في الوقت الذي يروّج فيه البعض وخاصّة عبر وسائل الإعلام الغربية، عن عودة ثانية محتملة لعصابات داعش في العراق في ظل الظرف الجديد لسوريا في أعقاب سقوط النظام الحاكم، يسعى العراق إلى تكثيف جهوده الأمنية ومحاولة منع حصول ذلك.
تحذيرات كثيرة صدرت مؤخراً، أشارت إلى خطر داعش المستمر، رغم الانتصار الذي حقّقه العراق على هذه العصابات منذ العام (2017) ويعيد العراقيون استذكارها في هذه الأيام.
ويصدّر معهد هدسون هذه التحذيرات، فيما أسماه بـ "الخطر الوجودي لداعش"، وذلك في تقرير له صدر مؤخراً، والذي لا يشمل العراق لوحده وإنما على المستوى العالمي.
المعهد ذكر في تقريره الذي اطلع عليه (كلمة) الإخباري: إنه "على مدى السنوات القليلة الماضية، توسّع التركيز على تنظيم داعش الإرهابي ليشمل ما هو أبعد من مناطقه الأصلية في العراق وسوريا، حيث تمّ استنساخ العديد من الأنشطة التي كانت محور التنظيم بشكل أو بآخر ضمن شبكته العالمية".
وأوضح بأن "التنظيم عمل خلال الفترة الأخيرة على تحشيد مقاتليه الأجانب، وكذلك التخطيط للعمليات الخارجية، إضافة إلى سيطرته على مناطق واسعة وجديدة في كل من (مالي، نيجيريا، الصومال وموزبيق)".
إلا أنه بحسب تقرير المعهد "تبقى القاعدة الأصلية للتنظيم في العراق وسوريا ذات أهمية قصوى؛ بسبب أهميتها التاريخية والوضع غير المستقر في المنطقة".
ويتزايد الخطر الوجودي لداعش على العراق، بعدما استولت المعارضة السورية عبر جناحها العسكري (هيئة تحرير الشام) القريبة من فكر وعقيدة داعش، إذ أن هناك احتمالية كبيرة لشن هجمات جديدة تستهدف العراق من قبل العصابات الإرهابية.
وفي إزاء هذه التحذيرات عن عودة العصابات الإرهابية، شهد العراق حتى اليوم الاثنين، عمليات أمنية استباقية لعدد من المناطق التي يُحتمل أن تضمّ بقايا لداعش وخصوصاً من الخلايا النائمة التي تستعد لخوض هجمات جديدة وتتحين الفرص لذلك.
ومما يؤكّد احتمال وجود هذا الخطر في العراق، هو ما حصل باستشهاد ضابط وعنصر بعد الاشتباك مع إرهابي تابع لداعش في محافظة الأنبار، وفقاً لم أفادته خلية الإعلام الأمني.
ويرى السياسي المستقل عزّام الحمداني في تصريح له تابعه (كلمة): إن "عصابات داعش الإرهابية تعمل على استغلال الأوضاع في العراق خاصة بعد الأحداث التي تشهدها سوريا"، إلا أنه استدرك بالقول: إن "الأجهزة الأمنية تمتلك القدرة على مواجهة هذه المحاولات وضبط الأمن في البلاد".
وأضاف، أن "العراق مستهدف والكل يعلم بذلك وهو مثل دول المنطقة، يخضع لتأثيرات خارجية مضادة"، مضيفاً أن "هذه التأثيرات قد تحصل بشكل عسكري أو غير عسكري، وهناك مخاوف من انتقال تجربة سورية التي سعى فيها فاعل دولي إلى العراق، لكن الدولة العراقية قادرة على مواجهة هكذا محاولات والتصدي لها" على حدّ قوله.
وفي هذه الأثناء، كشفت لجنة الأمن والدفاع النيابية، اليوم الاثنين، عن نتائج أربع عمليات أمنية نوعية في العراق خلال (72 ساعة)، هذه العمليات جاءت في تحرّك استباقي لخنق الخلايا النائمة في أوكراها ومنعها من التحرّك.
وقالت اللجنة في تفصيلات جديدة تابعها (كلمة): إن "الفرق الأمنية المختصة والمدعومة بجهد استخباري نفّذت خلال الساعات الـ (72 الماضية) (4 عمليات نوعية) في عدة محافظات استهدفت خلايا نائمة ونجحت في اعتقال أغلب افرادها".
وتأتي هذه العمليات الأمنية بحسب اللجنة النيابية "في إطار الجهد النوعي لإنهاء خطر الخلايا النائمة، وتأمين جهود تعزيز الاستقرار الداخلي".
من جهتهم يربط مراقبون عراقيون بين ما حصل في سوريا بإطاحة النظام الحاكم على أيدي الجماعات المسلّحة، وما حصل في أفغانستان في العام (2021)، عندما عادت طالبان الإرهابية لمسك الحكم في البلاد.
وقال الصحفي ضياء الحسيني في حديثه لـ (كلمة): إنّ "أفغانستان وبعد الانسحاب الأمريكي منها عام (2021) سمحت بعودة حركة طالبان الإرهابية ومسكها للحكم للمرة الثانية".
وتابع بأنّ "ما حصل بعد ذلك أن طالبان سمحت بتنامي جماعات مسلّحة أخرى، بينها حركة (طالبان ـ خراسان) وكذلك (طالبان ـ باكستان) والتي استغلّت هذا الجو الجديد في شن هجماتها المسلّحة على الأبرياء".
ويرى بأنّ "صعود الجماعات المسلّحة المتمثلة بـ (هيئة تحرير الشام) لحكم سوريا، قد يسمح في المستقبل بتنامي تنظيمات وجماعات مسلّحة مثل (داعش) والعودة مرّة أخرى لشنّ هجماتها الإرهابية".
وأضاف بأنّ "الهيئة حتى وإن ظهرت أنها متقاطعة مع داعش، ولكنّها لن تقبل ببقاء عناصرها في المستقبل على الأراضي السورية، وبالتالي فإنّ أقرب منطقة لإزاحتها نحوها يتمثل بالعراق".
وأكد الحسيني بأنّ "من الضروري جداً على المستوى الحكومي والشعبي في العراق توقّع مثل هذه السناريوهات، ويعملوا من الآن على عدم السماح بعودة عصابات داعش" التي ستعود وفقاً لنظره "للثأر من العراقيين بعد خسارتها التي مُنيت بها قبل سبع سنوات".