على مدى سنوات طويلة، برز اسم المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم السيد علي السيستاني، كمناصرٍ للشعوب المظلومة والمقهورة، فهو يتخطى عن كونه مرجعاً للشيعة فقط؛ وإنّما مرجع إنسانيّ وصاحب مواقف كبيرة، يعترف بها الجميع ويذكرونها بفخر واعتزاز، حتى صارَ اسمه تتداوله الصحف العالمية والمنظمات الحقوقية والسياسيون والدبلوماسيون في كل مكان وزمان.
وينطلقُ السيد السيستاني في مواقفه الإنسانية من ثوابت دينية وشرعية؛ متأسياً في ذلك بنبي الإسلام محمد (ص) والأئمة من أهل بيته (ع) الذينَ وقفوا بوجه الظالمين ونصروا المظلومينَ، وأعظم مثال على ذلك ثورة الإمام الحسين (ع) التي تعدّ ثورة إنسانية هدفت إلى تحقيق العدالة بين بني البشر وإنهاء كل أشكال والقمع، وهو ما يمثل طبعاً الهدف الأسمى للدين الإسلامي.
ولو تتبّعنا تاريخياً مواقف هذا الرجل الاستثنائي، نجده قد تجاوز التصريحات العامة إلى الأفعال الشخصية، ففي حين عصفت بالفلسطينيين واللبنانيين أزمة الحصار والاعتداء من قبل الجيش الإسرائيلي، ندّد بذلك وأوصل رسائله القوية إلى العالم أجمع، ثم وقف عبر مؤسساته وأتباعه إلى جانب أبناء هذين الشعبين، ووفّر لهم الرعاية الإنسانية المطلوبة.
يقول الكاتب الصحفي محمد عماد في حديثه لـ (كلمة): إنّ "مواقف المرجع الأعلى السيد علي السيستاني تجاوزت التصريحات والأقوال إلى الأفعال، وعبرت بذلك جغرافية العراق إلى كل الشعوب التي تلاقى الظلم سواء أكان من الحكّام أو من قبل المتطرفين والقمعيين".
ويضيف بأنّ "العالم حتى وإن صمت أمام الجرائم المروّعة التي تحصل سواء أكان في فلسطين أو لبنان أو باكستان أو سوريا وغيرها فإن هناك ما هو أعلى من هذا الصمت، حيث الحكمة والبلاغة العلوية التي تصدر عن مرجع الجهات الأربع، لتطالب بالحقوق المستلبة لهؤلاء المحرومين" بحسب قوله.
أما الكاتب الهندي (أبازار تومايلي) فيكتب عن مواقف المرجع السيستاني في مقال له بعنوان (آية الله السيستاني والسياسة) نشره موقع صوت لداخ (Voice Of Ladakh) قائلاً: إن "أحد أبرز وأهم الشخصيات في العالم اليوم ليس رئيساً لدولة أو رئيس وزراء أو حاكم مشهور، بل رجل متواضع يبلغ من العمر تسعين عاماً كرّس حياته لخدمة الإسلام والإنسانية".
وتابع القول: "هذا الرجل هو أحد أقوى الأشخاص في العالم اليوم ويعيش في مسكنه المتواضع في مدينة النجف المقدسة (العراق)، ويعرفه معظمنا باسم آية الله السيد علي السيستاني، وربما يكون المرجع الديني الأعظم في العراق الذي لا يعرف نفوذه الروحي حدوداً" بحسب قوله.
ويضيف تومايلي أن "آية الله السيستاني يتألق بمبادئه الأساسية المتمثلة في الحب والتسامح والاحترام والأخوة. ومن منا يستطيع أن ينسى تصريحه الشهير حيث قال لا تعتبروا أهل السنة إخوانكم بل هم أنفسكم) وهو يعني الجميع في العراق والعالم".
كما ونعرف عن مكانة المرجع الأعلى للطائفة الشيعية من خلال كلمات الشخصيات الرسمية والدبلوماسية وغيرهم، حيث يقول رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتزي: إن "الغرب استطاع أن يتعرف على الصورة الحقيقة للإسلام من خلال فتاوى المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني".
