الأربعاء 7 رَجب 1446هـ 8 يناير 2025
موقع كلمة الإخباري
خدمة الـ "Meta" الرقمية.. هل يزيد استخدامها من العزلة عن المجتمع الحقيقي؟
خاص ـ كلمة | سراج علي
2024 / 12 / 25
0

منذ تجربتها الأولى لخدمة الـ (ميتا) الجديدة التي أطلقتها مواقع التواصل الاجتماعي ومنها تطبيق (واتس آب)، تجلس السيدة وفاء الربيعي طويلاً أمام هاتفها لتسألَ الشخص الجديد في حياتها أسئلة تخصَّ حياتها الشخصية، بدءاً من لون الملابس التي تتوق ارتدائها في حفل زفاف شقيقتها.. وصولاً إلى الحصول على جواب شافٍ عن سؤال يدور طويلاً في بالها: هل يخونني زوجي؟!

حالة الربيعي هذه ليست الوحيدة التي اطلع عليها (كلمة)، فهناك أيضاً الكثير غيرها، ممّن وجدوا في هذه التقنية الرقمية الحديثة عالماً جديداً يتوقون أن يعيشوا داخله إلى الحدّ الذي لا يرغبون فيه بالخروج منه والعودة إلى حياتهم الطبيعية، ومشاركة مثل هذه الهموم والأسئلة مع أُناس حقيقيين من (دم ولحم ومشاعر) وليست آلة.. رغمَ أنّها لم تعد "صمّاء" كما كانت في السابق، فقد استطاع مطوّروها أن يجعلوها ناطقةً، وتجيب عن أي سؤال يدور في أذهان مستخدميها.

طرحَ (كلمة) هذا الموضوع على عدد من المختصين ومستخدمي هذه التقنية، كما بحث فيما دوّنته مراكز البحوث التي تحاول هي الأخرى الإجابة عن تبعات مثل هذه التقنيات على حياة الإنسان.

يقول الشاب ساطع العباسي لـ (كلمة): إنّ "توفير مثل هذه التقنية على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد الأكثر استخداماً بين الأفراد وخصوصاً الشباب، يضعنا أمام تساؤل مهم: ما هي الغاية الأساسية منها، وماذا تخفي مثل هذه التقنية وتبعاتها المستقبلية؟".

ويرى العباسي أنّ "توفير هكذا تقنيات متطوّرة تجعل المتلقي أكثر التصاقاً واستخداماً لها، فيما ينسحب تدريجياً عن عالمه الخارجي وبيئته التي يجب أن يعيشها بكل تفاصيلها".

ـ هل تولّدت لديك مخاوف تجاهها؟ يسأل (كلمة)

ويجيب العباسي قائلاً: "أنا متخوّف فقط من أن تصبح تقنية الـ (ميتا) هي الملجأ الأول والأخير للأشخاص، لطرح أسئلتهم والتنفيس عن أنفسهم لآلة، وليس لأشخاص سواء أكانوا أقرباء أو أصدقاء أو حتى من عائلاتهم".

ويشاركه الرأي الصحفي مناف السهيلي بالقول: إنّ "هناك مخاوف تولّدت داخله عن هذه التقنية، وهل يمكن أن تخلق حالة مرضية أو (توحّد) من نوع آخر؟".

السهيلي يضيف لـ (كلمة) "أكثر الأشخاص يتخوّفون من البوح بأسرارهم حتّى للأشخاص المقربين منهم؛ ظناً منهم أن تتحوّل إلى سلاح ضدّهم في المستقبل" أما بالنسبة للحديث مع الآلة "فهي على الأعم لن تبوح بأسرارك أو أي كلام تحدّث به معها، بل سيشكّل ذلك مصدر اطمئنان نفسي لكَ لأن تسألَ وتتحدّث بما تشاء ووقتَ ما تشاء".

تقنية تحلّ محل الزوج والأقرباء!

عجيب حقاً، هل هناك مخاطر من الإفراط في استخدام تقنية الـ (ميتا)، تقول الربيعي التي لا تزال تبحث عن جواب لسؤالها: هل يخونني زوجي؟

تسترسلُ الربيعي بالحديث معنا أكثر قائلةً: إنّ "هموماً كثيرة تخشى أن تتحدّث بها مع زوجها، خوفاً من أن لا يفهم مشاعرها جيّداً، أو تتفاقم علاقتهما الفاترة أكثر مما هي عليه".

