الخميس 20 جمادى الأول 1446هـ 21 نوفمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
سيدتي لكي تبتعدي عن الزنا ابتعدي عن مقدماته
حسن الهاشمي
2024 / 07 / 03
0

النظر المحرّم، والتبرج، والاختلاط بين الرجال والنساء، وخلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وترقيق صوتها ومصافحتها، هي حالات نفسية تحاكي ما جبل عليه الإنسان من كوامن ذاتية تحمل بين طياتها عطاءات التقوى وتداعيات الفجور، وكل انسان باستطاعته وبما يمتلك من دوافع الفضيلة والرذيلة أن يحجم عنها او يرتكبها من خلال ما يمر به من مراحل الابتلاء، والخوض في تفاصيل الالتزام والاقتحام ينبأ عن نزاع الكوامن داخل النفس البشرية، وطوبى لمن ينتخب الأكثر ميلا إلى الانسانية من البهيمية العمياء، والوقوف على هذه الحقيقة يفسر علة وجود الغريزة في النفس البشرية وتشذيب التعاطي معها بما يحفظ شأن الانسان وكرامته ويميّزه عن سائر الحيوانات، فالتحريم نعمة يرتع المؤمن في ربوعه ليصقل النفس ويبعدها عن كل ما من شأنه أن يخدش السمعة والكرامة والصفاء، لا أنه عقبات يضعها المشرّع للحيلولة دون الحصول على مبتغاه كما يصوّره أصحاب الهوى الذين يعيشون اللحظة ويحسبونها سعيدة، والمتعمل في تداعياتها يراها تعيسة.    

لقد أرادت الشريعة الإسلامية إبعاد المسلم عن المعصية بشتى الطرق والوسائل، ومن الطرق التي استخدمتها لمنع الوقوع في جريمة الزنا أنّه نهت عن كلِّ ما هو مقدمة لها، ومن ذلك:

أولا: النظر المحرّم:

يعدُّ نظر الرجال إلى النساء الأجنبيات، والنساء إلى الرجال الأجانب، من أهم الأسباب الممهدة والمهيأة للوقوع في معصية الزنا، وقد أمر الله عزّ وجل المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ...) النور: 30-31.

وفي الرّواية عن النبي المصطفى صلى الله عليه وآله أنّه قال: (النظرة سهم من سهام إبليس، فمن تركها مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه) كنز العمّال للمتقي الهندي، 5/328 حديث رقم: 13068.

وإن أردنا أن نعرف ما هو المحرّم من النّظر، وما هي الأجزاء التي يحرم على الرّجل النظر إليها من المرأة وعلى المرأة من الرّجل، فعلينا أن نرجع إلى فتاوى الفقهاء لتحديد ذلك:

1ـ أنّه يحرم على الرجل النظر إلى ما عدا الوجه والكفين من المرأة الأجنبية البالغة سواء كان النظر بتلذذ وريبة أم لا.

2- يحرم على الرجل النظر إلى الوجه والكفين من المرأة الأجنبية بتلذذ وريبة، وعند السيد الخوئي احتياط لزومي بعدم النظر إلى الوجه والكفين من المرأة الأجنبية حتى مع عدم التلذذ والريبة، وعند السيد السيستاني احتياط استحبابي.

3- يحرم على المرأة النظر إلى غير ما جرت العادة على الالتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين والرقبة من الرّجل الأجنبي سواء كان بشهوة وتلذذ وريبة أم لا.

4- يحرم على المرأة النظر إلى المواضع التي جرت العادة بعدم سترها من الرجل الأجنبي إذا كان بشهوة وتلذذ وريبة. الرسائل العملية للمراجع الأعلام.

ثانيا: التبرّج:

يعتبر تبرّج المرأة وسفورها – أي إخراجها لشعرها وأجزاء من سائر جسدها – أحد الأسباب الممهدة للوقوع في فاحشة الزنا، وما يرى اليوم في المجتمعات الغربية وغيرها من انتشار لهذه الجريمة بشكل فظيع يعتبر تكشّف النساء وسفورهن العمدة الأساس والسبب الأكبر في تفشيها وانتشارها.

