الأربعاء 7 رَجب 1446هـ 8 يناير 2025
موقع كلمة الإخباري
تحليل: التحديات الخمسة الكبرى التي تواجه ترامب في الشرق الأوسط
خاص ـ كلمة | سراج علي
2025 / 01 / 04
0

لا يزال الشرق الأوسط يستحوذُ على اهتمام العالم ويشكّل إلى جانب التنافس مع الصين وروسيا ومكافحة الإرهاب تحديات للولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً للرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي لم يتبقَ إلا القليل على تسلّمه رسمياً لمنصب الرئاسة، وكان يسعى إلى إحداث تغيير كبير قبل ذلك، ولكن كما يبدو أن الأمر لا يمكن أن يتحقق هكذا سريعاً؛ في ظل مساعيه الأخرى التي لم يفصح عنها بعد؛ ولكنَّ معلومات مؤكّدة تشير إلى دوره القادم في صعود اليمين المتطرّف، وهو ما سنعرفه فيما بعد.

واعتبرت مراكز البحوث العالمية ووسائل إعلامية تابع (كلمة) تقارير أصدرتها مؤخراً، أنّ ترامب "سيواجه عدداً من القضايا العاجلة والتحديات طويلة الأجل بعد تنصيبه بتاريخ (20 يناير/ كانون الثاني الجاري)".

وأوضحت بأنّ "السياسة الخارجية لعام (2025) موضع تساؤل بقدر ما هي عليه اليوم في نهاية عهد جو بايدن".

1. الملف الإيراني المربك لواشنطن

من المؤكد الآن بحسب المراقبين، أنّ إيران تشكّل لترامب التحدي الأكبر في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تواصل فيه بناء برنامجها النووي مع اتخاذ موقف مواجهة متزايد تجاه إسرائيل؛ خصوصاً بعد الدعم الكبير الذي قدمته لما يُعرف بـ (محور المقاومة) الذي شاكس واشنطن واستنزف قوّة تل أبيب الساعية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد.

وتقرّ صحيفة (Times Of Malta) في تقرير لها أن "الخوف الآن يتمثل في إسراع إيران من وتيرة برنامجها النووي" والذي اعتبرتهُ "عاملاً حاسماً في تغيير قواعد اللعة".

ورأى بأنه "يتعيّن على أوروبا أن تفكّر في بدء حوار مع طهران ووعدها بتقديم المساعدات التي تحتاج إليها بشدة في مقابل عدم السعي إلى مسار نووي".

في حين جمع الخبراء في معهد كوينسي عدة أولويات رئيسية، مع الأخذ في الاعتبار رغبات ترامب المعلنة في متابعة السياسة الخارجية بما يخدم المصلحة الوطنية والحد من تورط واشنطن في الحروب الجديدة في الخارج.

وتساءل المعهد: هل يستطيع ترامب أن يلتزم بأهدافه الخاصة، بالنظر إلى الحروب الساخنة في إسرائيل وأوكرانيا وتورط واشنطن المستمر فيها - والتوترات المتزايدة مع بكين؟

2. الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني

فيما يخص هذا الملف الشائك والخطير، تقول المستشارة الأولى في معهد كوينسي (كيلي بوكار فلاهوس) أنه "في إسرائيل، ليس هناك يقين من أن العملية العسكرية لتل أبيب سوف تستمر، ناهيك عن أن تؤدي إلى السلام في المنطقة"، مبينة أن "ترامب بحاجة إلى إقناع حكومة نتنياهو بالمضي قُدماً في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة".

وأضافت أنه "يجب على الولايات المتحدة الحد من عدد عمليات نقل الأسلحة الفتاكة إلى إسرائيل، وخاصة القنابل التي يبلغ وزنها (2000 رطل)، والتي أدت إلى انتهاكات للقانون الدولي والقانون الأميركي فيما يتعلق بنقل الأسلحة التي من المرجّح أن تستخدم لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" بحسب قولها.

في حين تقول زميلة معهد كيو آي (أنيل شيلين) في مقال لها: إن "على واشنطن إقناع نتنياهو بأن سياساته المتطرفة في غزة والضفة الغربية ولبنان سوف تأتي بنتائج عكسية على علاقات تل أبيب نفسها ومع العالم العربي الأوسع".

