الأحد 3 ربيع الآخر 1446هـ 6 أكتوبر 2024
موقع كلمة الإخباري
الدّين والترند!
الشيخ مازن المطوري
مجاراة "الترند" وما هو "متداول" في السّاحة، أو المزاج العام، والرغبة الجماعيّة، أمرٌ مدمّر لكلّ شيءٍ يدخل فيه.
2024 / 07 / 03
0

مجاراة "الترند" وما هو "متداول" في السّاحة، أو المزاج العام، والرغبة الجماعيّة، أمرٌ مدمّر لكلّ شيءٍ يدخل فيه.

وهذه نقطة مركزيّة، وجوهريّة، لا بُدَّ من أخذها بالحسبان، وأن تكون نصب أعين كلّ مشتغل، وفي كلّ ميدان، إذا كان ينطلق في أعماله واشتغاله من أهدافٍ، وغاياتٍ دينيّةٍ ساميةٍ، لها أصولُها وضوابطُها ومحدّداتُها؛ إذ من الواضح جدّاً أن محاولةَ اللحاق بـ"الترند"، والعملَ على مجاراة ما هو متداول، تعني أن يتنازل الإنسانُ عن كثير من الأمور غير المتناسبة مع المزاج العام، ومع "الترند"، حتّى يلحق به، ويحقّق المقبوليّة العامة، فيفقدُ العملُ بذلك مضمونه وجوهره الدّيني السّامي، ويتحوّل إلى وسيلةٍ من أجل غايات أُخرى!

وعلى هذا، يفترض أن يحتكم العمل، أي عمل، للضوابط المَرْعيّة فيه، دون المزاج العام، و"الترند".

ولذلك، فحتّى التراجع عن بعض الأعمال رعايةً للمزاج العام، والاعتراض الجماعي، وليس عن اعتراف بالخطأ الحاصل، وبتجاوز الضوابط الشرعيّة، يؤسس لظاهرة خطيرة، هي ظاهرة جعل المزاج العام حاكماً.

والمفترض أن يكون الميزان، أوّلاً وآخراً، هو الحكم الشرعي، والضوابط الدّينيّة العامّة، وهي (أي الضوابط) إذا كانت تُعطي قيمةً للمزاج العام، والشعور الجماعي للمتديّنين، فيقتصر فيه على المقدار الذي تُعطيه، لا أن نتجاوز بمدّه عن حدّه، ونؤلّه الرغبة العامّة، ونُعطيها سطوةً وسلطة! فقد تكون الثقافة العامة الشايعة بين المتدينين على خلاف العرف الذي يريده الدّين، لا سيما في الموارد التي تَلْبَسُ فيه الأعرافُ، والثقافاتُ القبليّة والاجتماعيّة صبغةً دينيّةً، فيكون إعطاؤها مهابَةً وسُلطةً من الاحتكام الخاطئ، ومِن تحكيم ما حقّه الرفض والشجب.

التعليقات