بعدَ إجراء التعداد العام للسكان في العراق بيومه الأول، والترقّب لإقامته في اليوم الثاني وإعلان النتائج والبيانات النهائية، تبقى هناك العديد من الموضوعات التي تشغل الرأي العام في البلد؛ حول مدى تأثير هذه العملية على عدد النواب في البرلمان العراقي.
ويطرحُ العديد من المتابعين والمهتمين بالشأن السياسي العراقي هذا التساؤل، الذي يؤشّر إلى نقاط مهمة عن المغزى الحقيقي من إقامة التعداد السكاني، وهل هو فعلاً لتحقيق "تنمية اقتصادية مستدامة" كما أعلنت عنه الحكومة، أم أن هناك "مكاسب سياسية" من ورائه.
على أرض الواقع ووفقاً ما تابعه (كلمة) الإخباري، من التصريحات السياسية وآراء المحليين السياسيين، فإنّ "البيانات الجديدة التي ستُحصد من إجراء التعداد السكاني تؤثّر على كل الفعاليات سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية".
وما يخص عدد النواب في البرلمان العراقي، فقد اعتمدت المفوضية العليا للانتخابات على إحصاء سابق أُقيم في العام (2010) وحدّدت بناءً عليه عدد النواب وكذلك عدد الناخبين المطلوب لكل مرشّح.
ووفقاً للمادة (49 أولاً) من الدستور العراقي، يُحدد عدد النواب بمعدل نائب واحد لكل (100 ألف نسمة).
واعتماداً على إحصاء العام (2010) جرى اعتماد تقديرات عددية للسكان، وهي (32 مليوناً و900 ألف نسمة)، حتى جرى تحديد أعضاء البرلمان بــ (329 نائباً) فقط.
وفي الوقت الحاضر، فإنّ التوقّعات الأكيدة تقول: إن "عدد سكان العراق سيكون ما بين (43 مليوناً إلى 45 مليون نسمة)، وسيؤثّر بشكل كبير على تغيير عدد النواب في البرلمان".
وبحسب المحلل السياسي سمير خضير، فإنّ "أي زيادة في عدد سكان العراق سيقابله زيادة عدد نواب مجلس النواب"، ويعتمد ذلك بعد إعلان النتائج النهائية.
ولكنّ خضير أشار إلى أنّ "هذا الأمر يبقى متوقفاً على مفوضية الانتخابات التي تلتزم بقانون خاص في الدستور، يحدّد عدد النواب وعدد الناخبين المطلوب لفوز كل نائب".
ويضيف بأنّ "زيادة عدد النواب في الانتخابات القادمة تستلزم تغييراً في نص القانون الذي يحدّد عددهم".
أما الخبير القانوني علي التميمي فقد ذكر في تصريح صحفي تابعه (كلمة)، أنّ "على رئيس مجلس النواب طلب تفسير المادة (49 أولاً) من الدستور عبر إرسال طلب رسمي إلى المحكمة الاتحادية باعتبار ذلك من اختصاصاتها لاستيضاح المغزى من هذه المادة".
ويضيف بأنه "في حال قرّر مجلس النواب، تطبيق المادة الدستورية، فإن عدد أعضاء المجلس سيكون من (430 - 450 نائباً) وفقاً لتقديرات عدد السكان التي تتفاوت ما بين (43 إلى 45 مليون نسمة)".
وأكثر ما يقلق الكتل السياسية خلال وبعد إعلان نتائج التعداد السكاني، هو التزايد المستمر في عدد سكان محافظات الوسط والجنوب؛ نسبة لتزايد عدد الولادات خلال السنوات الماضية.
ووفقاً للخبير الاقتصادي حيدر البطاط فقد أوضح في تدوينة له على منصّة (أكس) أن "معدل النمو السكاني في العراق يبلغ (3.1%)، وأن كل مليون عراقي ينجبون بالنسبة (31 ألف طفل)، فسيكون معدل الزيادة السنوية للسكّان (مليون و300 ألف نسمة)".
وبناءً على هذه الزيادة في أعداد السكان العراقيين والتي سيحددها التعداد السكاني العام، فقد ظهر القلق واضحاً بحسب ما رصده (كلمة) بين الكتل السياسية السنية والكردية، التي تسعى إلى إحداث توازن في التمثيل السياسي، وخصوصاً بين (الشيعة والسنة).
ولذا في حال الإعلان عن النتائج وتسجيل مشاركة فاعلة في هذه المحافظات (الوسطى والجنوبية) سيبقى المكون (الشيعي) يمثّل الأغلبية وأعلى من المكوّن (السني) في المحافظات الغربية، والأقليات العراقية الأخرى.
ولذلك يقول الإعلامي حيدر حميد في حديثه لـ (كملة): إنّ "المشاركة الفاعلة للعراقيين ستحدّد مصيرهم ومصير أبنائهم على مختلف المستويات وفي جميع المجالات".
ويرى بأنّ "الدعوات التي انطلقت من جهات شيعية عديدة للمشاركة الفاعلة في التعداد السكاني، كانت مهمة جداً، لمعرفة العدد الحقيقي من أتباع كل مكوّن".
وسيؤثّر ذلك طبعاً بحسب قوله: "على زيادة التمثيل السياسي الشيعي، وكذلك الموازنات المالية لكل محافظة في المستقبل، مما ينعكس إيجاباً على مشاريعها وفرص التوظيف وغيرها".