السبت 18 شوّال 1445هـ 27 أبريل 2024
موقع كلمة الإخباري
الأخبار الكاذبة
السيد أبو محمد
الأخبار الكاذبة
2024 / 02 / 20
0

آفة الأخبار – في عالمِنا اليوم – الكذب، كذبٌ في كلِّ شأن، وزيف ينال كلَّ حقيقة، كلُّ ذلك من أجل الإثارة وجمع الإعجابات.

وليت كليات الصحافة والإعلام في جامعاتنا الموقرة وضعت منهجاً دراسيَّاً يتحدَّث عن ضرورة مصداقيَّة الخبر، كما تُدرّس في مناهجها كيف تكتب الخبر.

والدين الحنيف يرى أن قيمة الخبر تكمن في صدقه، لا في سبقهِ؛لذلك أمر بالتريث في الحكم على الخبر إن جاء به الفاسق "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".

في حين يُعدُّ السبق الصحفيُّ مغنماً عند الصحفيين ورؤساء المواقع ومحرري الجرائد والمجلات.

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).

الصدق القرآني يختلف عن الصدق العرفي, في العرف إذا كان الإنسان صادقًا بنسبة 90-99% في إخباراته ,يعدُّه العرف صادقًا,القران الكريم لايعدُّ هذا صدقا,القران الكريم عنده إن الصدق ماكان المخبر صادقًا في إخباراته 100%,ولم يكن مخطئًا,فقد يكون الإنسان صادقاً في حديثه,ولكنه يُخطيء في إخباره عن غفلةٍ واشتباه.

ولما أمرنا أن نكون مع الصادقين,فالمراد بهم المعصومون عليهم السلام,الذين لايكذبون,ولا يُخطئون كما في البرهان للشيخ البحرانيّ والدرّ المنثور للسيوطيّ.

ومن المؤسف أن نجد كثيراً جداً من الأخبار كذباً محضاً ماشمَّ عرنين قلم ناسجها رائحة الصدق أبدا، ولا تحلَّت سطورهُ بزينته.

وأكثر ما تجد ذلك في السياسة وحياة المشاهير من مغنيين وممثلين ورياضيين.

يعرف الخبر الصادق بأمورٍ منها: ما إذا كان محفوفاً بقرينة ، كما لو أخبرك قائلٌ أن هناك مجلس عزاءٍ حسينيٍّ عند الجيران، ووافق ذلك رؤيتك دخول المؤمنين المجلس وحضور الخطيب.

وما لو أخبر جمعٌ من النَّاس يمتنع تواطؤهم على الكذب،و لا مصلحة لهم في الاتفاق عليه أنَّ الإمام علياً – عليه السلام – كان أشجع الفرسان، ونحن لم نرَه ولم نعاشرْه – عليه السلام - 

أما إذا لم يمتنع ذلك – اتفاقهم على الكذب - كان ذلك إشاعة، كمن يتحدَّث عن شجاعة رأس النظام المقبور مع أنه لبد في حفرته فأراً، وأسره الأمريكان خروفا.

وهكذا.

وبعض النَّاس لسذاجتهم، وغبائهم يُصدّق بكلِّ ما يُقال له في شخصٍ ما إذا أحبَّه، فإنَّ حبك الشيء يعمي العين ويصم الاذن، فتكون  تصرفات ذلك الشخص وحياً يُوحى لا يأتيها الباطل من بين أيديها ومن خلفها، ولعلَّ من أظهر الأمثلة على ذلك قول عزَّت الدوري النائب الأول لصدام حسين ذات مرَّة ما مضمونه: سيدي! كلُّ تصرفاتك صحيحة حتى الخطأ.

ولقد رأيتُ صاحباً لي يُحبُّ زعيماً سياسيَّاً حُبَّاً جمَّا فيجعل من حركاته وسكناته آيةً تنطق بحروفها شفاه السماء، وحديثاً  يرتلُ كلماته لسانُ الرسالة، وهؤلاء وأمثالهم أتجنَّب خوض النّقاش معهم، ومداورة الكلام على رحى أفكارهم.

وأمثال هؤلاء ممن يكونون عادةً محوراً لكذب الصحفيين وناشطي مواقع التواصل الاجتماعيّ، وهم سبب ظهور كلّ خامل، وإيقاض كل فتنة.

والمفروض أنَّ المؤمن كيِّسٌ (عاقل) فطن، ولكن ينقص من إيمان الفرد بمقدار نقصان عقله، وكم من رجلٍ لا عقل له يعبد الأشخاص، فالصنم المعنويُّ يصعب اقتلاعه من القلب المريض.

التعليقات