووهان وبلسان الرئيس الصيني!!.
4- نجاح الصين في الاعتماد على العامل التقني.
لقد أذهلت الصين العالم عندما لجأت الى استخدام العوامل التقنية الصينية في محاربة الوباء. حيث استعلمت الطائرات المسيرة في نشر الوعي والتبليغ عّن الحالات والوصول الى ابعد نقطة يُراد الوصول اليها …. وقامت باستعمال (الروبوتات) لفحص الناس وقياس درجات حرارة اجسامهم وهنا سجلت الصين ثورة علمية في دعم حالات الطوارئ من خارج طاقة الانسان الطبيعي !!.
5- والاهم هي المصداقية والشفافية من قبل الحكومة الصينية تجاه شعبها!
لقد سجلت القيادة الصينية نهجاً سياسيا وعملياتيا جديدا اثناء الكوارث وحالات الطوارىء وهو (نهج المصداقية والشفافية) بحيث كلما توفرت المصداقية وتوفرت الشفافية بنقل الحقائق والأرقام كلما التف الشعب والجمهور حول قيادته. وهذا ما حصل في الصين اثناء أزمة فيروس كورونا. بحيث تحول الشعب الصيني الى حكومة ظل رديفة لدعم القيادة الصينية الرسمية في تلك المِحنة بسبب أصرار الحكومة الصينية على المصداقية والشفافية بنقل الحقيقة للشعب الصيني والعالم! ومن وراء ذلك حققت الحكومة إنجازات بلا مشاكل وهي:
1- نجحت القيادة الصينية بفرض الطاعة الطوعية من قبل الشعب الصيني لإجراءات الحكومة والجميع لزم البيوت بسبب المصداقية والشفافية من قبل الحكومة.
2-نجحت في كسب الاعلام الذي عندما وجد المصداقية والشفافية والحقيقة من قبل القيادة الصينية سارع ليكون مع القيادة الصينية بنشر الوعي والتثقيف.
3- التزام الشعب الصيني بالتعليمات التي كانت تصدر من اللجان والهيئات المخولة بإعطاء التعليمات والإرشادات والقرارات وذلك بسبب المصداقية والشفافية من لدن القيادة الصينية.
الخلاصة:
سجلت الصين وبنجاح تجربة ريادية في ادارة الأزمات والكوارث وبات النهج الصيني مثالا لدول العالم. حيث باتت تقتدي به حكومات ودوّل العالم. وهي فرصة لأي دولة بالعالم ودولنا العربية اتباع التجربة الصينية لتحقيق النجاح
ولكن المشكلة من أينَ تأتي بالمصداقية والشفافية للحكومات والساسة في العراق وحكومات المنطقة ….. فتوفرها مستحيلا وعدم الشفافية والكذب شعار عملهم.