قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام ” أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا “.
أي أمر هذا الذي تحييه شيعة آل محمد الأطهار وكيف لنا أن نحييه؟!.
لغويا معنى الإحياء هو الحياة والحركة والنشاط، وهي كلمة عكس الجمود.
أما ما يقصد به بإحياء أمر آل البيت عليهم السلام، فهو توضيح تعاليمهم والتشجيع للإقتداء بهم، والإنتماء الفعلي لخطهم، فالسير في طريق التشيع هو الحق، وإستحضار مآثرهم وسيرة حياتهم لتكون قدوة للأجيال.
ويجب على المؤمن الموالي الشيعي، معرفة حقهم والثبات على ولايتهم والإلتزام بالأحكام الشرعية، والبراءة من أعداءهم ممن إغتصبوا حقهم، وذكر مناقبهم وطلب العلم، فلا خير في مؤمن موالٍ جاهل لا يعرف للعلم بابا ولا محرابا، قبول أحاديثهم المتواترة من الرواة الموثوقين، والطاعة للولي الفقيه، والتمهيد لظهور صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
ومن المستحبات لإحياء الأمر، زيارة مراقد آل البيت عليهم السلام، قال الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: ” من زار قبر الحسين في يوم عاشوراء عارفا بحقه كمن زار الله في عرشه“. ربما يثير موضوع الزيار لأضرحة الأئمة عليهم السلام، حفيظة الأصوات النشاز، والأبواق المطبلة التي تنتقد الشيعة، وتصفهم بعبدة القبور والكفار والمشركين، وغيرها الكثير من الصفات وهي أفكار خبيثة مسمومة دسها الإعلام الأموي الحاقد، عبر التأريخ ومررها لعقول الجهلة حتى أصبحت طابعا يميزهم، ونحن لانهتم بالطبع فعترة آل محمد هي بقية الإسلام ومن تمسك بها تمسك بالإسلام.
إحياء الأمر يكون عن طريق (السلوك الحسن) أولا، فيجب أن تكون شيعيا مواليا ملتزما تتخلق بأخلاق آل البيت عليهم السلام، وتقتدي بهم وتنشر فضائلهم بالفعل لا بالكلمات فقط، أن تكون ممثلا حقيقيا وإمتدادا فعليا للخط الشيعي الجعفري، وأن تتخلق بأخلاق الأنسان المؤمن، وهي (عفاف البطن والفرج وشدة الجهاد وقوة العمل).
فعفاف البطن، بألا تمد يدك للمال الحرام وأن تعيش بالكسب الحلال من كد يمينك، وفي وقتنا الحالي نرى المؤمن في إختبار حقيقي صعب جدا، يميز بها الموالي الحقيقي من غيره، فقد أصبح الوصول للرزق الحلال، صعب جدا والحصول على المال الحرام أسهل من شرب الماء، وهذا الفيصل بين الإثنين، فلا خير في من يدعى حب آل محمد و هو يمد يده للمال الحرام.
أما عفاف الفرج، فهو الإبتعاد عما حرمه الله من الزنا والإختلاط، وصون النفس ومنعها من إرتكاب المحارم، وتحصينها بالزواج بدلا من الخوض في علاقات محرمة، يعاقب عليها الله تعالى في الدنيا والآخرة، ونرى مع شديد الأسف في وقتنا الشباب والفتيات ممن لم يحصلوا على توعية إسلامية صحيحة، يلجأون الى سلوك طريق الإختلاط المحرم والزنا، تحت حجج ومسميات لا تمت للإسلام بصلة، وهذا بالطبع يتداخل مع صفة إشتداد الجهاد، خاصة الصنف الأول وهو جهاد النفس، ومعنى جهاد النفس، هو ضبطها وإلزامها بفعل ما أمر الله تعالى وترك ما نهى عنه، وضبط النفس الأمارة بالسوء هو جهاد عظيم، ومسؤولية كبرى لا يقدر عليها الجميع، خاصة في ظل الحصول على كل شيء، وأي شيء بسهولة خاصة المحرمات، وجهاد النفس درجة عظيمة لن ينالها الإ المتقي المؤمن، والصنف الآخر هو جهاد العدو والدفاع عن الدين الإسلامي، ومبادئه وسيرة آل البيت عليهم السلام والجهاد في وقتنا الحالي، لا يقتصر على القتال المباشر وحروب المواجهة، لا لا واهم جدا من يظن أن القتال هو بهذه الصورة فقط، فقتال العدو في وقتنا الحالي أخذ منحىً آخر، فالجهاد ضده ليس في ساحة الحرب، فقط بل هي ساحة مفتوحة إمتدت لتشمل حتى منازلنا وخلف أبوابنا المغلقة، فالعدو أصبح يتخذ أساليب ناعمة وغير مرئية لمحاربة الإسلام، وتعاليمه وهدمه فالحرب الناعمة على أشدها الآن، من أجل تفكيك وتسفيه الدين الإسلامي ومجتمعاتنا، وهو ما يتطلب منا الوقوف والتصدي له من خلال التمسك بمباديء الإسلام المحمدي الأصيل، وإتباع نهج آل البيت عليهم السلام .
إحياء الأمر من خلال نشر علم آل البيت عليهم السلام وتعليمه للمؤمنين، قال الإمام علي الهادي عليه السلام: ” ليتعلم علومنا ويعلمها للناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لإتبعونا “.
إحياء الإمر بالتولي والتبري، والتولي هو الإعتراف بولاية آل محمد وبأنهم هم الخلفاء الحقيقيون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من نسل الإمام الحسين عليه السلام، والتبري تعني البراءة من أعداءهم ومن سلب حقهم ونكرهُ، والتخلي عما يغضب الله ورسوله وآل بيته الأطهار، من رذائل فكرية وخلقية.
وآخرها وأهمها لإحياء أمرهم عليهم السلام هو العهد،(إن العهد كان مسؤولا)، والعهد نعني به عهدك لإمام زمانك الإمام الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، في المناصرة والمطاوعة والمبايعة، أن تكون مواليا حقيقيا تطيعه في غيبته وتنصره في حضرته، وهذا شرف كبير لن يناله الإ ذو حظ عظيم، وهو طريق صعب ومملوء بالتحديات والإمتحانات التي نخوضها يوميا.
والآن بعد ما ذكرته لكم هل أنتم موالون حقيقيون لآل البيت عليهم السلام، وهل أنتم من محيي أمرهم، وممن يسيرون على نهجهم؟!، إن كنت تشك في ذلك فهي فرصة عظيمة لتراجع نفسك وتلتحق بركب آل البيت الأطهار، وتكون عونا لهم لا عليهم، أن تكون شيعيا هو شرف كبير، فهل أنت تستحق أن تنال هذا الشرف؟!، هذا شهر محرم الحرام فكن أنت لهم ممن تحيي أمرهم، ورحم الله من أحبهم وذكرهم وإتبعهم.
عظم الله لنا ولكم الأجر يا محبين وموالين، بذكرى إستشهاد سيد شباب أهل الجنة مولاي الحسين وإخوته وأبنائه و أصحابه بهذا الشهر الأليم.