فخروج المرأة كاشفة عن شعرها لابسة الملابس القصيرة الضيّقة التي تبرز من جهة أجزاء كثيرة من جسدها كالساقين والزندين وبعضاً من الصدر والعنق ومن جهة أخرى مجسمة لأجزاء أخرى كالثديين والإليتين وشفافة في بعض المناطق تحكي ما تحتها واضعة على جسدها وملابسها أنواع مختلفة من العطور، إن خروج المرأة بهكذا كيفية مما يثير كوامن الغريزة الجنسية عند الرّجل، وبالتالي فإنّه يقع أمام خيارين لا ثالث لهما إذا لم تكن له زوجة يطفئ عن طريقها ثوران غريزته، وكان الوازع الديني لديه ضعيفاً، فهو إما أن يضغط على غريزته ويكبتها ويتعرض عندها للأمراض النفسية والعصبية، وإما أن يتجه إلى الزنا أو اللواط أو غيرها من المحرّمات الأخرى لإفراغ شهوته، وللحؤول دون الوقوع في هذه الشراك المهلكة ألزمت الشريعة الإسلامية المرأة بستر جسدها وفرضت الحجاب عليها، وألزمتها به كي لا تكون وسيلة وأداة لإيقاع الرجل في معصية الزنا أو اللواط أو الاستمناء (العادة السرية).

وفي هذا الإطار قال الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) الأحزاب: 59. ففي هذه الآية الكريمة المباركة يأمر الحق سبحانه وتعالى نبيّه الأكرم محمداً صلى الله عليه وآله بأن يأمر زوجاته وبناته وسائر نساء المسلمين، بالستر والحجاب الكامل، ويمنعهن عن التبرّج والسفور، لأنَّ الحجاب يكسب المرأة سمعة طيبة، وتعرف بالعفة والصلاح في المجتمع ولا تتعرض للمضايقات والنظرات الخائنة والاعتداء من قبل المستهترين والمنحرفين، لأن الحجاب يحجز المرأة المتحجبة عن أطماع أهل الفسق والمجون، لأنّها مستورة الجمال والمحاسن ولا يظهر منها شيء، وفي الوقت نفسه الفاسق إذا عرف أن المرأة صالحة ومحافظة لا يتعرض لها بسوء، ففي هذه الآية دلالة صريحة واضحة على وجوب الحجاب وأنه يحفظ المرأة من الفساد والاعتداء، ويدفع عنها شرَّ الفاسقين.

وقال الله سبحانه وتعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَه جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور: 31. وفي هذه الآية الكريمة يأمر الله سبحانه وتعالى نبيّه الأكرم محمداً صلى الله عليه وآله بأن يأمر المؤمنات بالغض من أبصارهن فلا ينظرن إلى ما لا يجوز لهن النظر إليه، كما يجب عليهن ستر وتغطية فروجهن عن أنظار الرّجال والنساء، ثم ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها، فلا يظهرن ويكشفن عن زينتهن المخفية وإن كانت لا تظهر أجسامهن، أي فلا يجوز لهن الكشف عن لباس يتزين به تحت اللباس العادي أو العباءة .

ثم يطلب سبحانه منه صلى الله عليه وآله أن يأمر النساء بأن يضربن بخمرهن على جيوبهن، والخمر جمع خمار وهو ما تغطي به المرأة رأسها وينسدل على صدرها، والمراد بالجيوب الصدور، والمعنى كما يقول السيد الطباطبائي قدّس الله نفسه الزكية في تفسيره الميزان: وليلقين بأطراف مقانعهن على صدورهن ليسترنها بها. الميزان في تفسير القران للسيد الطباطبائي، ج15 ص 112.

