حاولَ الإعلام الإسرائيلي بعد الصدمة والاهتزاز الذي تعرّض له النظام السياسي الحاكم في تل أبيب، اليوم الخميس، تخفيف ذلك بربط إصدار مذكرة اعتقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقضية (محاكمة دريفوس الحديثة)، وتوقّعوا أن نتنياهو سيتم تبرئته.
إلا أنّ كندا وهولندا وفرنسا وإيرلندا، الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية أكدت اليوم بالقول: "سنحترم القرار"، في إشارة منها إلى المضي بهذه المذكرة ومحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق على ارتكاب جرائم حرب في غزة.
فما هي محاكمة دريفوس الحديثة وما ربط صاحبها بنتنياهو؟
قبل (129 عاماً) تم تجريد الضابط الفرنسي "ألفرد دريفوس" وهو "من أصل يهودي" من رتبته العسكرية، والحكم عليه بالسجن مدى الحياة في جزيرة الشيطان، وذلك بتاريخ (5 كانون الثاني 1895) وحصلت في عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة.
جرى اتهام دريفوس الذي كان يبلغ حينها (35 عاماً) بالخيانة العظمى، بتهمة نقل أسرار عسكرية فرنسية إلى السفارة الألمانية في باريس، وقد أمضى قرابة الـ (5 سنوات) في جزيرة الشيطان.
وبعد مرور (4 سنوات) على إصدار الحكم، اتهم كاتب يدعى (إميل زولا) وزارة الحربية والمحكمة العسكرية في باريس، بتضليل والرأي العام وإخفاء الحقائق، وذلك بحجّة معاداة السامية، وهي الحجّة والدعوى ذاتها التي تصرّ عليها إسرائيل في معارضتها لحكم المحكمة الجنائية.
إلا أنّه ورغم الضجة التي أحدثها "إميل زولا"، جرى محاكمة درايفوس عام (1899) وحُكم عليه بالسجن لمدة (10 سنوات) أخرى، ليجري بعد ذلك إطلاق سراحه عام (1906)، وقد شارك في الحرب العالمية الأولى، وتوفي عام (1935).
ويظهر من ذلك أن الإعلام الإسرائيلي الذي يحاول تبييض سجل الحكومة الملطّخ بالدماء والاعتداءات اللاإنسانية، الترويج لهذه القضية، التي في الأساس تعتبر "أشهر فضيحة حصلت لليهود".
ورغم محاولة الإعلام الإسرائيلي الربط بين الحادتين لإثبات براءة بنيامين نتنياهو، إلا أنّ قرار المحكمة الجنائية الدولية، كما يذهب إلى ذلك محللون ومراقبون "سيكون نافذاً وقوياً في حال تعاونت جميع الدول على ذلك، وإنهاء فصل دموي من الاعتداءات والقتل بحق المدنيين في قطاع غزة".
وفي هذه الأثناء، ناشد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، جميع الدول الأطراف "الوفاء بالتزاماتها بموجب نظام روما".
وقال المدعي العام في تصريح له عقب إصدار المذكرة: "نشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد العنف وتقلص المساعدات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية".