السبت 2 ربيع الآخر 1446هـ 5 أكتوبر 2024
موقع كلمة الإخباري
المالية النيابية: موازنات العراق منذ 2003 وإلى الآن تكفي لبناء دولتين
2021 / 04 / 08
0

بغداد - كلمة

أفاد مقرر اللجنة المالية النيابية أحمد الصفار بأن موازنات البلاد منذ 2003 ولحد الان بلغت 1500 مليار، وهي كافية لبناء دولتين بحجم العراق في صحراء غير قابلة للسكن، منتقدا حجم الفساد في البلد واكد انه بحاجة معالجة وارادة جريئة واتخاذ قرار ومعاقبة.

وقال الصفار في لقاء متلفز إن "المواطن العراقي بات يعرف حجم الفساد، فمنذ 2003 لحد الان هنالك 1500 مليار كموازنات، وبالتالي يمكن بناء دولتين بحجم العراق في صحراء غير قابلة للسكن"، مشيراً إلى أن "العراق دائما في ذيل قائمة تصنيف الفساد في العالم".

ورأى الصفار أن "مشكلة العراق الكبرى هي الفساد، وكل محاولة لإعادة بناء البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية تصطدم بالفساد"، مؤكداً أنه "لا يمكن القضاء على الفساد الا من خلال حكومة قوية، لاسيما أن الفساد أصبح منظومة بحاجة إلى معالجة وارادة جريئة، واتخاذ قرار ومعاقبة الفاسدين"، مستدركاً أنه "اذا كان الفاسدون هم المتسلطين ويمتلكون القوة والنفوذ داخل المؤسسات الحكومية، فالعملية لا تخلو من الصعوبة وتحتاج إلى فترة زمنية للقضاء عليه".

ويشكّل الفساد الذي كلّف العراق ما يساوي ضعفي إجمالي ناتجه الداخلي الإجمالي، أي أكثر من 450 مليار دولار، أبرز هموم العراقيين الذين يعانون من نقص في الخدمات وتوفير مياه الشرب والكهرباء والمستشفيات والمدارس.

وبشأن الانتقادات التي طالت رفع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي، ذكر الصفار أن "صلاحية السياسة النقدية بشكل عام هي حصرية للبنك المركزي، وسياسة تحديد سعر الصرف مع تحديد سعر الفائدة والكتلة النقدية والاحتياطي القانوني هذه كلها أدوات تدخل ضمن السياسة النقدية للبلد، ولا يجوز التدخل في أي حال من الأحوال في العمل المستقل للبنك المركزي".

وتابع، أنه "في بعض الدول هنالك تنسيق بين السياسة المالية والسياسة النقدية من خلال التنسيق والتفاعل بين وزارة المالية والبنك المركزي لتحقيق أهداف معينة تتمثل بالتنمية والاستقرار الاقتصادي لدعم القطاعات وغيرها".

وبين مقرر اللجنة المالية أن "سياسة خفض قيمة العملة الوطنية سليمة، وهي لتشجيع التنمية والقطاعات الاقتصادية المختلفة وتحقيق نوع من التقدم الاقتصادي، لكن تحتاج إلى أمرين ضروريين، الاول هو ضرورة أن تمتلك الدولة جهازاً انتاجياً قوياً وفاعلاً يستجيب لأي تغيير يحصل في الطلب الكلي على الاستهلاك، والثاني يتعلق بالبيئة الاستثمارية، لأن عملية خفض قيمة العملة يترتب عليها عدد من الآثار، ومنها يرتفع سعر العملة الاجنبية، وبالتالي ارتفاع سعر البضائع المستوردة، وهنا يتجه الطلب الكلي نحو المنتجات المحلية"، حسب قول الصفار.