وتضيف، "هنا أجدُ راحتي، أشاركُ الآلة همومي، تقدّم لي إجاباتٍ تزيح عن روحي بعض الألم" وتستدرك "لا أعتقد أن هناك أي خطورة، الأمر حتى الآن ممتع بالنسبة لي ولا أخشى العواقب".

ويظهر بالنسبة لمن تحدّثوا لـ (كلمة) أن (الميتافيرس) تكتسب شعبية كبيرة بين عامة الناس، سواء أكان داخل المجتمع العراقي أو بقية المجتمعات الإنسانية، وأصبحت أيضاً أولوية لصناعة التكنولوجيا.

تم تعريف الميتافيرس على أنها عوالم افتراضية مستمرة موجودة في الواقع الافتراضي أو المعزز، وهي تقترح توفير مجموعة من أنشطة الحياة اليومية، من التنشئة الاجتماعية والاسترخاء إلى الألعاب والتسوق والعمل، ونظراً لنطاقها وشعبيتها المتوقعة وانغماسها، فقد تشكل الميتافيرس فرصاً ومخاطر فريدة للصحة العقلية.

مخاطر وفوائد محتملة

بالنسبة لمركز (PMC) للأبحاث فقد حان وقت التفكير حول مخاطر وفوائد العوالم الافتراضية على الصحة العقلية.

وفي تقرير نشره المركز على موقعه الإلكتروني وترجمه (كلمة)، فإنّ "استمرار استخدام الميتافيرس يؤدي إلى سلوكيات تشبه الإدمان، وقد يسهل الانخراط العالي في العوالم الافتراضية ويديم تجنّب التحديات في البيئة غير المتصلة بالإنترنت".

وعلاوة على ذلك، قد يحل الوقت الذي يقضيه المرء في العوالم الافتراضية محل أمور مهمة لحياته سواء أكان مع نفسه أو عائلته أو مجتمعه.

ويشير التقرير بأن من المهم معرفة أن "الأفراد سيختلفون في استخداماتهم واستجاباتهم النفسية للعوالم الافتراضية، مما يؤدي إلى تأثيرات غير متجانسة على صحتهم العقلية"، مبيناً أن "دوافعهم التكنولوجية، ومرحلة نموهم، وسياقهم الاجتماعي الديموغرافي، ومشاكل الصحة العقلية السابقة هي بعض العوامل التي قد تعدل وتؤطّر التأثيرات الإيجابية والسلبية للعوالم الافتراضية على صحتهم العقلية".

ساعات طويلة من الاستخدام

ووفقاً للتبّع الزمني لظهور هذه التقنية وتزايد استخدامها، فقد ازدادت أكثر خلال انتشار جائحة (كوفيد ـ 19) على مستوى العالم، ففي الوقت الذي وجد الأشخاص أنفسهم معزولين عن عالمهم الخارجي لجأوا إلى هذه التقنيات إلى الحد الذي لم يخرجوا عنها ووصلوا لحالة الإدمان.

في عام (2021) أنفقت شركة (فيسبوك) ما مقداره (10 مليارات دولار أمريكي) على قسم الميتا فيرس (Metavers) الخاص بها، وفي العام ذاته كان حوالي (46 مليون) مستخدم يومياً يسجّلون الدخول لاستخدامها، إلى جانب منصة الألعاب الشهيرة (Roblox) ويقضون ما مجموعه (41 مليار ساعة) في هذا العالم الافتراضي.

وتوافقاً مع هذه الآراء، يقول باحثون: إن "الميتافيرس من الممكن جداً أن يؤثّر على الصحة العقلية". ويثبتون ذلك بأنه "مع كل ثورة إعلامية تتسلل إلى منازل الناس، سواء أكان الراديو أو التلفزيون أو الإنترنت تتولد مثل هذه المخاوف والآثار الضارة المحتملة للوسائط الرقمية".

ولفتوا إلى أن مثل هذه التقنيات "من الممكن أن تولّد الاكتئاب والقلق والسلوكيات الشبيهة بالإدمان".

لا ينكر هؤلاء أن هناك "نوعاً من الرفاهية يحققها العالم الافتراضي بشكل عام وتقنية الميتا بشكل خاص".

أما الباحث آرثر سميث فيرى أن "المعلومات الشخصية أصبحت أكثر قيمة في هذا العصر من أي وقت مضى، كما أصبحت مخاوف الخصوصية محور الاهتمام".

ويضيف، "لا تعدّ هذه المخاوف غريبة على شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث تواصل التعامل مع قضايا خصوصية المستخدم وحماية البيانات".

