الجمعة 13 رَمضان 1446هـ 14 مارس 2025
موقع كلمة الإخباري
حرب مفتوحة بين نتنياهو وأجهزة المخابرات الإسرائيلية
متابعة - كلمة الإخباري
2025 / 03 / 14
0

تصاعدت حدة المواجهة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجهاز المخابرات العامة "الشاباك" إلى مستويات غير مسبوقة، وسط اتهامات متبادلة بالابتزاز والتهديد، في أزمة تعكس صراعاً عميقاً بين المؤسسات الأمنية والسياسية في إسرائيل.

واتهم نتنياهو قيادات "الشاباك" بممارسة "الابتزاز على طريقة المافيا" ضده، وذلك بعدما هدده رئيس المخابرات السابق، نداف أرغمان، بكشف فضائح "إذا تمادى رئيس الوزراء، وخرق القانون الذي يمنح الجهاز استقلالية مهنية تامة".

وتمثل هذه المواجهة الصدامية ذروة صراع مستمر منذ شهور بين نتنياهو ومخابراته، وتفاقم خلال حرب غزة. ويسعى نتنياهو، وفق مراقبين، لدفع رئيس "الشاباك" الحالي رونين بار للاستقالة، كما حدث مع هيرتسي هليفي، رئيس أركان الجيش الأسبق، غير أن بار يرفض الاستقالة وحشد دعم عدد كبير من رؤساء الأجهزة الأمنية.

وأثار أرغمان جدلاً واسعاً عندما صرح في مقابلة مع "القناة 12" العبرية قائلاً: "نتنياهو وحكومته لم يقدموا على إقالة بار، حتّى الآن، لأنهم يفهمون جيداً، وفي مقدمهم نتنياهو شخصياً، أن إقالته غير قانونية". وأضاف: "هناك تحقيق يُجريه (الشاباك)، اليوم، مع عدة شخصيات كبيرة تعمل في مكتب رئيس الحكومة. فإذا قام رئيس الحكومة بطرد رونين، فسوف يكون ذلك تضارباً في المصالح ومخالفة فظة للقانون لن تصمد أمام المحكمة. وعندئذ، أنا شخصياً لن أسكت وسأجد نفسي مضطراً لكشف أمور وفضائح من خلال لقاءاتي الثنائية معه".

وردًا على سؤال عما إذا كان يتوجب على رئيس جهاز الشاباك الحالي ترك منصبه، أكد أرغمان أن "رونين بار قد تحمّل المسؤولية، وعليه العودة إلى منزله؛ لكنه لن يعود إلا بعد انتهاء جميع التحقيقات، بما فيها تحقيقات المكتب الحاليّ لرئيس الحكومة، وبعد تغيير الحكومة، وانتخاب رئيس جديد للشاباك".

وأضاف: "أعتقد أن هذه الحكومة، التي فشلت في السابع من أكتوبر (منع هجوم «حماس» في 7 أكتوبر «تشرين الأول» 2023)، وفشلت عموماً في الاستراتيجية التي بنتها، لا يمكن أن تكون هي من تُعيّن رئيساً جديداً للشاباك". وتابع: "أخشى بشدة أن يكون تعيينٌ من قِبل هذه الحكومة، أو تعيين من قِبل رئيس الحكومة، تعييناً سياسياً؛ تعييناً بالنيابة عن جهةٍ ما".

واتهم أرغمان القيادة السياسية بشن "حملة تحريض غير مسؤولة" على الشاباك "لم يُعرَف لها مثيل في التاريخ الإسرائيلي". وقال: "رجال (الشاباك) مشغولون في حماية الأمن العام، وأمن رئيس الحكومة ووزرائه، وهم يهاجمونه بمستوى متدنٍّ يصل إلى حد ادعاء أنه لم يعد لنا عملاء في قطاع غزة. وهذا الاتهام ليس كاذباً فحسب، بل هو رخيص أيضاً. فصحيح أن (الشاباك) فشل في الوصول إلى معلومات بشأن الهجوم غير المسبوق الذي شنّته (حماس) في السابع من أكتوبر، وضمن ذلك فشله في الحصول على معلومات من عملاء مفترضين من داخل القطاع، لكن هذا لا يعني أنه لم ينجح في تنظيم عملاء. هذا كلام فارغ تماماً، فقد كان لدى (الشاباك) عملاء في قطاع غزة، ومصادر في القطاع، رغم صعوبة العمل داخله، وليس واحداً ولا اثنين. والمشكلة، في الواقع، أنهم لم يُسلّموا البضائع (يقصد لم ينقلوا المعلومات) في اليوم المطلوب".

من جانبه، رد نتنياهو بتقديم شكوى رسمية إلى المفتش العام للشرطة، كشف عنها في وقت متأخر، مؤكداً أنه "يتعرض لحملة كاملة من الابتزاز والتهديد من قِبل رئيسيْ جهاز الأمن الإسرائيليّ العامّ (الشاباك)؛ السابق نداف أرغمان، والحالي رونين بار، على طريقة المافيا وعصابات الجريمة المنظمة".

وقال نتنياهو: "لقد جرى تجاوز خطّ أحمر خطير آخر للديمقراطية الإسرائيلية، هذا المساء. لم يحدث قطّ في تاريخ إسرائيل، وفي تاريخ الديمقراطيات؛ أن يُوجِّه رئيس سابق لمنظمة سرية (الشاباك) تهديدات ابتزازية مباشرة ضد رئيس حكومة، أثناء تولّيه مهامّ منصبه".

وأضاف: "هذه الجريمة تُضاف إلى حملة كاملة من الابتزاز والتهديد، من خلال اللقاءات الإعلامية، في الأيام الأخيرة، والتي أجراها رئيس جهاز الشاباك الحالي رونين بار. إن الهدف الوحيد من هذه الحملة هو محاولة منعي من اتخاذ القرارات اللازمة، لإعادة بناء جهاز الشاباك، بعد فشله المدمِّر في السابع من أكتوبر".

واختتم نتنياهو بيانه بالقول: "ليكن واضحاً؛ التهديدات الإجراميّة على غرار المافيا، لن تردعني. وسأفعل كلّ ما هو ضروري لضمان أمن مواطني إسرائيل".

من جهته، رد "الشاباك" بسرعة واصفاً اتهامات نتنياهو بأنها "خطيرة ضد رئيس مؤسّسة رسميّة". وأكد أن "رئيس جهاز الأمن العام، رونين بار، يُكرّس جلّ وقته للمسائل الأمنيّة، وجهود استعادة المحتجَزين، والدفاع عن الديمقراطية. وأيّ شيء آخر يقال في هذا الشأن، لا أساس له من الصحة".

وأثارت هذه المعركة انقساماً حاداً في إسرائيل، حيث رحب اليمين بموقف نتنياهو وطالب بإقالة بار ومحاكمة أرغمان، بينما هاجمت المعارضة نتنياهو محذرة من أن تصرفاته "تضر بأمن الدولة".

ويرى محللون أن نتنياهو يسعى منذ فترة للتخلص من رونين بار ضمن استراتيجية أوسع لتغيير قيادات المؤسسات الرئيسية في الدولة. فبعد أن أطاح بقائد الشرطة وقائد الجيش وعدد من كبار المسؤولين في وزارة المالية، يتجه نحو إعادة هيكلة مؤسسات أخرى بما فيها "الشاباك" والمستشارة القضائية للحكومة والنيابة العامة وقضاة المحكمة العليا، وسط مخاوف من تنفيذ ما يصفه منتقدوه بـ"انقلاب" على منظومة الحكم في إسرائيل.

المحرر: حسين صباح



التعليقات