أراك من عظم ما تحويه من كرب * تجوب قفر الفيافي البيد في خطر
أحشاك من لوعة الأحزان مشعلة * ودمع عينيك يحكي جدولي نهر
لا غرو أن لا يطيق الصبر ذو نصب * مضنى الفؤاد قريح الجفن من سهر
الصبر يحمد كل الحمد جارعه * لكن بشرب مراد الهم غير مري
ما زلت من ألم الأسقام في غصص * لم تخل يوما أخا البلوى من الكدر
ولم يخلف دواهي الدهر منك عدا * زفير وجه يضاهي لفحة الشرر
فلست تنفك كلا عن شدائدها * لا والمقام وركن البيت والحجر
ولا ينجيك من ضر تكابده * سوى علي بن موسى خيرة الخير
ذاك الهمام الذي إن صال يوم وغى * حكى أبا الحسن الكرار خير سري
سامي مقام أقام الدين في حجج * لم تبق غيا لغاو لا ولم تذر
إن خانك الدهر وأصمتك أسهمه * فالجأ إليه لكي تنجو من الدهر
من قاس كفيه بالبحر المحيط فقد * أطرى بأبلغ إطراء على البحر
وفقت يا طوس آفاق السما علا * مذ حل فيك سليل الطاهر الطهر
يا آية الحق بل يا معدن الدرر * يا أشرف الخلق يا بن الصيد من مضر
قد حزت فضلا عن الصيد الكرام كما * في الفضل حازت ليالي القدر
عن آخر وكم بدت لك من آي ومعجزة * يصفو لها كل ذي قدر ومقتدر
واسيت جدك في أشجان غربته * حتى قضيت بفتك الغادر الأشر…..
الامام الرؤوف (عليه السلام )..
هو الامام ثامن الحجج على البرايا سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السلام)..
ولعل هذه الصفة من أكثر الصفات التي تمتع بها الإمام عليه السلام .
حيث الرأفة تمثل منتهى الرحمة .
ومن الصفات المشتركة بين العبد وربه .
ولذلك قدمت الرأفة على الرحمة كما وصفها الله سبحانه في كتابه المبين لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)..
(حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) التوبة ٢٨…
ويعود سبب هذه التسمية للامام الثامن المعصوم الشفيع سيدي ابا الحسن عليه السلام .
وبحسب ما نقلته كتب السير والتاريخ ، يذكر ابراهيم بن عباس ..
(انني كنت مع الإمام الرضا عليه السلام.
في طريق الذهاب والاياب فما رأيت أبا الحسن جفا أحدآ بكلمة قط ، وما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه ، وما رد احدآ عن حاجة يقدر عليها ، ولا مد رجله بين يدي جليس له قط ، ولا اتكأ بين يدي جليس له قط , ولا رأيته شتم أحدآ من مواليه ومماليكه قط ، بل كان ضحكه التبسم ، رؤوف رحيم بالمسلمين ) ..
وفي مناسبة أخرى .. عن رجل فقير وكان اعمى ، يتسول عند أحد أبواب الامام الرؤوف عليه السلام , ويسأل الناس حاجته .
وعند زحام الناس الزائرين كان يفرح كثيرا وهو يسترق السمع من هنا وهناك ليحصل على صدقات ، وكان هذا الفقير خالطه الاعتقاد أن صاحب هذا المقام هو سبب رزقه لشدة رأفته بالفقراء أمثاله ،. وكان يسمع الزائرين ينادون باصوات خافتة السلام عليك ايها الامام الرؤوف .
فتنزل دموع الفقير لسماعه ذلك ويعلم جيدا أن الامام الرضا عليه السلام سيكون رؤوف بحاله ويستزيد من عطائه عليه ..
ونعلم جيدا أن أمامنا الرضا عليه السلام يعرف بهذه الصفة العظيمة ،ولم تقتصر هذه الصفة على عائلته فحسب بل شملت جميع المسلمين …
محل الشاهد.
أن رحلتي مع الامام الرؤوف كانت رحلة مثالية أردت أن التمسها بيدي ..
وكانت من امنياتي بهذه الحياة أن تخالط يدي شباك ضريحه الانوار على مدار ال ٤٧ سنة من عمري ، وانا ادعو الله سبحانه أن يجعلني من زوار الامام الرؤوف …
وقد استجاب لي الرب المتعال سبحانه .
بلا موعد ولا مقدمات ولا يطرأ ببالي أن يأتي اليوم الذي تطأ قدمي أطراف طوس لأسير على يدي وليس على أقدامي لاستقبال طلته البهية …
وشاء الله سبحانه أن يكتبني من زواره ، نظرت لقبته النوراء رق قلبي واسترقت الدمعة من عيوني ،
شعرت برأفته وحنانه وشعرت بملامسة يديه الشريفة على رأسي .
استوطن الامان قلبي والطمأنينة لنفسي ، لم أمر بشعور الايمان الخالص المختلط بلحمي ودمي إلا أن لامست يدي ضريحه الانور ، لا اريد أن ابارح الضريح وصوت دعاء كميل قد اذاب جمرات قلبي ، وحرقتي التي باتت تقتلني منذ الأربعة عقود من عمري ، لا اريد شيء بهذه الحياة سوى أن أبقى خادم أطيل النظر على مرقده , واقبل اقدام زائريه ، وأن يجعلني قمبرهم الذي يستأنس بخدمتهم ,
شكرا لله ولصاحب الفضل علي اخي وصديقي الذي عوضني الله سبحانه به بعد أن فقدت اخي الاكبر رحمه الله بهذه الزيارة ..
قصتي مع الامام الرؤوف ، كانت قصة قصيرة من عمري، وتمنيت على الله سبحانه أن لا تنتهي ، لم اتمنى بحياتي أن يبعدني ربي عن ضريحه الانور ، ولم اتمنى بحياتي أن تكون اخر رحلة لي مع سيدي سلطان طوس ، وكلما ابتعدت عن ضريحه كلما زاد جمر الشوق يتلظى بصدري ، وحنيني اليه اغتراب بين اهلي وأسرتي ، ولا أعلم أن انس النفوس عند قبره يغنيك عن اهلك وعشيرتك وحتى عن ولدك وزوجك ، ولم أعلم أن التعلق بالامام الرضا عليه السلام يغنيك حتى عن حياتك التي كنت تمارسها بين الناس ، فلا مناص الا للعودة اليه أن شاء الله ،
كانت تلك الامنيات ترفعني حيث اريد كوني من الناس البسطاء الذي يوالون آلامام علي بن ابي طالب عليه السلام واله الطيبين الطاهرين ، ولا ارتضي بغيرهم سادة وقادة لي في الدنيا والآخرة ، ومعلن البراءة من اعدائهم اجمعين الى يوم الدين …والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين