بغداد - كلمة الإخباري: لا تقض مشاكل الانتصاب مضجع الرجال الأكبر سناً فحسب. في الواقع، تشير تقديرات خلصت إليها إحدى الدراسات الحديثة إلى أن أكثر من نصف أعداد الرجال في الثلاثينيات من العمر يكابدون هذه المشكلة. تقع هذه النتيجة وقع المفاجأة على كثيرين، ما يسلط الضوء على الوصمة والعار اللذين ما زال ملازمين للشباب الذين يواجهون صعوبات في الحصول على انتصاب أو الحفاظ عليه.
***
على خلاف أقرانهم الأكبر سناً، تنهال على الشباب من كل حدب وصوب رسائل وصور عما يعنيه أن يكون المرء رجلاً. هكذا يتشكل لديهم تصور مفاده أن عليهم أن يمتلكوا المقدرة على ممارسة علاقة جنسية في أي مكان وفي أي وقت. ومن المفارقات أن هذا التوجه يفاقم العبء ولا يقدم أي فائدة تذكر في آليات الاستثارة الجنسية. والأهم بعد، أنه يقود إلى الصمت والإحجام عن التطرق إلى المشكلة مع أي شخص آخر، علماً أن البوح بها من شأنه أن يكون الخطوة الأولى نحو العثور على حل مناسب.
لما كانت مشاعر الخزي تسيطر عليهم، وتراهم لا يلتجئون إلى أحد ويفضون إليه بسرهم هذا، يسعى كثر من الشباب إلى حلول خاصة بهم. أحد أكثر هذه العلاجات شيوعاً اللجوء إلى استخدام "سيلدينافيل" sildenafil- المعروف أكثر باسم "فياغرا" Viagra.
في الأساس، لا يُباع إلا بوصفة طبية، ولكن بعد تخفيف القيود عنه [عن بيعه] في 2018 يمكن الآن شراء الفياغرا من دون وصفة طبية. في الحقيقة، سهولة الحصول على الدواء تكسر أحد الحواجز المحتملة وربما تناسب البعض، ولكنها لا ريب تشكل خطراً على الآخرين.
شأن أي دواء آخر، لا يخلو
[الفياغرا] من المخاطر. لسوء الحظ، لن يتبدى بعض هذه المخاطر أو
الآثار السلبية إلا بعد تناول الدواء، فتمتد من الإسهال حتى
المشكلات في القلب. كذلك ليس عسيراً أن نرى كيف أن أخذ هذه الحبوب
يصير عادة فعلاً. ولكن كيف تعرف أنك لم تعد بحاجة إلى تناولها، وهل
ستكون على استعداد لاغتنام هذه الفرصة مع شريك جنسي؟
شراء هذه الحبوب بعيد كل البعد عن كونه نشاطاً خاصاً بأشخاص بعينهم، إذ كشفت أرقام صادرة من شركة الأدوية "فياتريس" Viatris التي توفر الفياغرا أن أكثر من سبعة ملايين حبة من العقار بيعت العام الماضي، ومعظمها لرجال تتراوح أعمارهم بين 25 و64 عاماً.
يشير هذا الرقم إلى مشكلة أوسع تتصل بالرجال والصحة عموماً. لا يتوقف الأمر على الخجل من الأداء الجنسي، بل إننا إزاء إحجام كبير عن طلب المساعدة في حالة المشكلات الجسدية أو النفسية. ضعف الانتصاب مثال مفيد في هذا المجال، ذلك أنه يبرز كيف أن الرجال سيسعون إلى حل المشكلة بأنفسهم بدلاً من طلب المساعدة من طبيبهم العام. هذا بدوره ينطوي على إمكانية التسبب بمشكلات أخرى تُضاف إلى مشكلتهم الأساسية.
تناول الفياغرا للتغلب على مشكلات الانتصاب يعني أن الرجال يهدرون فرصة اكتشاف المشكلة الكامنة وراء حالتهم. ربما تتراوح هذه المشكلة بين اضطراب في الصحة العقلية والنفسية من قبيل القلق، ومكابدة مشكلة جسدية كوجود خلل في الدورة الدموية أو أي عيب فسيولوجي آخر.
نعلم أن النساء أفضل كثيراً في
طلب المساعدة بشأن صحتهن والتحدث إلى الأصدقاء عن مشكلة ما تواجههن،
وهي خطوة مفيدة في حد ذاتها. لكن بالنسبة إلى الرجال، يتعارض هذا
السلوك مع صورتهم عن الذكورة عموماً، ويعتقد كثر منهم أنه ليس من
المفترض بهم أن يعانوا هذه المشكلة في الأساس، أو أن الأجدر بهم
ببساطة أن "يتصرفوا كرجال" حيال ذلك.
صحيح أن هذا السلوك لا يؤثر
سلباً بمشكلات ثانوية مثل الزكام، ولكن يبدو واضحاً ضرره الشديد
المحتمل عندما تكون المشكلة أكثر خطورة، حتى إنه ربما يكون مميتاً.
ما يبدأ على أنه صعوبة في الانتصاب ربما يدمر الثقة شيئاً فشيئاً،
وينتهي إلى تدهور الصحة العقلية والنفسية.
ولكن أياً مما سبق لن يحصل بالضرورة إذا نجحنا في كسر التابوهات حول صحة الرجال، لا سيما الناحية الجنسية منها. حري بنا أن نحثهم على التعلم من النساء، والبدء في التحدث إلى بعضهم البعض، ليس في أمور كرة القدم فحسب، بل أيضاً حول الجنس. وربما يصيبهم ذهول إذ يكتشفون أن غيرهم أيضاً تواجههم المشكلة عينها.