وبعد ذلك تذكر الآية الكريمة مجموعة من الناس والأشخاص الذين يجوز للنساء كشف حجابهن وإظهار زينتهن أمامهم، فيجوز لهن ذلك أمام الزوج والأب وأب الزوج والأبناء وأبناء الزوج من غيرهن، والأخوة وأبناء الأخوة وابناء الأخوات، ونسائهن، وهن النساء من المسلمات، أي يجوز للمسلمة أن تكشف حجابها وتظهر زينتها للمسلمة، ولا تكشف لغيرها من غير المسلمات، وعلّة ذلك كما ورد في بعض الروايات أنهن – أي غير المسلمات- من المحتمل أن يصفن لأزواجهن ما شاهدنه من زينة النساء المسلمات، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (لا ينبغي للمرأة أن تكشف بين يدي اليهودية والنصرانية فإنّهن يصفن ذلك لأزواجهن) تفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي، ج3 ص 593.

(أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) ولظاهر هذه العبارة مفهوم واسع ويدل على أنّه بإمكان المرأة الظهور دون حجاب بحضور عبدها إلاّ أن بعض الأحاديث صرّحت بأن ذلك يعني فقط الظهور بين الجواري على الرغم من أنّهن غير مسلمات، ولا يشمل هذا الحكم العبيد، ففي حديث للإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام: (لا ينظر العبد إلى شعر مولاته، ويستفاد من أحاديث أخرى تعميم هذا الحكم على الجواري والعبيد إلاّ أنَّ ذلك خلافاً للاحتياط) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج11 ص 75).

(أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) وهم الذين لا رغبة جنسية لديهم أصلاً كالعنين والخصي.

(أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) وهم الأطفال الذين ليس لهم شعور بالجنس، أما الأطفال الذين بلغوا مرحلة برزت فيهم رغبة في الجنس وقدرة لهم على ممارسته فيجب على النساء المسلمات أن يتحجبن بحضورهم.

ثم (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) أي على النساء أن يتحفظن كثيراً ويحفظن عفتهن ويبتعدن عن كل شيء يثير نار الشهوة في قلوب الرّجال حتى لا يتهمن بالانحراف من طريق العفة، ويجب أن يراقبن تصرفهن بشدة بحيث لا يصل صوت خلخالهن إلى آذان الرجال غير المحارم، وهذا يؤكد دقة نظر الإسلام إلى هذه الأمور) الأمثل للشيخ الشيرازي، ج 11 ص 67.

واستناداً إلى هذه الآية وغيرها من آيات كتاب الله المجيد والكثير من الرّوايات المأثورة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله والمأثورة عن الأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام، فقد أفتى الفقهاء بوجوب الستر على المرأة وحددوا في فتاواهم ما يجب عليها أن تستره من جسدها.

ثالثا: تحريم كل ما يدعو إلى الفتنة والإغراء:

حرّمت الشريعة الإسلامية كل ما من شأنه أن يدعو إلى الفتنة والإغراء، فحرّمت الاختلاط بين الرجال والنساء كما حرّمت أيضاً خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، فقد أفتى الفقهاء بذلك وقالوا بحرمة الخلوة بالمرأة الأجنبية مع عدم الأمن من الفساد حتى لو كانا في معرض دخول الغير عليهما، وكذلك إذا كانا مأمونين من دخول الغير عليهما أيضاً، أما إذا لم يكن يمنع من الدخول عليهما مانع أو كان معهما صبي مميز فلا بأس به.

وورد في بعض الرّوايات أنَّ الشيطان يستغل فرصة خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية فيبدأ بالوسوسة والتزيين لهما لإيقاعهما في المعصية، فعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله قال: (لا يخلونَّ رجل بامرأة، فما من رجل خلا بامرأة إلاّ كان الشيطان ثالثهما) دعائم الإسلام للنعمان المغربي، ج2 ص 214.

وعنه صلى الله عليه وآله أن إبليس قال لموسى عليه السلام: ( لا تخل بامرأة لا تحل لك، فإنّه لا يخلو رجل بامرأة لا تحل له إلاّ كنت صاحبه دون أصحابي) أمالي الشيخ المفيد، ص 157.