واضاف مقرر اللجنة المالية النيابية أنه "اذا كان الجهاز الانتاجي قوياً يستجيب للزيادة الحاصلة في الطلب الاستهلاكي نتيجة لتغير سعر صرف العملة، ويترتب عليه تفعيل وتشجيع وتنشيط للنشاط الاقتصادي الداخلي، اما اذا كان العكس وهو ما حصل في العراق وهو أن البلد لا يمتلك جهازاً انتاجياً قوياً ويعتمد في أغلب احتياجاته على السوق الخارجية وعدم امكانية انتاج محلي لمواجهة الطلب المرتفع، سيؤدي إلى التضخم، وهذا ما حصل بارتفاع الاسعار بشكل جنوني".

واوضح الصفار أن "تغيير سعر الصرف كان بمقدار 23% فقط، لكن ما حصل في السوق هو ارتفاع بعض السلع بنسبة 300% كالأدوية والادوات الاحتياطية وغيرها، وهنالك بعض السلع ارتفعت بنحو 100% وأخرى بنحو 40% أو 50%"، مردفاً أن "البنك المركزي استشار كل الجهات بقرار خفض قية الدينار العراقي أمام الدولار، لكن في العراق هنالك تدخل واضح من قبل الكتل السياسية والأحزاب المتنفذة في عمل الحكومة والمؤسسات بشكل عام، وحتى البرلمان هو انعكاس لتوجهات ورؤى هذه الكتل السياسية".

واستطرد: "حصل اجتماع مع اللجنة المالية النيابية لكنه حدث بعد اجتماع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع رؤساء الكتل السياسية، وشرح لهم الوضع المالي الموجود وأن الدولة غير قادرة على دفع الرواتب والأجور وأن السعر الحالي لا يحقق الايرادات الكافية للموازنة التشغيلية فقط، ولهذا السبب لا يوجد حل غير إما تستقطع الرواتب بنسب تصل إلى نحو 50% أو يتم تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار وهذا هو استقطاع غير مباشر".

وقرر العراق في 20 كانون الأول الماضي، خفض قيمة الدينار مقابل الدولار إلى 1450 بدلاً من 1184، لاحتواء الأزمة المالية، لكن القرار تسبب في ركود الحركة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية.

ولفت إلى أن "هنالك موافقة من الكتل السياسية حول رفع سعر صرف العملة، وتم تبليغ اللجنة المالية، لكن الأخيرة لم توافق بالاجماع، وانا كنت من المعترضين على هذه الدرجة الكبيرة من خفض قيمة الدينار، وكنت مع التغيير لكن مع اعتماد سعر زاحف أو تدريجي، فمثلاً يتم التغيير في هذه السنة إلى 1300 دينار، وفي السنة المقبلة يتم تغيير آخر وهكذا، وحسب رأيي فإن تغيير السعر من 1190 ديناراً للدولار الواحد إلى 1450 يعد كبيراً، لأن السوق العراقية لا تتحمل هذا الارتفاع والتغيير الكبير".

 

وبشأن تمرير الموازنة، نوّه إلى أن "اللجنة المالية النيابية بذلت جهداً كبيراً في هذه الموازنة، لأنها من أصعب الموازنات في تاريخ العراق، فهي تأتي في ظروف صعبة تتمثل بأزمات مالية وصحية وسياسية وأمنية، والأكثر من هذا هنالك انتخابات مبكرة، فالكل من دون استثناء استخدم مشروع الموازنة للدعاية الانتخابية، ولهذا هم وافقوا على تغيير سعر الصرف، لكنهم عادوا وأعلنوا أنهم ضد هذا القرار رغم أنهم يعلمون أن هذه المسألة هي من صلاحية البنك المركزي".

وصوت مجلس النواب الأربعاء (31 آذار 2021)، ، على قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة 2021 بالمجمل بعد أشهر من الجدل المحموم حول القانون بين الأطراف السياسية.

