ولِد وترعرعَ في النجف المدينة العراقية التاريخية التي تحتضن مرقد الإمام علي (ع)، والحوزة العلمية لأكثر من (1000 عام)، إلا أنّ لقباً رافقه طيلة حياته وهو (الهندي) نسبةً إلى أجداده الذين سكنوا لفترة في بلاد الهند، كما أن اللقب الآخر والأحب إلى قلبه والذي يتوّجهُ على عرش الشعر، أنّه يلقّب بصاحب "القصيدة الكوثرية" نسبةً إلى قصيدته المشهورة التي يقول في مطلعها:
أمُـفَـلَّـجُ ثَغْرِكَ أَمْ جَوْهَرْ ورحيقُ رضابِكَ أَمْ سُكَّرْ
قد قالَ لِثَغرِكَ صــــانِعُهُ إنَّـا أعطيناكَ الكوثـــــرْ
إنّه الشاعر والأديب والعالم السيد (رضا بن محمد بن هاشم بن مير شجاعة النقوي الرضوي الموسوي)، المولود في أسرة علوية علمية ينتهي نسبها إلى الإمام العاشر من أئمة الشيعة علي الهادي (ع).
كان والدهُ السيد محمد الهندي من العلماء الأعلام المشهورين في مدينة النجف، وكذلك جدّه السيد هاشم الهندي من علماء المدينة الأفاضل.
في عمر الثامنة، هاجر مع والده إلى مدينة سامراء التي برز فيها المرجع الديني السيد محمد حسن الشيرازي، والذي تتلمذ على يديه من دروس الفقه والأخلاق والأدب حتى صار عمره (13 عاماً)، عندها عاد إلى مدينته مرّة أخرى، ليكمل على يدي علمائها دروسه الحوزوية، وكان من أشهر أساتذته (السيد محمد الطباطبائي، الشيخ محمد طه نجف، والشيخ محمد حسن صاحب الجواهري، والسيد أبو الحسن الأصفهاني والشيخ أغا بزرك الطهراني).
وبعد هذه المحطّة المهمة من حياته، اشتهر بين العلماء والأدباء، وصار موضع عنايته واهتمامهم وثقتهم أيضاً.
يقول المؤلف جواد شبّر في الحديث عن سيرة السيد الهندي: "شيخ الأدب في العراق والعالم الجليل والمؤرّخ والبحّاثة الشهير".
وكذلك ذكره الشيخ حرز الدين بالقول: "كان عالماً فاضلاً ورعاً زاهداً عابداً، أديباً شاعراً بارعاً، مثالاً للأدباء والعزّ والشرف والنبل، وكان اُصولياً منطقياً عروضياً، مستحضراً للمواد اللغويّة".
ولم يتأتَّ لهذا الشاعر العراقي النجفي من هذه المكانة العلمية والأدبية، سوى ما بذله من جهد في تحصيل العلوم الشتّى، وسبر أغوار الأدب، فسجّله اسمه في سجلِّ العلماء الأبرار والأدباء الكبار، وإلى جانب هذه المكانة، ترك وراءهُ تراثاً ضخماً من المؤلفات التي ما تزال محلّ عناية واهتمام الباحثين، ومنها (بُلغة الراحل، الوافي في شرح الكافي في العروض والقوافي، درر البحور في الشعر) وغيرها العديد، إضافةً إلى ديوانه الذي ضم قصائدَ خالدة تتردّد على لسان الزمان في كل مكان.
ومثلما اشتهر بقصيدته الكوثرية التي كتبها في حق الإمام علي (ع)، فللسيد الهندي قصائد تعدّ من جواهر ومعلّقات ما يُعرف بــ (أدب الطف)، فهو صاحب القصيدة التي يردّدها الخطباء على المنابر في شهري المحرم وصفر:
لـم أنـسهُ إذ قـامَ فـــــــــيهم خـاطباً فإذا همُ لا يــمـلــكونَ خـطابا
يدعو ألستُ أنا ابنَ بنتِ نـــــــبيّكم وملاذكمْ إنْ صرفُ دهرٍ نابا
رحلَ السيّد رضا الهندي بتاريخ الأربعاء (21 جمادى الأولى 1362 هـ)، في منطقة الفيصلية التابعة لقضاء المشخاب، وحُمل جثمانه إلى مدينة النجف وصلى على جثمانه السيد أبو الحسن الأصفهاني، وشارك في تشييعه الآلاف من الناس.