وفي أسوأ السيناريوهات، بينت شيلين: إن "تصرفات إسرائيل سوف تستمر في تأجيج احتمالات نشوب صراع إقليمي أوسع نطاقاً وجرّ الولايات المتحدة إلى الصراع".

وتشدّد شيلين في الوقت ذاته بأنه "سيكون من مصلحة ترامب كبح جماح حكومة نتنياهو وأجندتها المتطرفة، التي تزعزع استقرار المنطقة وتزيد من احتمالات جر الولايات المتحدة إلى حرب غير ضرورية".

وتابعت، "يتعيّن على ترامب أن يوضح لنتنياهو أنه يريد أن يهدأ الصراع الإقليمي، الأمر الذي يتطلب من إسرائيل أن تتوقف عن مهاجمة جيرانها والتوقف عن قتل الفلسطينيين".

ومع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمّرة على قطاع غزة، فهي تمثل تحدياً كبيراً أمام ترامب، وظهر للعالم بعد سقوط الآلاف من القتلى الفلسطينيين بآلية الحرب الإسرائيلية، أن واشنطن لا تمتلك نفوذاً كبيراً تل أبيب التي تواصل انتهاك القانون الدولي وتعرّض أرواح آلاف آخرين للخطر.

وفيما يحذر مسؤولون من الأمم المتحدة من كارثة إنسانية؛ في حال لم يتم الإسراع بوقف إطلاق النار بين تل أبيب وحماس، فإن الولايات المتحدة الأمريكية "عاجزة بعد عن كبح جماح إسرائيل".

3. العلاقات مع دول الخليج العربي

بما يخص توسيع العلاقات مع دول الخليج العربي، فلم تظهر بعد ما هي خطط ترامب القادمة، ولكنه على الأكثر بحسب المحلل السياسي (جهاد زغير) "سيورّط دولاً خليجية في إعادة التحالف الدولي ضد الحوثيين في اليمن، وصولاً إلى توسعة رقعة التطبيع العربي مع إسرائيل، في الوقت الذي شهدت فيه جهود واشنطن تباطؤاً للتوسط في اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية، وهو ما سيجعل ترامب يسعى إلى تحقيقه خلال الفترة المقبلة" بعد ان أحبطَت أحداث (7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023) مثل هذه الجهود في الوقت السابق.

4- التنافس مع الصين وروسيا في المنطقة

عن هذه المفصلية، يؤكد زملاء معهد (كيو آي) في أوراسيا، أنه "\يتعين على ترامب أن "يحافظ على التزامه بوضع مصالح الولايات المتحدة في المقام الأول. وهذا يعني السعي إلى تحقيق استراتيجية أوروبية لتوازن القوى تتجنب استفزاز روسيا بشكل غير ضروري؛ بل وتسعى بدلاً من ذلك إلى جمع كل الأطراف على طاولة المفاوضات وإنهاء الحرب من خلال المفاوضات".

وعلاوةً على ذلك، يقول خبراء معهد تشيو: إن "الولايات المتحدة لابد أن تلعب بورقة الصين من خلال الأخذ في الاعتبار مصلحة بكين في رؤية نهاية الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك بعض الديناميكيات المساعدة ــ مثل الدعم العسكري الذي تقدمه كوريا الشمالية لموسكو" ومن شأن إشراك الصين في التوصل إلى سلام تفاوضي أن "يساعد في ربط الأطراف وتحسين العلاقات المتوترة بين واشنطن وبكين، وإرساء الأسس للتعاون الدبلوماسي في المستقبل".

5. مكافحة الإرهاب في المنطقة

بعد تخلي الولايات المتحدة عن حربها على حركة طالبان الإرهابية في أفغانستان، وفسح المجال أمامها للعودة إلى سدة الحكم منذ (2021)، وصولاً إلى تغير نظرتها حول هيئة تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني، الذي أعلنت فيما مضى عن جائزة مغرية للقبض عليه، وتخلّت فيما بعد عن ذلك، بعد تصنيفه كمعارضٍ بمجرّد إطاحته بحكم بشار الأسد الذي كان يمثل الحليف الأول لروسيا العدو اللدود لواشنطن، وبالتالي فإن ربح دونالد ترامب مسبقاً ورقتين قبل تنصيبه رسمياً.

