السبت 18 ربيع الأول 1446هـ 21 سبتمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
بدرعٍ زوّج بِضعَته (زواج النورين)!
إنتصار الماهود
كاتبة وصحفية عراقية
2024 / 06 / 08
0

قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ” فبينما صليت يوم الجمعة صلاة الفجر، إذ سمعت حفيف الملائكة، وإذا بحبيبي جبرئيل ومعه سبعون صفا من الملائكة متوجهين مقرطين مدملجين، فقال يا محمد إن الله تعالى إطلع على الأرض إطلاعا، فإختار منها من الرجال علياً ومن النساء فاطمة، فزوّج فاطمة من علي، فرفعت فاطمة رأسها وتبسمت وقالت رضيت بما رضي الله ورسوله “الروضة في المعجزات للقمي ص 128.

أي مكانة لك يا عليّ، في السماوات العلى كي يأمر الله تعالي بأمره لتزويجك، وتهلل ملائكة السماء فرحا بهذا الحدث العظيم.

الأول من ذي الحجة عام 2 ه‍ زواج النور من النور أم أبيها، وبضعته الطاهرة البتول لإبن عمه ووصيه وخليفته على خلق الله، هو رباط مقدس حدث في السماء وتم في الأرض.

لم يكن لدى عليّ عليه السلام سوى درعه كمهر ليخطب به فاطمة الزهراء عليها السلام، فعليٌ لم يملك من حطام الدنيا شيئاً ولم يدخل في بطنه ما يحاسبه الله عليه، زاهد عابد أحب الله وأحب محمداً، ونذر سيفه للدفاع عن رسالة الإسلام.

لقد خطب سادة العرب وأثرياؤها وأشرافها، سليلة النبوة المحمدية إلا أن الله تعالى، لم يأذن بتزويجها لأي منهم، فشرف مصاهرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن من نصيب أي شخص، وإن كان ذي حسب ونسب.

لم يكن يزوجها إلا لعليٍ عليه السلام، فلم يدانيه ويجاريه أحد في صفاته وفضائله وشجاعته، حتى قال النبي ص عنه يوم معركة الخندق: ” إن ضربة من علي تعادل الثقلين “.

ونحن هنا حين نتحدث عن زواج علي والمهر المقدم منه لفاطمة عليهما السلام، وقبول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو لنذكّر بدرسٍ مهم، علمنا إياه حبيب الله ورسوله، وهو حسن الإختيار للبنات ومسألة المهور، فجميعنا نتفق أن لا حسب ولا نسب وشرف، أعلى وأسمى وأعظم من نسب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يوجد أفضل وأطهر وأنقى من مولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام، لكن هنا وضع خطا تحت كلمة لكن ما الذي طلبه النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم، كمهر لإبنته الوحيدة؟! هل طالب بالمال والجاه والقصور والخدم ؟! أم شيء آخر؟!، لقد سأل عليا عليه السلام عما يملكه مما يساعده على الزواج، فأجابه عليٌ لا يملك سوى سيفه ودرعه، أما السيف فهو للدفاع عن الدين، وأما الدرع فقبله النبي صلى الله عليه وآله وسلم كمهر منه، فلم يشترط ولم يحدد ولم يطلب ما يثقل كاهله.

فزواج علي من فاطمة كان إتحادا روحيا ساميا، لأنه أساس الذرية النبوية الطاهرة المباركة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كل حسب ونسب ينقطع يوم القيامة، ما خلا حسبي ونسبي، وكل بني أنثى فعصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة فإني أبوهم وأنا عصبتهم”.

وذلك درس إنساني بليغ يقدمه لنا الحبيب المصطفى، أن الدين والأخلاق والعبادة والخوف من الله والتقوى، أفضل من الحسب والمال والنسب لتزويج بناتنا.

لكننا مع الأسف الشديد نرى الآباء والأمهات اليوم ممن يدّعون حب محمدٍ وآل بيته لا يسيرون على نهجهم، فنرصد ظاهرة إجتماعية خطيرة إنتشرت في العراق كالنار في الهشيم، وهي (إرتفاع المهور) لتصل في بعض الحالات لمئات الملايين أو المليارات، كما سجلتها المحاكم العراقية خلال السنوات الأخيرة، لأحد الاشخاص حيث بلغ المهر 8 مليار دينار لأحد الفتيات، وهل يستطيع شخص عادي من توفير مبلغ ضخم مثل هذا؟!، مجرد سؤال بريء والله من وراء القصد!!!، منزل مؤثث و مهرٍ عالٍ ومصوغات ذهبية، من يستطيع من شبابنا توفيرها بجهده وتعبه فقط وبالمال الحلال؟!.

إن هذا الأمر سيؤدي الى طريقين خطرين، إما عزوف معظم الشباب عن الزواج بسبب قلة ذات اليد، وإرتفاع العزوف سيؤدي الى العنوسة لدى الطرفين، وسلوك البعض لطريق الحرام لأنه لا يستطيع تحصين نفسه بالحلال، أو إضطرار الشباب لمد أيديهم للمال الحرام والرشى والسرقة، من أجل توفير طلبات عروسه، وكل هذه الحلول مذمومة ولن يقبل بها الله ورسوله الكريم.

أين أنتم أيها الأهالي من التأسي بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وعترته الطاهرة؟! ربما سيعترض بعض الآباء ويقولون وهل كل الشباب كعليٍ في دينه وأخلاقه وحسبه و شجاعته؟!، بالطبع لا وليست كل البنات أيضا بطهر فاطمة ودينها وتقواها!.

لكن الأختيار الدقيق والسليم هو الحل، نعم أنا أتفق أن بعض الشباب لا يمتلك أي مؤهل للزواج، وأنا طبعا لا أقصد المؤهلات المالية بل الأخلاقية والنفسية و العقلية، والإرتباط بمثل هؤلاء سيتسبب بالكثير من المشاكل، التي ستؤدي بالطبع للإنفصال لاحقا، لكن هذا لا يمنع الأب من الإختيار الأسلم والأفضل لإبنته لتزويجها ممن يصونها ويقدرها، من يحترمها ولا يهينها من يكون سندها ولا يكسرها، من يخاف الله فيها ولا يؤذيها.

متباركين يا موالين بزواج النورين السماويين، فاطمة الزهراء عليها السلام و إمام المتقين أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب عليه السلام.

التعليقات