الخميس 20 جمادى الأول 1446هـ 21 نوفمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
أمراض يسببها الزنا تجنّبها بالعفاف
حسن الهاشمي
2024 / 07 / 31
0

أمراض فتّاكة، تقتير في الرزق، قباحة في الوجه، موت على حين غرّة، هذه الأمور المهلكة وغيرها تعصف بالزاني، فانه وإن حصل على متعة، ولكنّها مشوبة بوخزة الضمير وسوء السمعة ووخامة العاقبة والمآل، والناجح من يتّعض من أخطاء نفسه والآخرين، والنجاح في بعض الأحيان, يكون نتيجة لسلسلة كاملة من الأخطاء، لاسيما تلك الأخطاء التي يكون الانسان حين ارتكابها خائفا وقلقا ووجلا.

وجّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنذاراً شديداً أكد فيه أن انتشار الزنا في مجتمع ما يؤدي إلى انتشار أمراض لم تكن معروفة عند من سبق، إذ قال: (يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن ـ وأعوذ بالله أن تدركوهن - وذكر منها: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) ميزان الحكمة للري شهري، ج3 ص2419.

والواقع المعاصر يؤكد ذلك، فمرض مثل الإيدز لم يظهر إلا في مجتمعات ينتشر فيها الزنا، ومن المؤكد علمياً أن الزنا هو السبب المباشر لهذا المرض، وقد اكتشفت عدة أمراض، كان الزنا هو السبب المباشر لها، ومن هذه الأمراض:

أ- السيلان: يعتبر مرض السيلان أكثر الأمراض التناسلية انتشاراً، وهو أحد الأمراض الناتجة عن الزنا.

وتبدأ الشكوى بالسيلان عند الرجال بحرقان في نهاية مجرى البول، ويعقب ذلك نزول صديد من مجرى البول، والشعور بألم شديد عند التبول، وإذا لم يتم العلاج بسرعة ينتشر الالتهاب في كل مجرى البول ليصل إلى البروستات والمثانة والخصية، وقد يحدث انسداد لهذه القنوات الدقيقة، فيؤدي ذلك إلى العقم.

أما عند النساء، فإن أكثر من 80% من المصابات لا يشعرن بأعراض مرضية، حتى تظهر مضاعفات المرض فجأة .

ونحو 20% من المصابات بالمرض تظهر عليهن أعراض المرض، وهي عبارة عن حرقان في البول أو آلام في أسفل البطن.

ب- الزهري: مرض ينتقل بمجرد اللمس عن طريق ممارسة الجنس .

وهذا المرض لا يترك جزءا من أجزاء الجسم إلا ويترك فيه آثاره، ولا جهازاً من أجهزة الجسم إلا ويجعله عاجزاً عن أداء عمله، ويصحب مرض الزهري أعراض مثل: وجود دوائر حمراء أو وردية على أنحاء الجسم، وكذلك التقرحات.

ولعل أخطر ما في هذا المرض قضاؤه على الذرية، حيث إنه ينتقل بالوراثة إلى الجنين فيصيبه، وربما أفقده حياته.

والزهري قد يؤدي إلى تضخم الكبد واضطراب في وظائفه، ويؤدي كذلك إلى إصابة اللسان بالتهاب مزمن، وقد يؤدي إلى حدوث شلل في بعض أجزاء الجسم.

ج - فقدان المناعة "الإيدز": يعتبر مرض "الإيدز" أي فقدان المناعة من أقوى الأمراض الفتاكة، لذلك يسمى (طاعون العصر)، وقد كان أول اكتشاف لفيروس "الإيدز" في عام 1981م .

واعتبر العلماء هذا المرض أخطر مرض ظهر على وجه الأرض حتى الآن، بل واعتبروه أخطر من مرض السرطان، وذلك لأن السرطان ليس مرضًا معدياً، بينما "الإيدز" ينتقل بالعدوى.

"وللإيدز" أعراض تظهر كلها في وقت واحد، وينتهي بالقضاء على المناعة الطبيعية للجسم ضد الأمراض.

وقد ظهرت أعراض "الإيدز" في بادئ الأمر على الشواذ جنسيًا في أمريكا، ثم مدمني المخدرات.

ومن أهم هذه الأعراض: تورم الغدد، ونقصان الوزن وضعف الجسم بصفة عامة، بالإضافة إلى ضيق وصعوبة التنفس، وتنتهي بموت المريض.

وقد ذكرت الإحصائيات أنه بحلول نهاية عام 1997 م كان عدد من أصيب بفيروس "الإيدز" (42) مليون شخص.

وبلغ عدد الوفيات لمرض "الإيدز" في العالم منذ ظهوره وحتى عام 2003 حوالي (41) مليون شخص، ويصيب "الإيدز" يومياً (14) ألف شخص في العالم.