وتابع الصفار أن "اللجنة المالية تسلمت مشروع الموازنة يوم 28 كانون الأول 2020 وهو موعد متأخر، لأنه حسب القانون يجب أن يكون المشروع عند اللجنة المالية قبل 15 تشرين الأول، كي يفسح لها الوقت الكافي ويتم اقرار الموازنة قبل الاول من كانون الثاني"، مضيفاً: "كانت القراءة الأولى لمشروع الموازنة يوم 9 كانون الثاني، كما أن وجود اللجنة المالية في البرلمان يعيق عملها بسبب مراجعات وحضور النواب للمناقشات، وبالتالي يترتب على ذلك إضاعة للوقت".

ومضى الصفار بالقول، إن "اللجنة المالية عقدت نحو 47 اجتماعاً صباحياً ومسائياً استضفنا خلالها أكثر من 350 مسؤول وحدة انفاق، وغيّرنا المشروع من مشروع كورقة مالية جامدة عبارة عن مجرد بنود للتوزيع على أبواب إنفاق، إلى مشروع برؤية اقتصادية واجتماعية وممكن أن تخدم القطاعات الاقتصادية وتحرك عجلة اقتصاد البلد، لكي يتمكن من الخروج من هذه الحالة الريعية التي في حال استمرت هكذا فان ذلك يعني أن اقتصاد العراق يسير نحو المجهول".

 ونوه إلى أن "الموازنة التشغيلية كانت اكثر من 90% وخفضناها إلى 80%، كما خفضنا الانفاق العام من 164 تريليون دينار إلى 129 تريليون دينار، بينما العجز كان 71 تريليون دينار وقمنا بتخفيضه إلى 28 تريليون دينار، والايرادات كانت 93 تريليون دينار ورفعناها إلى 101 تريليون دينار".

وبخصوص تأثير رفع سعر الصرف على المواطن العراقي، ذكر الصفار أنه "كان يفترض بالحكومة اتخاذ اجراءات تسبق تغيير سعر الصرف، وكان عليها توقع ارتفاع اسعار السلع المستوردة، وبالتالي يكون الطلب على المنتج المحلي الذي يجب ان يكفي الحاجة المحلية"، مضيفاً: "وضعنا مادة تلزم الحكومة باتخاذ حزمة من الاجراءات تخفف من التضخم والأثر السلبي لرفع سعر الصرف، منها رفعنا مبالغ الاسر المستفيدة من رواتب الرعايا الاجتماعية، ووجّهنا وزارة التجارة بضرورة توفير مفردات البطاقة التموينية التي من الممكن أن تتضاعف كمياتها في شهر رمضان".

أما بشأن امتعاض المواطنين من تأخر توزيع مفردات البطاقة التموينية ورداءة نوعياتها، قال الصفار: "انا لست مع توزيع البطاقة التموينية كمواد، بسبب الفساد، وعدم وصول المفردات بوقتها المحدد، وعدد المفردات غير الكامل، ورداءة النوعية والتي لا يصلح قسم منها للاستهلاك البشري"، موضحاً: "أنا مع دفع مبلغ نقدي مع البطاقة للمستحقين ولمن هم بمستوى الفقر، لأنه سيكون حراً بالاختيار ويعرف حاجته للمواد وهو يختار النوعية والكمية التي يحتاجها".

الصفار رأى أن هذا المقترح "يسهم بتنشيط السوق والحركة الاقتصادية، لاسيما وأن هناك نحو 8 ملايين عراقي تحت خط الفقر"، عاداً البطاقة التموينية "إهانة مبطنة للفرد العراقي، وأكثر من 60% من جهد الوزارة تذهب إلى البطاقة التموينية".

وبشأن اعتماد سعر بيع برميل النفط في الموازنة الاتحادية لعام 2021، بيّن الصفار أن "الموازنة التي أرسلت من الحكومة، كانت مبنية على سعر 42 دولاراً للبرميل، في وقت كان سعر البرميل 52 دولاراً، والصحيح اعتماد سعر تحفظي، لكن ليس بهذا الفارق الكبير"، مضيفاً: "كنت مع اعتماد 50 دولاراً للبرميل، لاسيما وأن سعر برميل النفط الآن هو نحو 63 دولاراً وهذا يؤشر فارقاً كبيراً".

