هناك مثل إنجليزي يقول ” لو كانت أوروبا منزل لكانت بريطانيا هي البهو وإيطاليا هي المطبخ وفرنسا هي المرحاض…”، ولهذا المثل حقائق تاريخية تؤكد بأن فرنسا كانت ولا زالت مرحاض أوروبا، لأن كل القاذورات كانت موجودة فيها.
فقد كانت أحياء العاصمة الفرنسية باريس خلال العصور الوسطى بمثابة مكب ضخم للنفايات، ولم يكن الفرنسيون يعرفون المراحيض، فكانوا يقضون حاجتهم في الشوارع ويلقون فضلاتهم ومخلفاتهم في الشوارع التي كانت الخنازير والكلاب والقوارض والجرذان تصول فيها وتجول بين المنازل.
وكانت الروائح الكريهة منتشرة في كافة أرجاء باريس، حيث تتدفق المجاري الممتلئة بالنفايات في الهواء الطلق مسببة الوحول في الشوارع، في وضع كارثي تسبب في انتشار العديد من الأوبئة والأمراض، حيث فتك الطاعون وحده عام 1348 بأكثر من 80 ألف شخص في المدينة.
وخلال القرنين الـ16 والـ17 شهدت باريس اختفاءً تامًا للحمامات العمومية بعد انتشار مرض “الزهري” الجنسي، وأصبح الأطباء يحذرون من مساوئ الاستحمام اعتقادًا منهم أنه كان سببًا في دخول الأمراض إلى الجسم، وكان البديل وقتئذ هو تنظيف الوجه واليدين بمناشف رطبة ومعطرة، وزاد استخدام العطور بشكل مفرط لإخفاء الروائح الكريهة.
لقد كان الفرنسيون من القرن 15 وحتى القرن الــ20 وطيلة حوالي 5 قرون ينبذون الاستحمام ويتعايشون مع أوساخ أجسادهم، وحتى الملوك والنبلاء منهم كانوا يكتفون فقط بمسح أجسادهم بمنشفات مبللة ويكثرون من استعمال العطور، ويغيرون ملابسهم أكثر من مرة في اليوم.
ويٌروى عن الملك الفرنسي لويس 14، المعروف بـ “ملك الشمس” أنه لم يستحم في حياته إلا مرة واحدة أو مرتين، وكان قصر “فرساي” في عهده أكثر مكان قذر في فرنسا لأن الملك والأمراء والأميرات كانوا يتخلصون من حاجاتهم الخاصة حيثما اتفق داخل دهاليز القصر وتحت سلاليمه وفوق شرفاته وفي حدائقه، وكان يتم ذلك بدون استحياء، حتى شاع بين الفرنسيين مثل عن القذارة كان يقول للإنسان القذر “أنتن من فرساي”.
وللتخفيف من الروائح النتنة كان الملك والنبلاء يكثرون من استعمال العطور التي ازدهرت صناعاتها آنذاك، وحتى عام 1850 وصولًا إلى أواخر القرن الـ19 كان الفرنسيون يستحمون بمعدل مرة واحدة كل عامين.
وفي سنة 1883 تم إنشاء “قانون بوبيل” في باريس ، حيث نصّ على استخدام حاويات النفايات المغلقة، وتم تقديم هذا القانون المتعلق باستعمال حاوية النفايات والذي وقعه “يوجين بوبيلي” وهو مسؤول في حكومة باريس، ونص هذا القانون على توفير حاويات النفايات لكل منزل في باريس.
كان (Poubelle) هو أول من يطلب استخدام إعادة التدوير، فمثلًا كان هناك فصل للنفايات التي يجب أن يتم حرقها عن الحاويات التي يعاد تدويرها وهي النفايات المصنوعة من: الورق والقماش والفخار والزجاج.
والغريب أن فرنسا كرمت (Poubelle) الذي كان أول من سنّ قانون جمع النفايات والقمامة بباريس وتطهيرها من القاذورات بأن أطلقت اسمه على “الزبالة”-أكرمكم الله-ومع مرور الزمن تم إحداث بعض التحويرات في اسم (Poubelle) حتى أصبح (Laboball) وتعني الزبالة أو النفايات أو القمامة باللغة الفرنسية..