أثار الداعية السوداني محمد هاشم الحكيم جدلاً واسع النطاق في الأوساط السودانية عقب بث تسجيل مصور يعلن فيه عن رؤيا قال إنه شاهد فيها النبي محمداً، الذي أوصاه، حسب قوله، بدعوة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى الوقف الفوري للقتال والانخراط في مفاوضات مباشرة.
وفي التسجيل، الذي انتشر على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية، صرح الحكيم قائلاً: "رأيتُ النبي عليه الصلاة والسلام في المنام، وقال لي: الحرب انتهت، وأبلغ الجيش والدعم السريع أن يتفاوضوا ويوقفوا القتال". وأضاف الداعية أنه شعر بـ"مسؤولية شرعية" تفرض عليه نقل هذه الرسالة، موجهاً نداءه للقيادات السياسية والعسكرية بضرورة تغليب المصلحة الوطنية ووضع حد لنزيف الدماء.
وقد أحدثت تصريحات الحكيم انقساماً ملحوظاً في الرأي العام السوداني. فبينما اعتبرها فريق دعوة صادقة للسلام في ظل الأزمة العميقة التي تعصف بالبلاد، أبدى فريق آخر تحفظات جدية إزاء ما وصفوه بإقحام الرؤى الدينية في قضايا وطنية وسياسية ذات طبيعة معقدة.
وعبر منصة "إكس"، انتقد مغردون اللجوء إلى الرؤى كوسيلة للتأثير على الرأي العام، مشددين على أن الحلول السياسية للأزمة السودانية يجب أن ترتكز على معطيات واقعية ومسارات تفاوضية محددة، بعيداً عن التأويلات والتفسيرات الشخصية.
ويأتي هذا الجدل في وقت يشهد فيه السودان منذ أبريل/نيسان من العام 2023 نزاعاً مسلحاً عنيفاً بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي). وقد أسفر هذا الصراع عن مقتل وإصابة عشرات الآلاف من الأشخاص، وتسبب في موجات نزوح واسعة النطاق، فضلاً عن انهيار شبه تام في البنية التحتية والخدمات الأساسية في البلاد.
وعلى الرغم من الجهود الإقليمية والدولية المتواصلة، والتي تشارك فيها أطراف عربية وأفريقية، لا تزال الأعمال القتالية مستمرة في عدد من الولايات السودانية، مع غياب أفق واضح للتوصل إلى تسوية دائمة أو اتفاق شامل لوقف إطلاق النار.
وتندرج تصريحات الحكيم ضمن سياق أوسع من الدعوات الشعبية والدينية والمدنية المتكررة المطالبة بإنهاء الحرب وفتح مسار تفاوضي شامل يضم مختلف مكونات المشهد السوداني، بما في ذلك القوى السياسية والفاعلين المجتمعيين، بهدف إنهاء الصراع الراهن وتدشين مرحلة انتقالية تفضي إلى استقرار دائم.
ويرى مراقبون أنه على الرغم من الجدل الذي أثارته، فإن الرسالة التي حملتها "رؤيا" الحكيم، كما يصفها مؤيدوه، تتقاطع مع رغبة شعبية متنامية بوقف نزيف الدم في بلد تتفاقم فيه المآسي الإنسانية يوماً بعد يوم.
المحرر: حسين صباح