الأربعاء 16 شوّال 1446هـ 16 أبريل 2025
موقع كلمة الإخباري
ماذا يريد الرئيس الأمريكي تحديداً من غزة؟
بغداد ـ كلمة الإخباري | سراج علي
2025 / 02 / 12
0

تحوّلت غزة بفعل الاعتداءات الإسرائيلية التي استمرّت (15 شهراً) إلى كومة من الأحجار؛ فالدمار حلَّ في كل شيء على هذه الأرض الفلسطينية، ولكن سؤالاً مهماً يُطرح في الفضاء العام وخلف الأبواب المغلقة: ماذا يريد ترامب تحديداً من غزة؟

فورَ تسنمّه لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، صرّح دونالد ترامب عن خططه لتهجير سكان غزّة وإسكانهم في كلٍ من الأردن ومصر، ورغم أن هذه الخطّة جُوبهت بالصد والتنديد من قبل الحكومات العربية؛ إلا أنّه سيصبح واقعاً قريباً جداً؛ بحسب التوقّعات.

وبتاريخ (2 شباط/ فبراير الجاري) كشفت صحيفة أمريكية ما دار خلال اتصال هاتفي بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأفادت صحيفة (وول ستريت جورنال) أن ترامب طلب من نتنياهو التفكير في نوع الفنادق التي يمكن بناؤها في قطاع غزّة، وقال: إن غزة "منطقة عقارية من الدرجة الممتازة".

ولكنّ ذلك لم يكن سوى تعبير ساخر من قبل الرئيس الأمريكي بخصوص خطته الحقيقية لغزّة، حيث تفيد المصادر ووسائل الإعلام الأمريكية أن ترامب يبحث عن أبعد من ذلك.

وفي حين لم يكن الحديث حينها بين الرجلين عن وضع القطاع الفلسطيني تحت السيطرة الأمريكية؛ ولكن اللقاء الأخير الذي جمع ترامب بنتنياهو في البيت الأبيض، كُشف من خلاله عن خطة ترامب للسيطرة الكاملة على القطاع، وطلب بتسليم غزّة للأمريكيين.


فماذا يريد ترامب بالتحديد؟

في تصريح مثير، فجّر رئيس حزب المستقبل المعارض أحمد داود أوغلو قنبلة مدوية، عندما صرّح يوم الأربعاء: إنّ "ترامب لا يريد القطاع بمساحته الإجمالية البالغة (309 كيلومترات مربعة)؛ بل يستهدف "فتحة البحر بين قبرص ومصر، حيث توجد حقول غاز طبيعي".

كما ذكرت صحيفة (World Crunch) في تقرير جديد لها ترجمه كلمة الإخباري، أنّ "الرئيس الأميركي في حين كان يركّز بالمقام الأول على رؤيته العقارية المتمثلة في إنشاء "ريفييرا" جديدة على طول الجيب الساحلي، فإن هناك أيضاً "حقول غاز بحرية غير مستغلة قد يسعى ترامب إلى استغلالها".

وأوضح بأن "عيون الرئيس الأميركي تركز الآن على البحر والثروة الاقتصادية غير المستغلة التي يخفيها تحت الأرض، ضمن الإمكانات الهائلة لحقول الغاز المدفونة".

ففي المياه قبالة غزة يقع حقل "غزة مارين" في شرق البحر الأبيض المتوسط، الذي اكتشفته شركة "بريتيش بتروليوم" عام 1999، على بعد (36 كيلومتراً) غرب ساحل غزة، ويمتد على مساحة تتجاوز (ألف كيلومتر مربع)، وفقاً لأرقام فلسطينية رسمية.

وبحسب بيانات صندوق الاستثمار الفلسطيني، فإن احتياطي الغاز في حقل غزة مارين يُقدّر بنحو (تريليون قدم مكعب) من الغاز الطبيعي، أي ما يعادل نحو (31 مليار متر مكعب).

بحسب خبراء الاقتصاد فإن "من الممكن أن يسهم هذا الحقل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المستوردة، وتقدر تكاليف تطويره بنحو (1.4 مليار دولار)".

وظل حقل الغاز غير مستغل بعد 22 عاماً من اكتشافه، رغم أنه أول حقل يتم اكتشافه في هذه المنطقة من البحر الأبيض المتوسط، يسبق حقول الغاز المصرية والإسرائيلية، ما دفع دول شرق المتوسط إلى تكثيف أنشطة الاستكشاف.

وفي العام (1999) منحت السلطة الفلسطينية شركة بريتش غاز (بي جي جروب) وشريكتها شركة اتحاد المقاولين (سي سي سي) ترخيصاً بحصة (90%) للتنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة، بموافقة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.

ووفقاً للمعلومات التاريخية فإن جرى تعديل حصص المشروع لاحقاً، مما منح شركة اتحاد المقاولين خيار زيادة حصتها بنسبة (30%)، لتصبح حصة بريتش من الغاز (60%) وحصة شركة اتحاد المقاولين (40%)، أي بمعدل صفري للمنطقة.

وبموجب اتفاقية الترخيص الممنوحة من السلطة الفلسطينية، قامت الشركة بإجراء مسوحات زلزالية وحفر بئرين في أوائل عام (2000) لتحديد مصادر الغاز الطبيعي، مما أدى إلى اكتشاف حقل (غزة مارين) على عمق (603 أمتار) تحت سطح البحر، وعلى بعد (22 ميلاً) غرب غزة.

كما أشار تقرير آخر لموقع (Oil Price) العالمي، وترجمه كلمة الإخباري إلى أن "هناك حقلين آخرين يمثلان أهمية للرئيس الأمريكي، وهما (مارين 2) الواقع قرب حقل (غزّة مارين) وهو أصغر حجماً، وتقدر احتياطياته من الغاز بنحو (3 مليارات متر مكعب)، والحقل الثاني هو (ماري بي)".

واكتشفت إسرائيل حقل (ماري بي) في العام 2000، بمساعدة شركة "نوبل إنرجي" الأميركية. وكان هذا الحقل أحد المصادر الرئيسية لإمدادات الغاز إلى سوق الطاقة الإسرائيلية في ذلك الوقت، وإن كان الإنتاج المكثف أدى إلى نضوبه السريع.

كان مثل هذه الاكتشافات قد أعطت الأمل للفلسطينيين في الحصول على مصادر دخل كبيرة وتعزيز اقتصاد بلادهم وخلق العديد من فرص العمل، ولكن طوال تلك السنوات لم يحصلوا على (شيكل واحد) حسب تعبير المراقبين.

في حينَ يُنظر لتأكيد الرئيس الأمريكي على تهجير سكان غزّة، على أنّه إشارة واضحة إلى "حقول الغاز هذه" التي يُراد حرمان الأهالي منها إلى الأبد، كما يُراد حرمانهم من أرضهم.






التعليقات