السبت 18 شوّال 1445هـ 27 أبريل 2024
موقع كلمة الإخباري
عُقدة سالييري الإطاريّة
علي وجيه
عُقدة سالييري الإطاريّة
2024 / 03 / 22
0

يستقرّ الموسيقار أنطونيو سالييري، في البلاط، موسيقياً مرموقاً، ومديراً للأوبرا، حتى يدخلَ حياته موزارت، الموهوب، الساحر، ليكون تهديده، هذا الطفل غير المشهور الذي لا يمتلكُ سوى الموهبة.

تندثرُ تدريجياً موسيقى سالييري، ويشعّ موزارت، ويتناقل الناس ما يؤلف، حتى تنشأ هذه العقدة، وهي بطريقةٍ ما، تعبّر عن "قتل الابن"، بمقابل عقدة "أوديب"، قتل الأب. 

يقول السيّد نوري المالكي، في حوارٍ يوم أمس، غامزاً محمّد شياع السوداني وعن إمكانية حصول الأخير على ولاية ثانية: إن بناء جسر أو جسرين، أو مستشفى، لا يعني ذلك يجب الحصول [بسبب هذا] على دورة ثانية.

ويأتي هذا التصريح، بعد حرب شعواء، قادَها قادةُ الإطار، ومكائنهم الإعلامية، ضدّ مُحافظي كربلاء، واسط، البصرة: نصيّف الخطابي، محمّد جميل الميّاحي، أسعد العيداني.

والثلاثة هؤلاء، مع السوداني، ينتمون للجيل الشيعيّ الثاني، في حين بدأت الشيخوخة والتعب بالتهام الجيل الأول.

بطريقةٍ ما، يجمعُ بين هؤلاء الأربعة صفات متشابهة، هم محلّيون، وقضوا مرحلة ما قبل ٢٠٠٣ داخل العراق، وهم، وإن انتظموا سياسياً، فهم ليسوا مُندكّين آيديولوجياً بحركاتهم، هم شيعة لكنهم لا يستخدمون الخطاب الديني بإفراط، وهم حزبيون، لكنهم يتخلّون عن الحزب بلحظة [كما استقال السوداني من الدعوة حين ذُكر اسمه مرشّحاً لرئاسة الوزراء بعد عبد المهدي، أيّام الاحتجاجات]، والأهم: يركّزون على الملف الخدمي، لا على الخطاب النظريّ، او انتظار صناعة أزمة ليزدهروا بحلّها، كما دأبت الأحزاب الكلاسيكية.

ينظرُ زعماء الإطار إلى هؤلاء بوصفهم زرعهم الذي نشأ بماء تلك الحركات، ورعايتها، ومن المستحيل أن يصبحَ أحدٌ منهم رئيساً للوزراء، أو محافظاً، دون عمل المكائن الانتخابية، وجماهير تلك الأحزاب: وعليه، من غير المنطقيّ أن يحاول هذا "المحافظ" أن يكبر خارج حديقة الحزب، فيشكّل حزباً، ويستخدم أدوات المحافظة في تكبير حجمه، والسعي إلى خارج هذه الحديقة.

لكن الأحزاب، مثل سالييري، الذي كان يحبّ موسيقى موزارت، تتغنّى بمُنجزاتِهم في بعض المفاصل، ويرونها مُنجزات من أبنائهم هؤلاء، الذين كبروا برعايتهم.

يجب أن تكون مُحافظاً ناجحاً، لكن: تحت يافطة الحزب، لن تكبر حتى نقرّر ذلك، ولن تكبر أكثر من اللازم. 

استرخاء هؤلاء الأربعة الى حدٍ ما، وتركيزهم على مناغمة جماهيرهم بالضروريّ من الإنجازات، تعبيدُ شارع هنا، أو بناء مُجسّر هناك، جعل الشارع مُلكاً لهم، وقد فازوا بالانتخابات المحلية بفوارق كبرى، عن منافسيهم.

بطريقةٍ ما، لو احتضنَ سالييري موزارت، لبدا عرّاباً له، ولو لم يمتلك الإطارُ التنسيقيّ هذه العقدة، لصارَ ما يفعله هؤلاء الأربعة ذا ثمارٍ تعود الى الإطار نفسه وهذا أمر مفيد من نواحٍ عديدة، لكن سالييري الإطاري لن يكون مُرتاحاً بهذه المعادلة، وسيراهم دوماً أبناءً ضالّين عن طريق التحزّب الكلاسيكيّ، مُبتعدين عن الطاولة المستديرة. 

التعليقات