السبت 18 ربيع الأول 1446هـ 21 سبتمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
ثمان سنواتٍ عجاف!
إنتصار الماهود
كان ياما كان، كان هنالك بلد سعيد تحول بين ليلة وضحاها لبلد حزين، بعد أن وصل الجلاوزة الأوباش لسدة الحكم فيه، فعاثوا في الأرض فسادا وملأوها رعبا وخرابا، وأصبح الموت في بلدي هو الهوية التعريفية له، لقدكانت مقبرة (الغريرية)، كما تسميها أمهاتنا هي الشاهد والشهيد على قصص الشباب، التي إحتضنت جثامينهم الطاهرة، لقد وزع الجلاوزة الموت في بلدي كما توزع الحلوى في الأعراس، هذا إستشهد بهجوم في بنجوين، وهذا فقدناه في المحمرة والآخر عثرنا على جثمانه في المملحة و و و، هو موت مستمر لم يتوقف لثمان سنوات عجاف.
2024 / 08 / 08
1

كان ياما كان، كان هنالك بلد سعيد تحول بين ليلة وضحاها لبلد حزين، بعد أن وصل الجلاوزة الأوباش لسدة الحكم فيه، فعاثوا في الأرض فسادا وملأوها رعبا وخرابا، وأصبح الموت في بلدي هو الهوية التعريفية له، لقدكانت مقبرة (الغريرية)، كما تسميها أمهاتنا هي الشاهد والشهيد على قصص الشباب، التي إحتضنت جثامينهم الطاهرة، لقد وزع الجلاوزة الموت في بلدي كما توزع الحلوى في الأعراس، هذا إستشهد بهجوم في بنجوين، وهذا فقدناه في المحمرة والآخر عثرنا على جثمانه في المملحة  و و و، هو موت مستمر لم يتوقف لثمان سنوات عجاف. 

يا ملك الموت إني أحادثك تمهل ولا تخطف أرواح أخوتنا، هم لازالوا شبابا يافعين، ما الذنب الذي إقترفوه كي تحصدهم كالزهور في موسم القطاف، كيف إستطعت أيها الموت أن تحتمل رؤية أمهاتهم الثكلى، وهن يصرخن ويلطمن الخدود حزنا على، (سبّاح الگلب ) تشاهدهم يفدون إليك بصناديق خشبية صماء يلفهم العلم العراقي؟!، هل أطربت يا موت على تلك الموسيقى التي تتقدم نعوشهم وهم يزفون لأحضانك بدلا من أحضان زوجاتهم؟!. 

آه.. ها أنا أخاطب الموت دون جدوى وأنا أعرف أنه لن يتذكرني، وأنا أتحدث معه عن أكثر الحقب ظلاما وقسوة تلك التي عشناها في تاريخ العراق، (حرب الثمان سنوات)

إن أسباب الحرب هذه كثيرة ربما يكون أهمها وأبرزها ما سنتناوله: 

1. تراجع صدام عن إتفاقية الجزائر  لعام 1975، فبعد أن تخلص من التمرد الكوردي بقيادة الملا مصطفى بارزاني، والذي بسببه قدم العراق تنازلات إقليمية، بما في ذلك ممر شط العرب المائي  ليحصل على علاقات مستقرة مع إيران، تنصل صدام من هذه الإتفاقية في عام 1980، ليعلن عن مرحلة جديدة ضرب بها الإتفاقات الدولة عرض الحائط، دون أن يفكر ما الذي سيحل بعدها ببلده. 

2. الخوف من إمتداد الثورة الإسلامية الفتية في إيران، بعد سقوط الشاه خاصة بوجود نشاط إسلامي شيعي بقيادة رجال دين شيعة بارزين، ينتمون لحزب الدعوة والذي كان رافضا بشدة لبقاء البعث الكافر على رأس السلطة، وعلى إثر ذلك حاول صدام تضييق الخناق على حزب الدعوة في المناطق الشيعية، وتصفية قياداته مثل ( إعدام آية الله العظمى محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى رضوان الله عليهم)، وعدد من القيادات الأخرى، ضمن حملة بعثية ممنهجة لترويض الجنوب الشيعي. 

3. إستغلال صدام للوضع الداخلي في إيران، حيث كانت الجمهورية تمر بمرحلة إنتقالية في السلطة عقب الثورة، ووجود عدم إستقرار داخلي بسبب التحول في النظام السياسي، لذلك ظن أن دخولها الحرب وهي في هذه المرحلة ستخضع لشروطه بعد أن تنهزم أمامه. 