وقد نهت الشريعة الإسلامية عن خروج المرأة متعطرة واضعة على ملابسها الروائح الزكية والعطور إذا كان ذلك يوجب افتتان الرجال الأجانب أو يسبب إثارة لهم، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (أيما امرأة تتطيب ثم خرجت من بيتها فهي تلعن حتى ترجع إلى بيتها متى رجعت) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للشيخ الصدوق، ص 259. وعن النبي صلى الله عليه وآله: ( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) ميزان الحكمة للري شهري، ج5 ص 576.

وكذلك نهت الشريعة الإسلامية المرأة عن ترقيق صوتها وتحسينه بكيفية مهيجة ومثيرة للرجال الأجانب، قال الله سبحانه وتعالى: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَّعْرُوفًا). الأحزاب: 32. فالخطاب في هذه الآية وإن كان موجها لزوجات النبي صلى الله عليه وآله إلاّ أنّ الحكم فيه عام لكل مسلمة، ففيه أمر لهن باجتناب استماع أصواتهن المشتملة على ترقيق وتحسين وتهييج وغنج للرجال الأجانب حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض في من صدر منها الصوت بالارتباط المحرّم بها.

كما ويحرم أيضاً مصافحة المرأة الأجنبية لما في المصافحة من إثارة وتهيج قد تحصل لأحد الطرفين أو كلاهما، فعن النبي المصطفى صلى الله عليه وآله قال: (من صافح امرأة حراماً جاء يوم القيامة مغلولاً ثم يؤمر به إلى النّار، ومن فاكه امرأة لا يملكها حبس بكل كلمة تكلمها في الدّنيا ألف عام، والمرأة إذا طاوعت الرجل فالتزمها حراماً أو قبلها أو باشرها حراماً أو فاكهها وأصاب منها فاحشة فعليها من الوزر ما على الرجل...) ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للشيخ الصدوق، ص 284.  

ومن هنا يتضح لنا جليا فلسفة تحريم مقدمات الزنا خوفا من الوقوع في مخمصة ذي المقدمة، إذ أن العلاقات المريبة عادة ما تنتهي إلى جريمة الزنا والتعدي على أعراض الناس من دون وجه حق، وطالما مهدت هذه الأمور الطريق إلى علاقات غير مشروعة وما تحمله من تداعيات خطيرة على الفرد والمجتمع، والله تعالى الخالق المتعال يعلم ما يتفاعل إزاء الانسان من مشاهدات وأفعال، وبعلمه ومعرفته بالهواجس والتفاعل معها فإنه تعالى قد قطع دابر الفتنة من خلال تحريم التعاطي معها ومع مقدماتها الموصلة اليها، وهو أمر في غاية الأهمية يمكن من خلاله الاطلاع على أحوال الناس بشأن الالتزام بالمحاذير من عدمه، فالإنسان بمحض ارادته يستطيع أن يكبح جماح نفسه الأمارة بالإحجام عن الأمور المحرمة أو اقتحامها، ذلك هو الامتحان والاختبار الالهي لعباده ليميز به الطيب من الخبيث، العفيف من المتهتك، المؤمن من المنافق.

نعم هو الابتلاء للرجال والناس على حد سواء، ويمكن أن يرتقي الواحد منا إلى مصاف الأنبياء في التعفف والاستواء، ولكنه إذا امتطى صهوة نفسه الأمارة فإنه لا محالة يكون من اتباع الشيطان والطلقاء، وبالرغم من الانتقادات التي يوجهها المغرضون حيال من يتقمص جلباب الحياء، فإن الاحجام عن مقدمات الزنا يوصد الباب أمام الدخول في أتون الفتنة والاغواء، ويحصن الانسان من الانزلاق في متاهات الزيغ والأهواء، نعم باستطاعة المؤمن أن يكبح جماح نفسه ويلجم إوار شهوته الحيوانية بالرغم من تأججها في داخله ويروضها بالزواج لا بالسفاح بالعلاقات المثمرة لا بالعلاقات العبثية، وذلك لما يمتلك من إرادة صلبة وعزيمة لا تقهر في انتخاب الطريق الآمن والابتعاد عن الطرق الملتوية التي لا تجلب على المرء سوى المتاعب والمصائب والآهات والأنات.      



التعليقات