الاتفاقُ الذي وقّعه العراق مؤخراً مع بريطانيا، عبر وزير الداخلية عبد الأمير الشمري ونظيرته إيفيت كوبر في العاصمة بغداد، ينص على مكافحة مهربي البشر ومنع تدفّق المخدرات، ولكن يحملُ أيضاً بنداً ثالثاً سيتلقّى عليه العراق منحة مالية قدرها (500 ألف جنيه إسترليني).
هذا البند يتمثّل بتدريب قوّات الأمن المحلية على تأمين الحدود، إلى جانب دعم المشاريع في إقليم كردستان العراق وتشكيل قوّة مهام جديدة.
ينظرُ الإعلامي ضياء الحسني في حديثه لـ (كلمة) الإخباري إلى أنّ "هذا البند يحملُ في ظاهره قيمة مهمة على مستوى تطوير العناصر الأمنية العراقية وخصوصاً في مسألة تأمين الحدود، ولكن في طيّاته يحمل أبعاداً أوسع ستظهر مستقبلياً".
بحسب الحسني فإنّ "مثل هذا البند يتيحُ لبريطانيا تشكيل تحالف أمني جديد، سيحلُّ محل التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، والذي من المقرر أن يتم إنهاء تواجده في العراق بعد تحقيق الانتصار على داعش".
ويشير إلى أنّ "وجود هكذا تحالفات وتواجد أجنبي على الأرض العراقية أصبح غير مرغوب به من قبل جهات عراقية عديدة".
أما المحلل السياسي واثق عمران فيقول لـ (كلمة): إنّ "البندين الأول والثاني من الاتفاقية مهمّان جداً؛ وسيكون العراق مؤثراً جداً في القضاء على ظاهرتي مهربي البشر وتجّار المخدرات"، مضيفاً بأن "الأخيرة هي مهمّة كبيرة ويجب بذل الجهود على مستوى الدولة للقضاء على ظاهرة المخدّرات التي تشكّل خطراً على العراقيين وخصوصاً من الشباب".
فيما أشّر مراقبون عراقيون إلى أن "هذا الاتفاق وخصوصاً ما يحمله البند الثالث منه بخصوص تدريب العناصر العراقية، يجب أن يتم دراسته، وعدم القبول به إلا لفترة وجيزة تقتصر على فترة التدريب لا أكثر".
وفي السياق ذاته، يربط مراقبون آخرون بين التقارب الزمني للاتفاقية (العراقية ـ البريطانية) وتصريحات السفيرة الأمريكية (إلينا رومانسكي) قبل مغادرتها بغداد انتهاء مهمّتها الدبلوماسية في العراق.
وصرّحت رومانسكي للصحفيين: بأن "بلادها ملتزمة في توقيتات ملفّ إنهاء تواجد التحالف الدولي في العراق".
ويعتقد هؤلاء المراقبون أنّ "هناك تحالفاً جديداً ستطرحه بريطانيا بمجرّد إنهاء التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية".
وأشاروا إلى أنّ "مهمّة أمريكا الجديدة في العراق ستكون من خلال الاقتصاد" ربطاً بتصريحات رومانسكي التي أكدت في التصريحات ذاتها أن "هناك تنمية اقتصادية واستثمارات أمريكية بشكل تدريجي لدعم الاقتصاد العراقي".
ويتشعّب هذا التصريح لطرح فرضيات أخرى، بينها "محاولة أمريكا إيجاد حضور اقتصادي أكبر من السابق في العراق، بما يخدم استمرار مثل هذه العلاقات، والتي بدورها ستقلل من العلاقات الاقتصادية بين العراق والصين مثلاً أو دول أخرى".
ولكنّ بحسب المراقبين "من المستحيل ترك العراق يخوض انتصاراته على العصابات الإرهابية ودفع الأخطار الخارجية عنه" ولذلك فإن بريطانيا "دخلت على الخط قُبيل انسحاب قوات التحالف الدولي الأمريكي" ومن "باب أمني جديد".