كان إعلان العتبة العباسية في محافظة كربلاء، يوم الأحد (22 ديسمبر/ كانون الأول 2024) عن إطلاق شاحنة شاكمان (X3000 SHACMAN) حدثاً مهماً على مستوى الصناعة المحلية؛ سواء أكان في مجال صناعة وتجميع السيارات أو الصناعات الأخرى التي اتجهت لها إدارة العتبة في وقت مبكّر جداً، ضمن تجربتها الخاصة في دعم هذا القطاع المهم في العراق.
ووفقاً لتفصيلات خاصة نشرها الموقع الرسمي للعتبة العباسية، فإن "إنتاج شاحنة (شاكمان X3000) يعدُّ أوّل إنتاج لمصنع براق القمّة لتجميع الشاحنات".
وسيبدأ المصنع في مرحلته الأولى "بإنتاج (500 شاحنة) سنوياً وطرح (6 موديلات للشاحنات)، مع خطط لزيادة الإنتاج تدريجياً والتي ستصل إلى (1400 شاحنة) سنوياً، فضلاً عن خطة لافتتاح مراكز صيانة في جميع محافظات العراق التي سيكون فيها مراكز خاصة للبيع المباشر".
ومن مميزات هذا الإنتاج الجديد من الشاحنات، أنه "يُنجز بمواصفات عالية تلائم الأجواء العراقية، فضلاً عن الأسعار التنافسية".
ويلبّي المصنع كما أوضحت العتبة العباسية "الحاجة للصناعات في مجال المركبات على المستوى المحلي، فضلاً عن استثمار العقول العراقية وتشغيل الأيدي العاملة، والنهوض بالواقع الصناعي في العراق واستثمار طاقاته لدعم الاقتصاد الوطني".
وفي الوقت ذاته يكشف تصريح المدير الإقليمي لشركة شاكمان (SHACMAN) الصينية في الشرق الأوسط، جان جي كوي عن أبعاد واسعة في افتتاح مصنع (براق القمة) في العراق.
بحسب حديث جي كوي في حفل الكشف عن الشاحنة الجديدة، وتابعه موقع (كلمة) الإخباري، فإن "افتتاح مصنع البراق لتجميع الشاحنات يسهم في التنمية الصناعية وتدريب المواهب العراقية؛ للارتقاء بالواقع الصناعي".
واعتبر كوي أن "إنتاج هذه الشاحنة يمثل إنجازاً في تطوير شركتهم، فضلاً عن كونه معلماً مهماً لدخول الشاحنات الثقيلة الصينية إلى السوق العراقية"، مضيفاً بأن ذلك يرمز إلى "تعميق التعاون بين العراق والصين" بحسب قوله.
ويظهر من هذه التصريحات أنّ العتبة العباسية لا تُقدم على أي خطوة في مجال الصناعة، إلا بعد التخطيط والدراسة وصولاً إلى بناء المصانع وافتتاح خطوط الإنتاج.
وقال كوي: "استطعنا الوصول إلى هذه اللحظة التاريخية لإنتاج أول شاحنة صينية ثقيلة في العراق".
وقبل الغوص أكثر ومعرفة كيف تخطط العتبة العباسية على مستوى دعم الصناعة المحلية، لاحظَ موقع (كلمة) وفي تتبّع زمني للمشاريع الصناعية التي افتتحتها العتبة على مدى السنوات الماضية، أنّها خاضت في مختلف المجالات الصناعية.
البداية كانت من تأمين احتياجات الفرد والأسرة العراقية بالمواد الغذائية، فأسّست لذلك شركة (نور الكفيل) الرائدة في مجال صناعة وبيع الغذاء، وكانت مساهمتها في رفد السوق العراقية بمنتجات اللحوم والدجاج والألبان و(300 مادة غذائية) غيرها الأبرزَ على مستوى البلد.
يقول الخبير الاقتصادي فالح العكايشي لـ (كلمة): إن "المشاريع الصناعية للعتبة العباسية سبقت غيرها من التجارب اللاحقة للقطاع الخاص ممن خطت خطوتها الجريئة هذه" على حدّ قوله.
وتابع بأن "العتبة المقدسة سعت إلى تأمين الاحتياجات الغذائية بدلاً من الاعتماد على السلع المستوردة، وخلقت بذلك ثقة كبيرة بينها وبين المستهلكين".
العكايشي أضاف بأنّ "منتجات (الكفيل) الغذائية مثلاً توفر حاجة السوق والمائدة العراقية، وتقدّم منتجات عراقية محلية، والأهم أنها منتجات (حلال) و(صحية)" وفقاً لرأيه.
العتبة العباسية اتجهت بعد ذلك إلى صناعة المستلزمات المنزلية من مواد التنظيف والتعقيم وغيرها وصولاً إلى إنشاء معمل الكفيل للمياه المعدنية.
وبعد تحقيق النجاح في هذه المجالات، توجّهت العتبة إلى الصناعة الأبرز والملحّة جداً للبلد، والمتمثلة بصناعة الأدوية والمحاليل الكيميائية الطبية من خلال مصنع (الجود) للمحاليل الوريدية، والذي عدّته وزارة الصحة مبادرة كبيرة غير مسبوقة.
وأكّد وزير الصحة الدكتور صالح الحسناوي خلال افتتاح المصنع، أن "مصنع الجود للمحاليل الوريدية، سيُسهم في تحقيق الأمن الدوائي للبلاد".
وهذا يعني بحسب مراقبين محليين تحدّثوا لـ (كلمة) أن "العتبة العباسية تقدّم جهوداً ساندة للمؤسسات الحكومية في توفير احتياجات المواطن العراقي من الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية وغيرها من الاحتياجات الحياتية".
وأكّدت أمانة العتبة العباسية في وقتها أن "المصنع يعدّ أحد المشاريع الخدمية العامة التي تسعى من خلاله إلى سدّ النقص الحاصل في القطاع الصحي، والمساهمة في تطوير الصناعات الدوائية في العراق وتوفير ملايين القناني من السوائل الوريدية المغذية".
لماذا دعم الصناعة الوطنية مهم؟
عن هذا السؤال الذي يتداوله المتابعون باستمرار، يجيب عضو مجلس إدارة العتبة العباسية عباس الدده الموسوي قائلاً: إن "مشاريع العتبة العباسية في المجال الصناعي ومنها افتتاح مصنع البراق لصناعة الشاحنات تأتي مساهمةً منها في دعم اقتصاد البلد، وإنعاش السوق المحلية".
وبين أيضاً بأن "إدارة العتبة المقدسة آمنت بالتنوع وجعلت خدماتها متنوعة؛ لتشمل شرائح متنوعة وفئاتٍ مختلفة".
ويلفت الموسوي إلى أن هذا المشروع "يشترك مع غيره من مشاريع العتبة كلها، في إسهام العتبة المقدسة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة".
ومن هذه الأهداف التي ذكرها الموسوي "تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، من خلال خفض معدلات البطالة، عبر توفير فرص العمل اللائق، والحصول على وظائف ذات جودة عالية تعمل على تحفيز الاقتصاد، وزيادة الإنتاجية"، مضيفاً بأنها "ستوفر بلا شك فرص عمل جديدة للملاكات المتقدمة من خريجي كليات الهندسة والملاكات الوسطية من خريجي المعاهد الفنية".
ويختتم حديثه بالقول: إن هذه المشاريع الصناعية "تعكس إيماناً راسخاً بقدرات العقل العراقي وكفاءته في مجال الابتكار".