اكتشف فريق من علماء الآثار نقشاً صخرياً نادراً بالقرب من مدينة أسوان جنوب مصر، يعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، ويقدم أدلة مهمة حول فترة تشكل الدولة المصرية الموحدة.
ويصور النقش، الذي نُشرت تفاصيله في مجلة "أنتيكويتي" العلمية المتخصصة، شخصية ذات ملامح ملكية تجلس على متن مركب مزخرف، بينما يقوم خمسة أشخاص بسحبه بواسطة حبال، في حين يتولى شخص سادس توجيهه بمجداف.
وتتميز الشخصية الرئيسية باللحية المستعارة المدببة التي أصبحت لاحقاً سمة مميزة للفراعنة، مما يشير إلى انتماء هذه الشخصية للنخبة الحاكمة في عصر الأسرة الأولى، رغم أن العلماء يستبعدون أن تمثل الفرعون نعرمر، موحد القطرين حوالي عام 3100 قبل الميلاد.
وقال الدكتور دوريان فانهول، عالم المصريات من متحف "موسيه دو مالغريه-توت" في بلجيكا: "تكتسب المراكب في الفن المصري القديم أهمية رمزية متعددة الطبقات من الناحية الأيديولوجية والرمزية"، مشيراً إلى أن هذا النقش "يسلط الضوء على التحولات الاجتماعية العميقة التي رافقت قيام الدولة المصرية الموحدة".
وعثر على اللوحة الصخرية ضمن تشكيلات حجرية استُخدمت كمحاجر منذ العصور القديمة، مغطاة بطبقة من الأنقاض في تجويف صخري ضيق، في موقع كان يطل قديماً على نهر النيل.
ويظهر المركب في النقش متجهاً شمالاً عكس تيار النهر، ما قد يفسر وجود المجموعة التي تقوم بسحبه، وهو ما يقدم رؤى ثاقبة حول الرموز الثقافية المبكرة للحضارة المصرية.
وتمكن العلماء من تأريخ النقش إلى المرحلة الانتقالية بين عصر ما قبل الأسرات والعصر العتيق، تلك الحقبة التي شهدت ميلاد ملامح الحضارة المصرية كما نعرفها، مع ظهور أولى المؤسسات السياسية وبدايات الكتابة.
وأكد فانهول أن "النقوش الصخرية مثل هذه اللوحة لم تكن مجرد أعمال فنية، بل كانت أدوات اتصال فعالة استخدمتها النخب الحاكمة لنشر رؤيتها السياسية وترسيخ سلطتها"، مضيفاً أن "عملية تكوين الدولة المصرية القديمة والآليات التي أدت إليها ما تزال موضوعاً يحتاج إلى مزيد من البحث".
المحرر: حسين صباح