وبينت إحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2013 ان عدد المصابين في العالم وصل الى 35 مليون حالة مسجلة.

وحسب نفس الإحصاءات، فإن معظم المتعايشين مع المرض هم من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، وأكثر الفئات عرضة للإصابة هن النساء، اللواتي تنقلن المرض إلى أطفالهن أثناء الحمل أو أثناء الولادة أو عن طريق الرضاعة الطبيعية، كما سجلت حالات الإصابة بالمرض بين الأطفال بحوالي (3,2) مليون طفل.

وذكرت الإحصاءات أن الإصابات الأعلى المسجلة كانت في الهند (2,100,000) إصابة، وتليها الولايات الأمريكية المتحدة (920,000) إصابة، وأوكرانيا (210,000) إصابة.

ولا تزال الأمراض الفتاكة تضرب كل من يطرق أبواب الزنا لإشباع غريزته الجنسية، ومن خلال الاستقراء والاطلاع على أحوال الناس وما تخبأه الأحداث ومجريات الأمور لنا في قادم الأيام، لعل الزنا يعد من أخطر العلاقات الاجتماعية فتكا وأشدها وطأة، وتداعياته من الوخامة ما لا ينكره كل ذي لب وهي تعصف تلك الشعوب التي تتعاطى مع هذا الوباء الماحق لترى نفسها في نهاية المطاف أنها لا محالة في مهب الرياح المسمومة الملوثة بالفساد القاتل، أما الشعوب العفيفة التي تلبي رغباتها الجنسية بالزواج والاعتدال، فان لسان حالها: "يا رب أنت خلاصي، أدخل في قلبي واجعل نورك يشع خلالي وامحُ كل خطاياي وامنحني عطاياك السخية".

وفي هذا المضمار طرق مسمعي أن شابا في ريعان عمره العشريني انساق وراء صهوة شهوته من دون اعمال لدين أو لعقل أو لعاقبة، فأخذ يفرط في طرق أبواب النساء والتمتع بأكثر عدد منهن عن طريق الزنا والعلاقات الاجتماعية الشاذة، ولكنه لم ولن يفكر أبدا بما سيؤول إليه مصيره العاثر، وطالما كان يعيش اللحظة الممتلئة بالنشوة الكاذبة القاصمة، والحقيقة التي لا مناص منها أن الافراط كالتفريط يؤدي كلاهما إلى هدم البدن، ودونهما الاعتدال في الحلال فإنه يحافظ على الصحة ويجلب على الفرد الاستقرار النفسي وراحة البال والاطمئنان القلبي.

وإن صاحبنا المسكين ما أن وصل سن الخامسة والعشرين حتى ابتلي بمرض السيلان وعدم القدرة على الانتصاب، وقام بمراجعة الأطباء وتحمّل أعباء العلاج ومرارة الدواء ولكن بدون جدوى، إذ أن سفينة صحته في نهاية المطاف رست على ميناء البؤس والشقاء وتناول مرغما مصيره المحتوم بطاقة كتب عليها "أنك فقدت القدرة على الانتصاب" إذ أن عضلات عضوه الذكري تعطلت عن العمل نهائيا، فأخذ يندب حظه العاثر وأمضى بقية عمره ونظارة شبابه حسران خسران، فأنه يرغب بالنساء ولكنه ليس بقادر على التمتع بهن جنسيا، بينما نظيره المحافظ المعتدل ربما يمارس الجنس ويتمتع بهذه اللذة الطيبة إلى نهاية عمره السبعيني، هذا هو الفارق بين الافراط في الجنس القاتل، والاعتدال في الجنس الذي يحفظ النسل ويضفي على الانسان هالة من الوقار والسكينة والاتزان.

ليس الاسراف ممقوتا في الأنكحة فحسب، بل أنه ممقوت في كل شيء لا سيما في الاطعمة والاشربة والألبسة والأمكنة، فالذي يسرف بهذه الأمور وغيرها يعرّض بدنه وروحه للأمراض الجسيمة والوبائيات الخطيرة، فالأكول الشره مثلا  ربما يحرم نفسه من أكلات، كان باستطاعته أن يتمتع بأكلها طوال حياته لو أنه لم يفرط بتناولها، ومن هنا قالت العرب "رب أكلة منعت أكلات" أي أن الاتخام والاكثار في الأكل ربما يمنعك من تناول الكثير من الطيبات التي وهبها الله تعالى لعباده، والعاقل من يتمتع بها بأطول فترة يأكلها هنيئا مريئا، بينما الطائش يتمتع بها بشراهة لفترة قصيرة، ولكن تضحى عليه غصة تنغص عليه معيشته ويتحمل تبعاتها الوخيمة ما دام يعيش في هذه الدنيا الزائلة.



التعليقات