ولكن مع ذلك يبدو مشهد التهديد الإرهابي مختلفاً كيراً بحلول العام الجديد، عما كان عليه في العام (2017) عندما تولى ترامب منصبه لأول مرة.

ورغم الخسارة الكبيرة التي مُنيت بها ما تُعرف ـ بالدولة الإسلامية في العراق والشام ـ واختصاراً (داعش) وما تلقّته من ضربة قوية في العراق بعد الفتوى التي أطلقها المرجع الأعلى للشيعة السيد السيستاني في النجف، ولكن لا يزال داعش الإرهابي نشطاً، بل ويريد الآن فرض سيطرته من جديد بعد التغيرات الأخيرة التي شهدتها سوريا.

وأكدت القيادة المركزية الأميركية في أواخر (أكتوبر/تشرين الأول) من العام المنصرم، أنها شنت غارات جوية ضد عدد من أهداف داعش في سوريا، مما أسفر عن مقتل العشرات من عناصر داعش وإثبات أن المجموعة لا تزال قوية، خاصة إذا استغلت الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتها الحالية كما يرى ذلك الباحث الأمريكي (كولن ب. كلارك).

كما يلفت كلارك إلى قضية المقاتلين الأجانب المتبقين وعائلاتهم التي لا تزال موجودة في مخيم الهول السوري، موضحاً أنه "في محاولة لإغلاق الفصل المتعلق بسوريا تماماً، قد يسعى ترامب إلى تسريع أو إجبار إعادة آلاف الأجانب الموجودين حالياً في أماكن مثل الهول، وهو احتمال مقلق بالنسبة للعديد من البلدان التي سيتم إعادة هؤلاء الأجانب إليها".

وحذر من أنه "إذا استمر تجاهل هذه القضية على مستوى السياسة، فلن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن يحاول مسلحو داعش الهروب من السجن مرة أخرى، كما فعلوا في الحسكة في عام (2022) حيث ورد أنهم أطلقوا سراح مئات من سجناء داعش".

ثم يتحوّل كلارك في حديثه عن التهديدات الإرهابية، إلى الفرع الشرس لداعش في أفغانستان ـ ولاية خراسان.

فقد شنت تلك المجموعة هجمات في إيران في أوائل (يناير/ كانون الثاني 2024) من هذا العام وأخرى في (مارس/ آذار 2024) في موسكو، كما تم إحباط العديد من المؤامرات التي تستهدف الدول الأوروبية، بما في ذلك واحدة في فيينا خلال الصيف الماضي، وقد هددت ولاية خراسان مراراً وتكراراً بمهاجمة الأحداث الرياضية العالمية، بما في ذلك مباريات دوري أبطال أوروبا في الصيف الماضي في لندن ومدريد وباريس.

وبحسب كلارك "ينبغي أن يكون التركيز المستمر لولاية خراسان التابعة للدولة الإسلامية على العمليات الخارجية من بين أولويات مكافحة الإرهاب القصوى لإدارة ترامب".

ولكن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان ليس التهديد الإرهابي العالمي الوحيد الذي سيتعين على إدارة ترامب مواجهته. فهناك تهديدات أخرى عابرة للحدود الوطنية لا تزال تتفشى.

وتشير التقارير إلى أن جماعتين تابعتين لتنظيم القاعدة ــ حركة الشباب في الصومال وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في اليمن ــ تشكلان تهديداً خطيراً، ويتعيّن على ترامب مواجهة هذا التحدي الجديد.

الآن ولم يبق سوى أيام قليلة على تنصيب دونالد ترامب رسمياً رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فإن هذه التحديات المذكورة آنفاً تمثل الأبرز على الساحة العالمية، ولكن يبقى السؤال الأهم وفي ظل هذه التوقّعات: كيف سيتعامل ترامب وهل لديه خطط لم يكشف عنها؟، إلى جانب رؤيته الاستبدادية الملفوفة بتمويه الحرية، هل ستبقى هكذا أم تتغير؟!



التعليقات