طرح تطبيق (واتس آب) حديثاً تقنية الـ (Meta Al) وهو نظام طبعاً خاص بالذكاء الاصطناعي، يمكن من تقديم إجابات دقيقة وملائمة للمستخدمين.

ومن المفترض أن هذه التقنية "تستخدم في عمليات التسويق، كما لن يحتاجوا إلى نسخ الرسالة النصية ولصقها في نافذة المحادثة الخاصة بالميتا".

في حين يجري استخدام هذه التقنية الآن على نطاق واسع في بلدان عديدة، لطرح أسئلة بعضها تخص حياة المرء أو أفكاره الخاصة أو حتى معرفة الإجابة عن الأسرار الكونية والغيبية.

وفي العموم، يستخدم برنامج الـ (Meta AI) خوارزميات ذكاء اصطناعي للتفاعل مع المستخدمين عبر "واتس آب"، حيث يوفر ميزات مثل الرد على الاستفسارات، البحث عبر الإنترنت، وتنفيذ المهام الآلية. يظهر كدائرة زرقاء في واجهة التطبيق، ويعتمد على تحليل الرسائل وأنماط التفاعل لتقديم استجابات سياقية.

وما دمنا نتحدّث هنا عن المخاطر التي تأتي بها هذه التقنيات، فإن هناك مخاطر كبيرة على الخصوصية.

ويوضح المركز العربي للذكاء الاصطناعي أن "البيانات الشخصية التي تجمعها تقنية الـ (Meta AI) يقوم بتخزينها ومعالجة المحادثات" مضيفاً أنه "على الرغم من ضمانات الشركة بحماية المعلومات، يشير خبراء الأمن السيبراني إلى أن أي منصة قد تكون عرضة للاختراق أو استخدامها لأغراض إعلانية، وربما هناك استخدامات خطيرة ستنكشف مستقبلاً".

المركز يحذّر في الوقت ذاته من الأخطاء والإجابات غير الدقيقة موضحاً أن هذه التقنية "تتعرّض لخطر تقديم إجابات غير دقيقة، ما قد يؤدي إلى سوء الفهم أو انتشار معلومات مضللة؛ نظراً لأنّ التكنولوجيا لا تزال في مراحل التطوّر".

عزلة ومرض توحّد رقمي

وبناء على هذا الرأي القريب من الواقع في الوقت الحالي، تقول الباحثة الاجتماعية بتول النصراوي لـ (كلمة): إنّ "أكثر ما نخشاه على شبابنا وفتياتنا أن يتبنّوا آراء خاطئة عن حياتهم ومجتمعهم وحتى عقائدهم الدينية".

وتضيف بأنّ "إعطاء الآلة أو الذكاء الاصطناعي الأهمية القصوى والثقة بكل ما يقوله سيتحول إلى سلوك مستقبلي على الفرد، وربما سيصدر عنه تصرّف عدواني إذا ما تبنّى الأفكار التي يتلقّاها".

وترى بأنّ هذه مطوري هذه التقنيات "لم يكشفوا بعد أبعادها، ولا نعلم بعد ما هي أبعادها المستقبلية وتأثيراتها على النفس والصحة العقلية والقاعدة القيمية، فهي لا تزال مجرّد بداية، يقضي المستخدمون عبرها أوقات طويلة، ولكنّ في المحصلة هناك أهداف يبحث عنها المطوّرون والمبرمجون ويريدون تحقيقها".

في نيسان من العام الحالي، خفضت شركة ميتا، عملاق وسائل التواصل الاجتماعي، الحد الأدنى للسن المطلوب لاستخدام تطبيق واتساب في أوروبا إلى (13 عاماً) بدلاً من (16 عاماً)، مما أثار انتقادات من المدافعين عن حقوق الأطفال.

وهذه في أوروبا، أما في دول عربية ومنها العراق، فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومن بينها الميتا، صار على نطاق أوسع وحتى بين أطفال لم تتجاوز أعمارهم الـ (10 سنوات).

وهذا يعني أن أي خدمة تقنية جديدة تتاح عبر الأجهزة الذكية، يجب أن تقنن ويجري مراقبة آلية استخدامها، وهل الاستخدام صالح أم غير صالح على مستوى عقلية الفرد وذهنيته وقابليته على تقبّل الأفكار الجديدة وتحليلها قبل السقوط في أفخاخها. كما تقول النصراوي.

ورغم مثل هذه المخاوف، فإن هناك من يؤكّد على أهميتها أو متعة استخدامها على المدى البعيد وفي فترات طويلة.