مقرر اللجنة المالية النيابية، أوضح أن "كل دولار إضافي في سعر البرميل يحقق نحو تريليون ونصف التريليون دينار عراقي للموازنة، واذا وصل سعر برميل النفط إلى نحو 65 – 70 دولاراً سيتم حينها تغطية العجز بالكامل، وتكون الموازنة متوازنة، والمتبقي من الأموال يمكن أن يستخدم كرصيد مدور لسداد القروض الداخلية أو الخارجية".

وبخصوص رؤيته لعمل الحكومة، قال أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وضع برنامجاً ممتازاً من الناحية النظرية، بالرغم من كونها حكومة انتقالية، ولو كانت له دورة اعتيادية لوضع برنامجاً وفق المدة الزمنية الاعتيادية".

أما بشأن حصة إقليم كردستان والاتفاق الذي تم في الموازنة بشأنه، أردف الصفار أن "رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، ومن خلال متابعته ووجوده على الخط باستمرار مع الوفد الكردي المفاوض واللجنة المالية خلال الأشهر الماضية، كان في تواجد متواصل مع ما يتم عمله في بغداد، لذلك هو يبني توقعاته على أمور موضوعية من خلال ما موجود في الساحة العراقية من توجهات ضد تحقيق استقرار أو تطور في الاقتصاد كي لا تحسب على الحكومة الحالية".

وذكر أن "هناك من يذهب إلى عقلية مركزية ولا يستوعب الاتحاد الفيدرالي واللامركزية الموجودة، ولهذا السبب فإن المادة التي تخص إقليم كوردستان في الموازنة شهدت ولادة صعبة جداً، ونتيجة لزيارات ماراثونية لوفد إقليم كوردستان وبقائنا في بغداد أكثر من 3 أشهر، إلى أن استطعنا الخروج بهذه المادة نتيجة توافقات سياسية".

 واردف أن "رئيس حكومة إقليم وردستان مسرور بارزاني يخشى من انقلاب بعض الكتل وعدم تعاونها أو منعها الحكومة من تنفيذ برنامجها، لأن هنالك من لا يستقر على رأي".

وارتفعت حصة إقليم كردستان من الميزانية من 12.67% إلى 13.9%، عقب العديد من الجولات التفاوضية والزيارات المتكررة للوفد الذي ترأسه نائب رئيس حكومة إقليم كوردستان، قوباد طالباني.

وبلغت قيمة الموازنة 89,7 مليار دولار، أدنى بنحو 30% من آخر موازنة أقرت عام 2019، في وقت يمر العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، بأسوأ أزماته الاقتصادية.

كما بلغت القيمة الإجمالية للإيرادات في موازنة 2021، التي أقرها البرلمان ليل الأربعاء، نحو 69,9 مليار دولار، احتسبت بناء على تصدير النفط الخام على أساس سعر 45 دولاراً للبرميل، ومعدل تصدير ثلاثة ملايين و250 ألف برميل في اليوم.

قيمة العجز في الموازنة الحالية بلغت 19,8 مليار دولار، مقابل 23,1 مليار في العام 2019، علماً أن العراق لم يقر موازنة 2020 بسبب التوتر السياسي.

يشار إلى أن قيمة العجز في مقترح مشروع قانون الموازنة الذي رفعته الحكومة للبرلمان بلغت 49 مليار دولار، لكن النواب قاموا بسدّ الفارق عبر إلغاء ديون ومستحقات على الدولة مقابل مصادر طاقة من الحساب، لا سيما مستحقات الغاز والطاقة الإيرانية، ودفوعات أخرى للبنى التحتية.

وبلغت قيمة الاستثمارات في الموازنة لعام 2021 نحو 19,6 مليار دولار، مقابل 27,8 مليار في 2019.

وكما ورد في الموازنة، فإن 80% من الايرادات متأتية من النفط، وتضمّ 250 ألف برميل ينتجها إقليم كوردستان، وهو شرط تفرضه الحكومة لدفع رواتب الموظفين.

التعليقات