في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الخارجية القطرية وجهات مشتركة في المفاوضات الخاصة بالقضية الفلسطينية، مساء الأربعاء، عن إعلان وقف إطلاق النار بين حركة (حماس) في قطاع غزة وإسرائيل، اعتبر مراقبون ومحللون سياسيون هذا الإعلان نصراً للشعب الفلسطيني؛ وخصوصاً لأهالي غزّة الذين صمدوا لأكثرَ من (467 يوماً).
وتأتي هذه الآراء، بعدما شهد قطاع غزة احتفالات عديدة أقامها الأهالي احتفالاً بقرار وقف إطلاق النار.
العديد من المراقبين وحتى وسائل الإعلام ذهبوا إلى القول: إنّ "هذا النصر مشابه للنصر الذي تحقق في لبنان على يد حزب الله بعد إعلان وقف إطلاق النار مع إسرائيل، حيث فشلت الأخيرة عن تحقيق خططها التوسعية".
ويدعم مثل هذه الآراء، كلمة رئيس حركة حماس ورئيس وفدها للمفاوضات الدكتور خليل الحية الذي قال على الفور: إنّ "معركة طوفان الأقصى شكلت منعطفاً مهماً في تاريخ القضية الفلسطينية، وأن آثارها لن تتوقف بانتهائها".
وذكر الحيّة في كلمة متلفزة في أعقاب إعلان الاتفاق: أن "ما فعلته كتائب القسّام أصاب كيان العدو في مقتل، وسيبقى في سجل التاريخ".
وفي حين وجّه التحية إلى كلّ الذين "ارتقوا في أشرف معركة وأعظم قضية"، أكّد أنّ "الشعب الفلسطيني سيستعيد كامل حقوقه، وأنّ الاحتلال سيندحر عن الأرض والقدس والمقدّسات".
وقال الحية: إن "صمود شعبنا وبسالة مقاومته هما اللذان أفشلا مخطّطات العدو"، مضيفاً أن "مقاتلينا نفّذوا عمليات ضدّ العدو بإرادة وقوة لم يرَ العالم مثيلاً لهما".
وأكد الحية: "لن ننسى ولن نغفر وليس منا من يفرّط في حقّ تضحيات شعبنا بقطاع غزة"، لافتاً إلى أنّ "عدونا لن يرى منا لحظة ضعف أبداً وشعبنا لن ينسى كلّ من شارك في حرب الإبادة".
كما وصفَ الحية ما قام به الاحتلال وداعموه في غزة، بـ "حرب إبادة وحشية، وجرائم نازية، ومعاداة للإنسانية، على مدى (467 يوماً)"، مؤكّداً أنّ "جرائم الاحتلال ستبقى محفورة في ذاكرة العالم وإلى الأبد كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث" بحسب قوله.
وفي الوقت الذي شكر فيه إيران وحزب الله اللبناني على دعم مقاومتهم، اعتبر أن اتفاق وقف إطلاق النار، تحقيق وقف العدوان وحرب الإبادة الجماعية التي خاضتها إسرائيل ضد أهالي غزة".
كما كانت حركة حماس قد قالت في بيان صادر سابق: إنّ اتفاق وقف إطلاق النار هو "ثمرة الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني العظيم والمقاومة الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من (15 شهراً)".
وعدّت الحركة الاتفاق "إنجازاً مهماً ومحطّة فاصلة من محطات الصراع مع الاحتلال، على طريق تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة".
كما صرّح المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة بعد إعلان الاتفاق بأن "غزة بقيت شامخة عزيزة رغم جراحها ودمارها".
وقال الثوابتة في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي تابعها (كلمة): إنّ "كل خطط إسرائيل المعلنة وغير المعلنة قد سقطت ولم تتحقق" ومنها بحسب قوله: "خطة الترحيل، وخطة الجنرالات، وخطة التهجير إلى سيناء، وعدم الانسحاب من نتساريم وفيلادلفيا وتحرير المختطفين وقضاء على حماس".
ومن جهتهم أيضاً قال مراقبون: إنّ "وقف إطلاق النار دليل على انتصار المقاومة وفشل اسرائيل بتحقيق أهداف حرب الإبادة".
وأضافوا بأن هذا الإعلان كما يبدو "أزعج الكثيرين حتى وإن لم يصرحوا في العلن ومن بينهم حركة فتح الماسكة للسلطة في فلسطين".
كما اعتبر المراقبون والمحللون السياسيون أنّ تصريحات الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتضاربة على مدى عامين كانت تشير إلى شكل هذا "الانتصار المتحقق بوقف إطلاق النار".
واستذكر المحلل السياسي رشيد سلطان تصريحات نتنياهو في العام (2023) حيث صرّح الأخير قائلاً: "لن تكون هناك حماس في غزة"، ليعود إلى القول في العام (2025) الحالي: "ننتظر رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار".
وبين سلطان لـ (كلمة) أنّ "وقف إطلاق النار صار أمراً مفروضاً على إسرائيل بالدرجة الأولى، بعدما عجزت عن تحقيق أحلامها التوسعية بالسيطرة على غزة".
وكذلك اعتبر الكاتب محمد الضبيبي أنّ "هذا الإعلان نصر لحماس وأهالي غزة وكل المقاومين للاحتلال الإسرائيلي".
وقال الضبيبي في تدوينات تابعها (كلمة): إن "إسرائيل حاولت بكل الطرق والوسائل هزيمة حماس، ولكنها فشلت تماماً".
وتابع بأن "إسرائيل لم تجد مناصراً لها في غزّة، ولم تتمكن من العثور على أسراها، كما لم يتوصلوا إلى نتيجة في مسار العملية العسكرية".
وزاد بالقول: "لم يجدوا شيخاً عشائرياً يساعدهم، ولا عميلاً يساندهم، ولا جاسوساً يخدمهم معلوماتياً وإعلامياً"، مضيفاً، "لقد حشدوا كل قوى العالم وتكنلوجياتها بحثاً عن القادة والرهائن فلم يستطيعوا الوصول إلى أماكن أحد مطلقاً".
أما الانتصار الوحيد الذي حققته إسرائيل بحسب الضبيبي "هو تدمير البنية التحتية لسكان غزّة وتهجيرهم".
كما ولفت آخرون إلى أن إسرائيل "لم توقّع على وقف إطلاق النار باختيارها؛ بل بالإكراه وبعد أن أُغلقت كل الطرق التي تقودها إلى النصر الساحق الذي كانت تزعمه".
في حين اتهم أهالي غزّة الحكومة الفلسطينية بقيادة حركة فتح "بالانصياع للحكومة الإسرائيلية على حساب دماء أبناء بلدهم".
ورصد (كلمة) تعليقات المغرّدين والمدونين على مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينها تعليقات أهالي غزّة بعد إعلان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
وأشارت تعليقات هؤلاء إلى أن "العالم بأسره فرحٌ بالاتفاق ما عدا السلطية الفلسطينية" التي وصفوها بـ "العميلة".
وذكرت بأن "السلطة الفلسطينية التي تعتبر نفسها شرعية هي في الأساس سلطة وضعها الاحتلال الإسرائيلي، وكان سكوتها علن المجازر التي حصلت في غزة تؤكّد ذلك".
وعلق آخرون بالقول: إنه "رغم الحصار والحرب بقيت غزة حرة ولم تطؤها قدم صهيوني بعد الحرب والشعب الغزاوي يعيش حراً وليس مثل حركة فتح والسلطة التي تنام مطمئنة بجوار ثكنات العدو" بحسب تعبيرهم.