وتقدم خدمة الـ (ميتا أي آي) على واتس آب مثلاً "إجابات سريعة ودقيقة، حيث يمكن للمستخدمين الحصول على إجابات دقيقة فورًا لأي استفسار سواء كان يتعلق بمعلومات عامة، نصائح، أو حتى محتوى مرئي".

كما يمكن أيضاً للمستخدمين استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور وفيديوهات أو حتى التفاعل مع محتوى آخر بطرق مبتكرة.

مسؤولون تنفيذيون في "ميتا" أكدوا أن "النموذج الذي يُستخدم بشكل أساسي لتشغيل روبوتات الدردشة داخل ميتا ومن قبل المطورين الخارجيين، يتمتع بمجموعة واسعة من القدرات الجديدة، مثل التفكير المحسّن لحل المشكلات الرياضية المعقدة أو تلخيص كتاب كامل على الفور. إضافة إلى تميزه بخصائص الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يمكنها إنشاء صور حسب الطلب بناءً على النصوص المدخلة".

وتستخدم "ميتا" نماذج "لاما" لتشغيل روبوت الدردشة الذكي الخاص بها الــ (Meta AI)، ويعمل داخل تطبيقاتها مثل "إنستغرام" و"واتساب"، وكذلك كموقع إلكتروني منفصل.

وفي مقابلة مع برنامج (The Circuit) الذي تقدمه إيملي تشانغ عبر موقع (Bloomberg Originals)، قال رئيس شركة فيس بوك زوكربيرغ: إنّ "ميتا لديها مئات الملايين من المستخدمين لروبوتها للدردشة"، متوقعاً أن يصبح البرنامج "الأكثر استخداماً في العالم بحلول نهاية العام"، كما يتوقع أيضاً أن "يستخدم الآخرون خارج ميتا نموذج لاما لتدريب نماذجهم للذكاء الاصطناعي".

معلومات صادمة.. ميتا يحذّركم!

من أجل أن نكون قريبين أكثر في فهم هذه التقنيات الحديثة، التجأ (كلمة) لطرح موضوع المخاطر والأضرار من الإفراط في استخدام الـ (Meta AI) على النظام ذاته، وكانت الإجابات صادمة جداً.

أجابنا النظام المتاح حالياً على تطبيق الـ (WhatsApp) كالتالي:

تشمل مخاطر وأضرار استخدام الذكاء الاصطناعي مثل Meta AI ما يلي:

المخاطر الفنية

1. *الخطأ في البيانات*: قد يؤدي استخدام البيانات الخاطئة أو الملوثة إلى نتائج غير دقيقة.

2. *الانحياز*: يمكن أن يظهر الانحياز في البيانات والنتائج.

3. *التعرض للهاكرز*: قد يؤدي اختراق النظام إلى سرقة البيانات أو التلاعب بها.

4. *العطل الفني*: قد يؤدي العطل الفني إلى توقف الخدمة.

المخاطر الاجتماعية

1. *فقدان الوظائف*: قد يؤدي استبدال الأعمال اليدوية بالذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف.

2. *التأثير على العلاقات الاجتماعية*: قد يؤدي الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية.

3. *التأثير على الصحة النفسية*: قد يؤدي الإفراط في استخدام الذكاء الاصطناعي إلى زيادة التوتر والقلق.

4. *التأثير على الخصوصية*: قد يؤدي جمع البيانات الشخصية إلى انتهاك الخصوصية.

المخاطر الأخلاقية

1. *استخدام غير أخلاقي*: قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض غير أخلاقية إلى نتائج سلبية.

2. *التأثير على القيم الاجتماعية*: قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تغيير القيم الاجتماعية.

3. *التأثير على الحقوق الفردية*: قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى انتهاك الحقوق الفردية.

المخاطر القانونية

1. *انتهاك الخصوصية*: قد يؤدي جمع البيانات الشخصية إلى انتهاك القوانين.

2. *انتهاك حقوق النشر*: قد يؤدي استخدام المحتوى المحمي إلى انتهاك حقوق النشر.

3. *التأثير على القانون*: قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تغيير القوانين واللوائح.

المخاطر الاقتصادية

1. *التأثير على الأسواق*: قد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تغيير الأسواق.

2. *التأثير على الاقتصاد*: قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تغيير الاقتصاد.

3. *التأثير على الوظائف*: قد يؤدي استبدال الأعمال اليدوية بالذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف.

هذه بعض المخاطر والأضرار المحتملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي مثل Meta AI. من المهم أن نأخذ هذه المخاطر في الاعتبار عند استخدام هذه التكنولوجيا.



التعليقات