ويقول الإعلامي ووزير الثقافة السابق في لبنان جورج قرداحي: إن "السيد السيستاني هو الشجرة التي يستظلها العراقيون من كل مذاهبهم وأطيافهم وفئاتهم".
وكذا يقول المطران جورج صليبا مطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس: إن "شخصية السيستاني قاربت بين القلوب وآلفت بين النفوس"، مضيفاً أن السيد السيستاني "شخصية دينية كبيرة وعلم من علماء الإسلام".
وخلال زيارته الأولى لمدينة النجف ولقائه بالسيد السيستاني بتاريخ (25 تموز 2014)، قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون: إن "على القيادات الدينية اتباع سماحة السيد علي السيستاني بدعوته إلى التسامح والحوار والاحترام المتبادل وعدم اللجوء الى العنف"، مؤكداً أن "هذه الدعوات يمكن أن تسكت الأصوات الداعية الى التفرقة وتدعم الوحدة بين كافة المكونات".
في حين تقول الممثلة الخاصة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة (جينين ـ هينيس ـ بلاسخارت): إن "السيد السيستاني يمثل صوت العقل والحكمة، والذي أعرب عن أله في أن يرى ملامح القوة في الحكومة لاسيما في مكافحة الفساد".
السيّد السيستاني والشعوب المقهورة
ربّما تتصدّر عبارة (الشعوب المقهورة) في خطاب المرجع السيستاني خلال استقباله للحبر الأعظم للفاتيكان البابا فرنيس، رغم أنه يتداول ذلك في كل وقتٍ تسنح فيه الفرصة لتعريف العالم بمسؤولياتهم تجاه أخوتهم من بني البشر.
إلا أنّ مثل هذا اللقاء الذي حظي باهتمام عالمي وإعلامي كبير، وحدث بتاريخ (6 آذار 2021)، كان خلال الزيارة الأولى التي يجريها البابا فرنسيس للعراق، وكانت فرصة كبيرة للحديث عن هذه الشعوب المستلبة سواء أكانت في فلسطين أو غيرها من دول العالم.
وقد أشار السيّد السيستاني وفقاً للبيان الذي صدر من مكتبه في النجف في أعقاب الزيارة، إلى "الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحدّ من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حثّ الأطراف المعنيّة ـ ولا سيما في القوى العظمى ـ على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة".
كما أكّد على "أهمية تضافر الجهود لتثبيت قيم التآلف والتعايش السلمي والتضامن الانساني في كل المجتمعات، مبنياً على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين أتباع مختلف الاديان والاتجاهات الفكرية".
وقبل كل ذلك، تحدث السيّد السيستاني "عما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوص ما يعاني منه العديد من شعوب المنطقة من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة".
وكان لهذه الكلمات والزيارة أثرها البالغ على البابا فرنسيس، والذي لم ينتظر العودةَ إلى روما للحديث عن لقائه بالمرجع السيستاني؛ بل صرّح مباشرة للصحفيين الذين رافقوه في طريق العودة على متن الطائرة قائلاً: "لقد شعرت بالفخر بلقائه".
وقال البابا فرنسيس عن هذا اللقاء التاريخي: إنّ "الزيارة كانت مفيدة لروحه" وكذلك "خطوة أولى نحو توثيق العلاقة مع المسلمين الشيعة".
كما وصف فرنسيس السيد السيستاني بالقول: إنه "رجل الله العظيم الحكيم على الأرض".
ولأهمية مثل هذه الزيارة بين قطبين روحيين، تناولت وسائل الإعلام لأيام طويلة الحديث عن هذا اللقاء وأهميته وأصداؤه، حيث كتبت صحيفة (نيويورك تايمز): "لم يكن هناك فيديو للاجتماع، ولم تكن هناك حشود تهتف وتغني. لكن من نواح كثيرة، كان الاجتماع بين البابا فرنسيس والسيد السيستاني الأكثر احتراماً في مدينة النجف. جلس الرجلان - آية الله العظمى علي السيستاني 90 عامًا، والبابا فرانسيس 84 عامًا، كل منهما أعلى سلطة دينية بين أتباعهما - على مقاعد خشبية بسيطة في منزل آية الله المتواضع".
