الأربعاء 17 جمادى الآخرة 1446هـ 18 ديسمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
شاهد.. فلسطينيون يفضلون العيش في كهوف على ترك أراضيهم للإسرائيليين
بغداد - كلمة الإخباري | المحرر: حيدر علي
2024 / 12 / 17
0

هدمت القوات الإسرائيلية منزل صدقي عقرباوي (28 سنة)، فلجأ إلى غرفتين من "الزينكو" ليعيش فيهما رفقة عائلته في خربة "الطويّل" شرق بلدة عقربا جنوب مدينة نابلس، فلاحقه الجيش الإسرائيلي وسواهما بالأرض.

كان الشاب الفلسطيني يتوقع أن يلاحقه الجيش ويهدم غرفته "الزينكو"، لذا باشر قبل عدة أسابيع بتنظيف كهف حجري تعلوه صخرة ضخمة، وتمكن بمساعدة إخوته من رفع كمية ضخمة من الحجارة والأتربة، ومد أسلاك الكهرباء كي يصلح الكهف للسكن.

يقول عقرباوي "سوت جرافات الجيش الإسرائيلي مكان سكني بالأرض، ولم تسمح لنا بإخراج أي شيء منه، وبت رفقة زوجتي وأطفالي في العراء، لكنني لا أعرف الاستسلام، ولن أترك أرضنا لقمة سائغة للمستوطنين، لذا جهزت الكهف، وأحضرت بعض الأساسيات المنزلية كالفراش وأدوات الطبخ البسيطة، وانتقلنا للسكن فيه. لن أغادر، ولو هدموا كل ما فوق الأرض سأعيش تحتها، فهذه أرضي وأرض أبي، وجدي ولد فيها قبل أكثر من قرن من الزمن، وقبل وجود إسرائيل، ولن أخرج من أرض فلسطين حتى لو قتلوني أو سجنوني"، حسب تعبيره.


لا تزيد مساحة الكهف من الداخل عن سبعة أمتار، ويرفع سقفه لعدة أمتار في بعض مناطقه، ولا يستطيع الانسان الوقوف في جزء آخر منه. يضيف عقرباوي: "لا نملك أن نعيش من دون مأوى، فالأمطار على الأبواب، لذا يصبح العيش في كهف أرحم من النوم في العراء والبرد. هذا خيار فرضته الظروف بعد أن تركونا بلا مأوى، وقد ناشدنا الصليب الأحمر أن يساعدنا. المستوطنون يريدون هذه الأرض، وصمودي ليس فقط للدفاع عن أرضي، فأنا أدافع عن كل أهل عقربا"، بحسب قوله.

صادرت إسرائيل 122 ألف دونم من أراضي عقربا وخربتي الطويِّل ويانون

وعلى مدار سنوات طويلة، وعبر عمليات هدم عديدة، أحدثت إسرائيل تغييراً كبيراً في معالم خربة الطويِّل، والتي تضم عشرات من الخرب المأهولة، وبعضها أثري، وتقدر مساحة السهول الزراعية فيها بنحو 10 آلاف دونم تُزرع بالقمح والمحاصيل الشتوية، وفيها نحو 30 ألف دونم جبلية تُستخدم مراعي للأغنام. وتجلت أبرز معالم التغيير في هدم المسجد الوحيد، وكذا منشآت سكنية وزراعية، وتدمير وتجريف البنية التحتية من طرق وخطوط مياه وكهرباء.

ومن بين أكثر من 144 ألف دونم تشكل كل مساحة قرية عقربا وخربتي الطويِّل ويانون اللتين تتبعان لها جغرافياً وإدارياً، صادرت إسرائيل أكثر من 122 ألف دونم، سواء بقرارات عسكرية أو بوضع اليد.

تصر الفلسطينية راجية حميدة (60 سنة) على عدم مغادرة الكهف الذي تقيم فيه رفقة زوجها وثمانية من أفراد أسرتها، في شرق بلدة "يطا" جنوب مدينة الخليل، والعيش في البلدة، حتى لا يستولي المستوطنون على أرضهم التي ورثوها أباً عن جد، والتي تقع في المنطقة المصنّفة (ج)، والخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي بموجب "اتفاق أوسلو"، وشيد زوجها عليها قبل نحو سبعة أعوام، منزلاً مكوناً من ثلاثة طوابق، لكن الجرافات الإسرائيلية هدمته بعد عام ونصف بقرار قضائي بحجة البناء من دون ترخيص، وتركتها هي وعائلتها في العراء، ما دفعهم للعيش في كهف قريب.

تقول حميدة "كان والدي يستخدم الكهف لتخزين الحبوب، وإيواء الماشية في الليل، لكننا شيدنا لها حظيرة خارجه لنعيش فيه. لدينا بيت في يطا، لكن في اللحظة التي نغادر فيها هذا المكان، سيضع المستوطنون أيديهم عليه وينشئون بؤرة استيطانية".

تبدو حياة العائلة داخل الكهف بدائية للغاية، إذ لا تتوفر الكهرباء، ويعتمدون على إحدى الآبار القريبة للحصول على المياه، فيما يستمدون الدفء من خلال إشعال الحطب الذي يجمعونه من الأراضي المحيطة. تقول حميدة: "الحياة هنا قاسية، ولا توجد أية خدمات، ولتوفير الإضاءة نعتمد على مولدات الطاقة التي صادرتها إسرائيل أكثر من مرة، لكن مهما ضيقوا علينا لن نيأس، وسنبقى هنا"، بحسب قولها.

ويقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، مؤيد شعبان، "تتعمد إسرائيل خلق حياة غير مستقرة لأكثر من 400 ألف فلسطيني يعيشون في المناطق (ج)، من خلال هدم منازلهم، وعدم السماح لهم ببناء منازل جديدة، واعتبار المساكن الفلسطينية فيها غير قانونية لوقوعها في مناطق عسكرية، أو في مناطق حرم المستوطنات، والهدف إجبارهم على الرحيل إلى المناطق الخاضعة لإدارة السلطة الفلسطينية، لذا فإن البديل المتوفر هو العيش في الكهوف".

ويوضح شعبان: "تعمل الهيئة على تأهيل جدران الكهوف من الداخل بوضع طبقة من الإسمنت لسد أي فجوات كي لا تصبح جحوراً للأفاعي، وبناء حمام ومطبخ، ووضع بوابة في مدخل الكهف لحماية سكانه، كما نزود الكهوف بخزانات المياه، وألواح الطاقة الشمسية، إذ تمنع إسرائيل ربط هذه الكهوف بشبكات الكهرباء الفلسطينية".





المصدر: العربي الجديد



التعليقات