انهارت العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإيلون ماسك انهياراً مدوياً في أوائل شهر يونيو 2025، حيث تطورت من خلافات سياسية إلى معركة علنية شخصية تضمنت تهديدات مالية واتهامات متبادلة. بدأت الأزمة بانتقاد ماسك لمشروع قانون ترامب التاريخي، وتصاعدت لتشمل دعوات ماسك لتشكيل حزب وسطي جديد واتهامات غير مدعومة بالأدلة حول قضية جيفري إبستين.
البداية للخلاف
تفجّرت الأزمة يوم 5 يونيو 2025 عندما هاجم ماسك علناً مشروع قانون ترامب الرئيسي “مشروع القانون الجميل الكبير الواحد”، واصفاً إياه بـ“الرجس المقيت” الذي سيضيف 2.4 تريليون دولار للعجز الفيدرالي. رد ترامب بقوة من المكتب البيضاوي أثناء لقائه بالمستشار الألماني، قائلاً: “إيلون وأنا كان لدينا علاقة رائعة. لا أعرف إن كان ستستمر بعد الآن” و “أنا محبط جداً من إيلون. لقد ساعدت إيلون كثيراً”.
تصاعد الخلاف بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشر ترامب على منصة “تروث سوشال”: “إيلون كان ‘يزعجني’، طلبت منه المغادرة، ألغيت تفويض السيارات الكهربائية الذي أجبر الجميع على شراء سيارات كهربائية لا يريدها أحد (وهو ما كان يعرف منذ شهور أنني سأفعله!)، وأصبح مجنوناً!”
تهديدات ترامب المالية وردود أفعال ماسك
بعد ذلك، أصدر ترامب تهديداً مالياً قائلاً: “أسهل طريقة لتوفير المال في ميزانيتنا، مليارات ومليارات الدولارات، هو إنهاء الإعانات والعقود الحكومية لإيلون. لقد تفاجأت دائماً أن بايدن لم يفعل ذلك!” وبطبيعة الحال هذا التهديد يطال حوالي 38 مليار دولار من العقود الحكومية ؟ لشركات ماسك (سبيس إكس: 22 مليار، تسلا: 11.4 مليار).
وما كان من ماسك إلا الرد بقوة عبر منصة X: “بدوني، كان ترامب سيخسر الانتخابات، والديمقراطيون كانوا سيسيطرون على مجلس النواب والجمهوريون كانوا سيحصلون على 51-49 في مجلس الشيوخ. يا لهذا الجحود!” كما حذر الجمهوريين: “ترامب لديه 3.5 سنة متبقية كرئيس، لكنني سأكون موجوداً لأكثر من 40 عاماً”.
ماسك يدعو لتشكيل “حزب أمريكا” الوسطي
هذه التطورات دعت ماسك إلى نشر استطلاع على منصة X يوم 5 يونيو سائلاً: “هل حان الوقت لإنشاء حزب سياسي جديد في أمريكا يمثل فعلاً الـ80% في الوسط؟” حصل الاستطلاع على أكثر من 5.6 مليون صوت مع موافقة 80% تقريباً.
أعلن ماسك بعدها مباشرة: “الشعب تكلم. حزب سياسي جديد مطلوب في أمريكا لتمثيل الـ80% في الوسط! وبالضبط 80% من الناس يوافقون. هذا قدر”** وكشف يوم 6 يونيو عن اسم الحزب المقترح: “حزب أمريكا”.
هذا الاقتراح يمثل انقطاعاً كاملاً عن أجندة ترامب وموقفاً سياسياً مستقل، خاصة أن ماسك انتقد مشروع قانون ترامب الرئيسي ودعا الجمهوريين للتصويت ضده، بل وأيد لفترة وجيزة دعوات لعزل ترامب (قبل حذف هذه المنشورات).
الاتهامات المتعلقة بقضية جيفري إبستين
في ذروة الخلاف يوم 5 يونيو، أدلى ماسك باتهامات غير مدعومة بالأدلة حول قضية جيفري إبستين، حيث نشر على X: “حان الوقت لإسقاط القنبلة الكبيرة حقاً: @realDonaldTrump موجود في ملفات إبستين. هذا هو السبب الحقيقي وراء عدم نشرها للعلن”. وأضاف: “ضعوا علامة على هذا المنشور للمستقبل. الحقيقة ستظهر”.
لم يقدم ماسك أي أدلة تدعم هذه الادعاءات ولم يوضح كيف حصل على معلومات عن ملفات غير منشورة. ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت قائلة إن هذه “حلقة مؤسفة من إيلون، الذي غير راضٍ عن مشروع القانون الجميل الكبير الواحد لأنه لا يتضمن السياسات التي أرادها”.
محامي إبستين السابق ديفيد شوين، الذي مثّل إبستين في الأيام التسعة الأخيرة قبل وفاته، رد بحزم قائلاً: “يمكنني القول بصراحة ووضوح وبشكل قاطع أنه لم تكن لديه معلومات تضر بالرئيس ترامب. سألته تحديداً!” وأضاف أن إبستين أوضح أن دونالد ترامب لم يفعل شيئاً خاطئاً وأنه لم تكن لديه معلومات مضرة ضده.
الآثار السياسية والاقتصادية
الخلاف عقّد مرور مشروع قانون ترامب التشريعي في الكونغرس وأثار تساؤلات حول وحدة الحزب الجمهوري قبل انتخابات 2026 النصفية. تباينت ردود فعل أعضاء الكونغرس الجمهوريين:
- السيناتور تيد كروز: “أتمنى حقاً لو توقف ماما وبابا عن الصراخ”
- النائب تروي نيلز: طالب ماسك بالتوقف عن مهاجمة ترامب قائلاً “لقد فقدت عقلك”
التأثير على الأسواق المالية
انهارت أسهم تسلا بنسبة 14.3% يوم 5 يونيو، خاسرة حوالي 150 مليار دولار من قيمتها السوقية، بينما خسر ماسك شخصياً حوالي 34 مليار دولار من ثروته الصافية.
ماذا سيحدث في المستقبل؟
أعلن ترامب يوم 6 يونيو أنه لا يخطط للتحدث مع ماسك وأنه “لا يفكر حتى في إيلون”، مضيفاً أنه “لن يتحدث معه لفترة على ما أعتقد”. هذا التطور يشير إلى انقطاع شبه كامل في العلاقة التي كانت من أقوى التحالفات السياسية في العصر الحديث.
الخبراء السياسيون يرون أن هذه العلاقة كانت “معاملاتية في المقام الأول” وأن انهيارها أصبح “لا يمكن إصلاحه” بسبب الطبيعة الشخصية للهجمات والتهديدات المالية والطابع العلني للخلاف.