رجّح مصدران حكوميان يابانيان مطّلعان أن تشهد مسودة موازنة اليابان للسنة المالية 2026 رقماً قياسياً غير مسبوق، مع تجاوز إجمالي الإنفاق حاجز 120 تريليون ين، ما يجعلها الأكبر في تاريخ البلاد، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».
وأوضح المصدران أن الرقم المتوقع يفوق موازنة السنة المالية الحالية المقدّرة بنحو 115 تريليون ين، مؤكدين بذلك تقريراً سابقاً نشرته وكالة «كيودو» اليابانية، فيما امتنعا عن الكشف عن هويتهما لعدم حصولهما على تفويض رسمي للتصريح.
وتعكس هذه الزيادة المتوقعة تصاعد الضغوط على المالية العامة اليابانية، لا سيما في بند الرعاية الاجتماعية الذي يستحوذ على نحو ثلث الإنفاق الحكومي، في ظل تسارع شيخوخة السكان وارتفاع أعداد المتقاعدين، إلى جانب تزايد كلفة الرعاية الصحية والمعاشات، وهي تحديات مزمنة تواجه الاقتصاد الياباني منذ سنوات.
وفي موازاة ذلك، يُتوقع أن يشهد الإنفاق الدفاعي نمواً ملحوظاً، انسجاماً مع خطط طوكيو لتعزيز قدراتها العسكرية في بيئة إقليمية أكثر توتراً، وسعيها لرفع الإنفاق الدفاعي إلى قرابة 2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة.
كما يشكّل الدين العام عاملاً رئيسياً في تضخم حجم الموازنة، إذ تُعد اليابان من أكثر الدول مديونية عالمياً، مع تجاوز دينها العام ضعف حجم اقتصادها. ومع بدء بنك اليابان الخروج التدريجي من سياسة الفائدة شديدة التيسير، تزداد كلفة الاقتراض الحكومي، ما يضيف أعباء إضافية على الميزانية.
وأثارت خطط الإنفاق الواسعة لحكومة رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي قلق الأسواق المالية في الآونة الأخيرة، حيث انعكس ذلك في ارتفاع عوائد السندات الحكومية، وسط ترقّب المستثمرين لاحتمال زيادة إصدارات الدين لتمويل العجز المتوقع.
ويرى محللون أن الموازنة المرتقبة تضع الحكومة اليابانية أمام معادلة دقيقة، تتمثل في الموازنة بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي من جهة، وضبط أوضاع المالية العامة وطمأنة الأسواق بشأن استدامة الدين من جهة أخرى.
ومن المنتظر أن تكشف الحكومة اليابانية عن التفاصيل الكاملة لمسودة الموازنة خلال الأسابيع المقبلة، تمهيداً لإحالتها إلى البرلمان، وسط تساؤلات متزايدة حول قدرة ثالث أكبر اقتصاد في العالم على استيعاب ضغوط الإنفاق المتصاعدة دون تعميق المخاطر المالية على المدى المتوسط والطويل.
المحرر: حسين هادي