الخميس 20 جمادى الأول 1446هـ 21 نوفمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
من يقف وراء ألقاب وكُنى الأئمة (ع)؟
السيد جعفر مرتضى العاملي
2024 / 06 / 29
0

لماذا سمي الإمام الحسن عليه السلام بالزكي؟ وهل ألقاب الأئمة (عليهم السلام) توقيفية ؟  

الجواب : إن معنى كلمة الزكي هو: الصالح، والطاهر من الذنوب، والزائد الخير والفضل، وهذه ولا شك هي صفات سيدنا وإمامنا الحسن المجتبى عليه السلام، الذي صرح القرآن بتطهيره من خلال آية التطهير، التي نزلت فيه، وفي بقية الخمسة أصحاب الكساء صلوات الله وسلامه عليهم..

ومن الواضح:

أولاً: أن ألقاب الأوصياء عليهم الصلاة والسلام، قد لقبهم بها الله أولاً، فقد قال بعضهم:

«.. فاعلم أن أكثر أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله، وألقابه التي خصه الله بها، ليست للتعريف والعَلَميَّة فقط، وإنما هي لتعظيمه وتبجيله صلى الله عليه وآله وسلم. وكذلك الكلام في كثرة أسماء حجج الله، أئمة المؤمنين الاثني عشر من أهل بيته، وألقابهم التي أوحى الله تعالى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنها كلها تنبئ عن مثابتهم (لعل الصحيح: مثوبتهم) عند الله، واستحقاقهم التحميد والتشريف لديه تعالى الخ..»(1)..

ثانياً: لقد روى الصدوق وغيره العديد من الأحاديث عن أئمة الهدى حول أسباب تلقيب عدد من الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم، يظهر من بعضها: أن الناس أيضاً قد رأوا في الأئمة أسباباً تدعوهم إلى إطلاق تلك الألقاب نفسها عليهم..

كما أن بعضها يشير إلى أن تلك الألقاب توقيفية، أخبر بها الرسول صلى الله عليه وآله عن بعض الكتب السماوية، أو طلب صلى الله عليه وآله منهم إطلاقها على بعض الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم، وفي بعضها: أن الله سبحانه هو الذي سماهم بتلك الأسماء(2).. وفي بعضها: أن جبرئيل قد جاءهم بها..

إلى غير ذلك مما يجده المتتبع للروايات المأثورة في ذلك..

كما أنه يمكن مراجعة ما ورد في أسباب إطلاق ألقاب بعينها على السيدة الزهراء عليها السلام، فإن فيها ما يشير أيضاً إلى التوقيف والنص من جهة، وفيها ما يدل على أن بعض الألقاب قد لحقتها من خلال رؤية الناس لتلك الأمور أو المزايا فيها صلوات الله وسلامه عليها(3)..

وملاحظة كل تلكم الأحاديث تعطينا:

1ـ أن الناس كانوا يهتدون إلى تلك الألقاب، ويطلقونها عليهم بالاستناد إلى الواقع الذي يشاهدونه، وإلى الوقائع التي رأوها ووعوها. أو بملاحظة كلام صدر في حقهم من الله ورسوله..

2ـ أن اللقب قد جاء عن الله ورسوله بصورة مباشرة، فتوافقت الوقائع والأحداث مع النص والتوقيف، وبذلك ظهر المزيد من التشريف، والتكريم، لصفوة الخلق، صلوات الله وسلامه عليهم..

ثالثاً: قد روي: أن أبا جعفر عليه السلام، قد قال لعمر بن خيثم: ما تكنى؟

قال: ما اكتنيت بعد. وما لي من ولد ولا امرأة، ولا جارية..

قال: فما يمنعك من ذلك؟!..

قال: قلت: حديث بلغنا عن علي عليه السلام، قال: من اكتنى وليس له أهل، فهو أبو جعر(4)..

فقال أبو جعفر عليه السلام: شوه، ليس هذا من حديث علي عليه السلام، إنا لنكني أولادنا في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم(5)..

ومن الواضح: أن النبز كما يكون بالكنية، كذلك هو قد يكون باللقب، فيحتاج لكي يجتنب ذلك إلى أن يلقب المولود ويكنى. فيكون قوله عليه السلام، مشيراً إلى أن ألقابهم تأتيهم من قبل آبائهم منذ ولادتهم عليهم السلام..

رابعاً: قد روي أيضاً: أنه لما ولد الإمام الحسن بن علي عليهما السلام، هبط جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله بالتهنئة في اليوم السابع، وأمره أن يسميه، ويكنيه، ويحلق رأسه، ويعق عنه، ويثقب أذنه. وكذلك حين ولد الإمام الحسين عليه السلام، أتاه في اليوم السابع، فأمره بمثل ذلك، الخ(6)..

وكل هذا الذي ذكرناه يدل على أن ألقاب الأئمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ في الأساس ـ توقيفية، قد لحقتهم ابتداء من قبل آبائهم، أو من قبل الله تعالى ورسوله..

ثم اهتدى الناس إليها من خلال الممارسة، أو من خلال سماع الرواية..

وربما يكون من المناسب الإشارة هنا إلى أن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، كان يلقب بالزكي أيضاً، وقد قالوا في سبب ذلك:

«هو أبو محمد الحسن الأخير. سماه الله في اللوح بالزكي، أصح ناصح آل محمد غريزة، أوثق أهل بيت الوحي حجة، الخ..»(7)..

وفي الختام، أسأل الله عز وجل، أن يهدي قلوبنا، وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، إنه خير مأمول، وأكرم مسؤول..

والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ألقاب الرسول وعترته [مطبوع مع مجوعة نفيسة] ص4 نشر مكتبة المرعشي ـ قم.

(2) راجع: علل الشرايع ج1 ص272/275 و277 و282.

(3) راجع كتاب: الزهراء بهجة قلب المصطفى ج1 من ص145 حتى ص199.

(4) الجعر: نجو كل ذي مخلب من السباع. أو ما يبس من الثفل في الدبر.

(5) الكافي ج6 ص19 وتهذيب الأحكام ج7 ص438 والوسائل ط مؤسسة آل البيت ج21 ص397.

(6) الكافي ج6 ص34 والوسائل ج21 ص432 وتهذيب الأحكام ج7 ص444.

(7) راجع: ألقاب الرسول وعترته ص79.



التعليقات