ما أن دخلَ الاتفاق بين إسرائيل ولبنان لوقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، رفعَ أبو محمد الجولاني واسمه الحقيقي (أحمد الشرع) مزماره الذي يشبه (الغليون) ونفخَ فيه.. حتى خرجت جماعات مسلّحة من تحت الأرض وفوقها، لتخوض حربها علناً ضد الجيش السوري وتتقدّم لنحو (10 أيام) على مناطقَ من البلاد.
وأدخلت هذه التحرّكات الجديدة من الجماعات المسلّحة التي تتبع ما تُعرف بـ "هيئة تحرير الشام" المتحالف مع جبهات وتنظيمات إرهابية أخرى، سوريا والمنطقة وحتى العالم بأكمله في حالة من الإنذار.
وفي ظل هذه التداعيات الخطيرة، أعلنت جهات عدّة دعمها الكامل للحكومة السورية لمواجهة الجماعات المسلّحة، وأبرزها العراق وروسيا وإيران، واعتبرت الأخيرة أن تزامن الهجوم الإرهابي في سوريا مع وقف إطلاق النار على لبنان "دليل على مؤامرة أميركية - إسرائيلية لإضعاف محور المقاومة" .
وأكدت الحكومة الإيرانية، في اتصال منفصل مع نظرائها الروس والعراقيين والسوريين، أن "وقوع هجوم من قبل الجماعات الإرهابية في سوريا يعد سيناريو خطيراً على المنطقة".
كما شدد الإيرانيون على أنه يتعيّن على الدول القريبة من سوريا "اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع تقدّم الإرهابيين".
فيما أكّد العراق وعلى لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني "موقفه الداعم للحكومة السورية في حربها على العصابات الإرهابية".
واعتبر السوداني أن أمن العراق وسوريا مترابطان ويؤثّر أحدهما على الآخر.
ووفقاً للمعلومات المتداولة عن الجماعة المسلحة، فقد تأسست في العام (2017) باسم "هيئة تحرير الشام" وهي في الأصل منشقة عن "جبهة النصرة" المصنّفة كجماعة إرهابية عالمياً.
ومن ذلك العام، خاضت الهيئة العديد من المعارك ضد القوات السورية، والتي عادت لتظهر إلى العلن بمجرّد انزواء تل أبيب عن مواصلة هجماتها ضد لبنان وحزب الله.
وبحسب مراقبين فإن "العدوان على سوريا بدأ بمجرّد أن أنهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمته بعد إعلان الهدنة، وتعرضت المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان للقصف، إضافة غلى قصف مبانٍ طبية قامت سوريا بإنشائها مؤخّراً".
ويرى المراقبون أيضاً ومن بينهم نضال الخزعلي أنّ "هدف الجماعات المسلحة في سوريا هو قطع محور المقاومة وبالتالي إسقاطه تماماً، ليخدم بذلك خطط إسرائيل في المنطقة".
وتابع بأنّ "استهداف المقاومة لم يكن وليد اللحظة أو عبر المواجهات مع الجماعات المسلّحة، وإنما بدأ منذ انطلاق طوفان الأقصى وتواصل على مدى الأشهر الأخيرة".
ولفت إلى أن "أبرز عناصر خطة العدو للوصول إلى هذا الهدف، إضافة إلى استمرار الهجمات الإسرائيلية والتصعيد المتوقع في هذه المرحلة، تكمن في دعم وتجنيد الفصائل الإرهابية التي تسيطر على أجزاء من الأراضي السورية".
كما اعتبر أن "هناك فصائل أخرى تنتظر موعداً في جنوب سوريا، لتنقضّ هي الأخرى على ما يمكن من الأراضي السورية".
ولفت الخزعلي إلى أن "الهجمات الأخيرة في سوريا جاءت متزامنة وبالتنسيق مع إسرائيل، كما سبقها تحرّك لعصابات داعش على مواقع تابعة للجيش في البادية السورية".
واللافت أيضاً بحسب مراقبين آخرين أن "هذه الفصائل بدأت عملياتها بنشر ادّعاءات عن سيطرتها على مواقع تابعة لحزب الله في ريف حلب الغربي، وسقوط قتلى وأسرى من الحزب". وهو ما اعتبره المراقبون "رواية إسرائيلية ودليل جديد على العلاقة المتبادلة بين إسرائيل وحلفائها من العصابات المسلحة" بحسب قولهم.
وفي تتبع زمني لما حصل خلال بثّ هذه الادّعاءات، فإن "الهجمات استهدفت عدداً من قوات النخبة من الجيش السوري، وسرعان ما استعاد زمام المبادرة، وبدأت قاذفاته وطائراته الحربية بقصف كافة خطوط الإمداد والتجمّعات في ريف حلب وإدلب.
كما قصف الجيش السوري مناطق تواجد المسلّحين في "أورام، ودرات، وكفره عمه، وعبيرا وغيرها" وأوقع الكثير منهم بين قتيل وجريح.
ثم بدأت وحدات المدفعية والصواريخ في الجيش السوري باستهداف كافة مواقع المسلحين في تلك المناطق، ولا تزال القوات الجوية السورية والروسية المشتركة تنفذ غاراتٍ حربية حتى هذه اللحظة، فيما تداهم أماكن متفرقة على الخطوط الأمامية لحلب، وإدلب وريف حماة، وعبر استخدام أسراب من الطائرات المسيّرة.
ورغمَ ما يعلنه الجيش السوري عن نتائج المعركة مع المسلّحين، فإن ما حصل يعد من أعنف المعارك التي جرت خلال السنوات الأربع الماضية على جبهات شمال سوريا.
وهنا، من المتوقع أن تحسم هذه المعركة من طرف الجانب السوري الروسي، الأمر الذي سيؤدي إلى تحرير الطريق الدولي "M4"، وهو الهدف المتفق عليه مسبقاً بين الجانبين الروسي والتركي.