تتجّه دول عديدة إلى طرح منتجاتها (الحلال) التي تشجّع الرغبة على شرائها لدى جمهور واسع من مسلمين وحتى من غير المسلمين، الذينَ لا يمكنهم تناول طعام إلا بشرط أن يكون (حلالاً)، وفقاً للتعاليم الإسلامية والقيم الأخلاقية أيضاً.
لقد أصابت خيبة الأمل الكثير من الناس في العالم الغربي؛ بسبب عدم توافر المنتجات الحلال وخاصة (الطعام) في الأسواق، وخصوصاً في استخدام أو تعمّد استخدام (دهين الخنزير) وغيرها من المنتجات التي ينفرها ويحرّمها الدين الإسلامي، بل ولا يرغب بها عدد كبير من غير المسلمين، على اعتبار أنها تسبب مشاكل صحية وحتى نفسية بمجرّد تناولها.
والحلال أو (Halal) كما تُكتب باللغة الإنجليزية، تعني الطعام المسموح به وفقا للشريعة الإسلامية، وتعد اللحوم والدواجن والمأكولات البحرية من القطاعات الأساسية لسوق الأطعمة الحلال. وتعتبر اللحوم الحلال، على وجه الخصوص، ذات أهمية قصوى للمستهلكين المسلمين، ومنها لحم البقر والضأن والدجاج والمأكولات البحرية.
وقبل أيام قليلة، أعلنت ماليزيا عن إقامة مهرجان (الحلال الدولي) لعام 2025 في مركز التجارة الدولي بمدينة (ملقا). هذا الحدث من المتوقع أن يجذب أكثر من (25 ألف زائر)، وسيقام في (20 كانون الأول المقبل).
ويهدف المهرجان بحسب ما صرّحت به سلطات البلاد، إلى "دعم النمو المستمر في قطاع الحلال العالمي، وتوفير منصة رئيسية للتواصل بين الأعمال الحلال من جميع أنحاء العالم لعرض المنتجات والخدمات المتوافقة مع معايير الحلال".
فيما قال نائب رئيس المجلس الإسلامي في ملقا، أبو الفضل محمد، في تصريح صحفي تابعه (كلمة): إن "المهرجان سيقام بمشاركة أكثر من (450 عرض) من دول عدّة بينها (فيتنام، بنغلاديش وناميبيا) إلى جانب ماليزيا".
وتهدف سلطات مدينة ملقا إلى ترسيخ مكانتها كمركز عالمي لصناعة المنتجات الحلال، وهو ما سيفتح لها أبواباً واسعة للتجارة العالمية.
كما بذلت (هونغ كونغ) جهوداً كبيرة لجذب السيّاح المسلمين من خلال توسعة شبكة المطاعم التي تقدّم مأكولات (حلال) وعلى الطريقة الإسلامية.
ودعا مدير الجمعية الإسلامية في هونغ كونغ، جان لي كاتشييو إلى "تقديم خدمات مخصّصة للسياح المسلمين، وخاصة القادمين من الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا".
واقترح كاتشييو على كل منظمي الأعمال المرتبطة بالسياحة بإعداد "قائمة بالمطاعم التي تقدّم الطعام الحلال، وتشجيع الفنادق والمنشآت السياحية على توفير غرض الصلاة للمسلمين".
هذا الاتجاه المهم في صناعة المنتجات الحلال لا يقتصر على دولة دون أخرى، فقد احتضنت العاصمة البريطانية لندن في أيلول الماضي، المهرجان الدولي التاسع للطعام الحلال، والذي يعد أكبر مهرجان من نوعه على مستوى العالم، وأُقيم وسط (أستاد لندن) وجذب أكثر من (20 ألف) زائر من مواطنين وسائحين.
وقد شهد المهرجان مشاركة واسعة لوفود من (باكستان، تركيا، المغرب وإندونيسيا)، لاختيار المشاركين بعناية ووفق معايير دقيقة؛ لتقديم أفضل الأطعمة (الحلال).
وتأتي أهمية مثل هذه الصناعة التي أصبحت رائجة على مستوى العالم، لتؤشّر حجم الوعي لدى طائفة كبيرة من الناس وحتى تطور تفكير الدول في تقديم منتجات صالحة للاستهلاك البشري ولا تسيء لدينهم أو فطرتهم وحتى أخلاقهم.
كما تأتي الأهمية الاقتصادية في جانب مهم جداً، حيث تعتمد ماليزيا وإندونيسيا وغيرها اليوم على تصدير منتجاتها الحلال لدول غربية عديدة، مما أدى إلى تصاعد مبيعاتها وزيادة مواردها المالية.
ويقول مراقبون: إن "هناك طلباً متزايداً في العالم على الأطعمة الحلال، واستكشاف ثقافة جديدة من الطبخ وصناعة الغذاء لم تألفها شعوب كثيرة؛ بسبب اعتماد طرق وأساليب غير شرعية في صناعتها وإعدادها والتعامل معها".
وفي كندا وبعد تزايد أعداد المسلمين فيها سواء أكان من المهاجرين أو مواطنيها الأصليين الذين اعتنقوا الدين الإسلامي، فإنها تشهد إقبالاً واسعاً على شراء الأطعمة الحلال.
ويؤكّد مواطنون بأن "انتشار المنتجات الحلال شيء مفرح بالنسبة لهم؛ لأنّ مكونات المنتجات الغذائية مهمة لهم جداً، وتتناسب مع تعاليمهم الدينية وحتى ذوقهم في اختيار وتناول الأغذية".