4.الحجة الزائفة بالدفاع عن العروبة والإسلام ضد الفرس المجوس، (صدعوا راسنا بيها من چنا صغار )، وأن العراق هو حامي البوابة الشرقية للوطن العربي، وصدام هو سيف الإسلام (نفخوا بيه لمن طگ عليهم هالخبل)، كما روج لهذه الصورة الإعلام البعثي والعربي، وبالطبع أول الداعمين لجنون الطاغية هي السعودية والكويت، (منك الرجال ومنهم المال مدري ليش تذكرت مثل الي يشيمون بيه العريس منك المال ومنها العيال)، والسبب بالطبع هو خوفهم من المد الشيعي الذي سيهد أركان عروشهم. 

5. هذه الحرب أصبحت حرب نيابة بين المعسكر الغربي بقيادة أمريكا والمعسكر الشرقي بقيادة الإتحاد السوفييتي السابق، للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط من سيربح ومن سيكسب لأن الدول العظمي قد إنحازت لأحد الجوانب في هذا الصراع لا يهم من سيكسب أو يخسر مادامت الحرب لن تقع على أراضيهم. 

ربما هنالك أسباب أخرى تخفى علينا، لكن لا نريد ان نطيل عليكم لنتحدث عن آثار هذه الحرب، والتي أعتبرت أطول حرب في القرن العشرين وأكثرها ضررا للمنطقة والبلدين: 

1. خسارة الجانبين عسكريا وبشريا، فكلا الدولتين قدمت شهداء وجرحى ومفقودين، وبنى تحتية متضررة وديون، بسبب هذه الحرب والتي كلفت 400 مليار دولار عامة، منها نفقات حرب 230 مليار دولار. 

2. تضرر تصدير النفط للبلدين، واللذان يعتبران من الدول الأولى بتصدير النفط في المنطقة، وهذا ما إنعكس سلبا على الواردات المادية المترتبة من بيع النفط في الأسواق العالمية، نفط أقل يعني مال أقل. 

3. مليون شهيد من كلا البلدين ومئات الآلاف من الجرحى والمفقودين، و الأسرى وأكثر من 70 ألف مهجر، من بلده لا ذنب له سوى علاقات أسرية بعيدة لأقارب له في إيران، وأصبحت كلمة (التبعية ) لصيقة لهم كأنها جريمة كبرى.

4. بنية تحتية منهكة ومدمرة للطرفين، لكن الفرق هنا أن إيران رغم الحصار المفروض عليها كما فرض علينا، إلا أنها إستطاعت إعادة البنية التحتية و إنشاء إقتصاد قوي، يعتمد على الصناعة و الزراعة والإكتفاء الذاتي، أما العراق فلم يلتقط أنفاسه حتى أدخله الطاغية الزنيم بمغامرة جديدة، تمثلت في إحتلاله للكويت والتي ترتب عليها أيضا حرب من 30 دولة ضدنا، وديون خارجية بلغت 52 مليار دولار، تحت البند السابع، وحصار جائر ومغامرات رعناء لانهاية لها إلا بنهاية حكمه عام 2003.

5. تخلي الأشقاء الأعداء مصر ودول الخليج، من كانوا يدعمون العراق بحربه في بداية الحرب، (عادي تعودنا على دگات مآذي العوجة) عن العراق وتركته وحيدا. 

في النهاية هل تحقق النصر لأحد الطرفين؟!، بالنسبة لي لا لم يتحقق لأنها كانت حربا عبثية، خسر فيها البلدان شبابا بعمر الزهور، و توارثنا أحقادا لازالت موجودة تذكى بنار الطائفية والتفرقة المذهبية، والسبب هو السياسات البعثية التي حاولت بكل جهدها، من إبقاء الحقد الدفين بين جارين، هذا ما جنيناه من قائد مجنون مهووس بالسلطة  إستطاع جر بلده الى دمار وخراب لازلنا نعاني منه حتى يومنا هذا.

التعليقات
Ihsan Alkassar
وفي الاخير اعترف جرذ العوجة بأن الغرب والقوى الشريرة الي سماها جرذ العوجة ارادت تدمير القدرات الخيرة للبلدين ، بعد خراب الدنيا