أما وكالة أنباء الــ (CNN) فكتبت: "عقد البابا فرنسيس اجتماعاً تاريخياً مع رجل الدين الشيعي الموقر آية الله العظمى علي السيستاني في اليوم الثاني من زيارة البابا للعراق".
وتابعت بأن "هذا الاجتماع الذي استمرّ لـ (45 دقيقة) في مدينة النجف الأشرف مع السيستاني البالغ من العمر 90 عامًا - والذي نادرًا ما يظهر علنًا - أحد أهم القمم بين البابا والشخصية الدينية البارزة في السنوات الأخيرة".
وأوضحت بأن "السيستاني قال لفرنسيس إن المسيحيين في العراق يجب أن يعيشوا (مثل كل العراقيين بأمن وسلام، مع حقوقهم الدستورية الكاملة)".
في حين كتبت وكالة (رويترز): "دخل البابا فرنسيس حارة ضيقة في مدينة النجف المقدسة بالعراق لعقد اجتماع تاريخي مع رجل الدين الشيعي الأعلى في المحافظة وزار مسقط رأس النبي إبراهيم يوم السبت لإدانة العنف بسم الله باعتباره أكبر كفر".
ولا يمكنُ من خلال هذا اللقاء بين الحبر الأعظم للمسيحيين والمرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم، الذي وُصِف لحظتها بــ "التاريخي" أن يختصرَ أو يعرّف بشخصية هذا الرجل الذي يحرّك ملايين القلوب وهو جالس في بيته الصغير بمدينة النجف، التي تضمّ مرقد الإمام علي بن أبي طالب (ع).
السيّد السيستاني والقضية الفلسطينية
ولم يكن حديث المرجع السيستاني عن معاناة الشعب الفلسطيني في "الأراضي المحتلة" كما ذكر للبابا فرنسيس، في هذه المناسبة فحسب، فقد تتبع (كلمة) بياناته السابقة التي صدرت دفاعاً عن قضية هؤلاء المحرومين، وما يتعرضون له حتى الآن جراء الاحتلال الإسرائيلي للبلاد منذ العام (1948).
وكان أبرز بيانات المرجع السيستاني، بيانه الذي صدر بتاريخ (11 تشرين الأول 2023) والذي أدان فيه الاعتداءات الآثمة على الأبرياء الفلسطينيين.
وبلهجة شديدة للغاية وصف بيانه ما يجري في فلسطين وغزّة بالتحديد بـ "التوحّش الفظيع" وذكر بأن "جيش الاحتلال يفرض حصاراً خانقاً على قطاع غزّة شمل في الآونة الأخيرة حتى الماء والغذاء والدواء وغيرها من ضرورات الحياة، وكأنه يريد بذلك الانتقام منهم وتعويض خسارته المدوية وفشله الكبير في المواجهات الأخيرة".
كما قال: إنّ "هذا القتل والدمار من قبل جيش الاحتلال يجري بمرأى ومسمع العالم كلّه ولا رداع ولا مانع"، مضيفاً بأن "هناك من يساند هذه الأعمال الإجرامية ويبرّرها بذريعة الدفاع عن النفس".
وأكّد بأن العالم كلّه "مدعوّ للوقوف في وجه هذا التوحّش الفظيع ومنع تمادي قوات الاحتلال عن تنفيذ مخططاته لإلحاق مزيدٍ من الأذى بالشعب الفلسطيني المظلوم".
ولو عدنا إلى الوراء، فقد ذكر السيّد السيستاني في بيان سابق صدر في العام (2002)، وحمل الوصف ذاته لما يفعله الجيش الإسرائيلي بحق الأهالي في غزّة حيث وصفه بـ "بالعدوان الصهيوني الوحشي الذي يرتكب جرائمه ضد الأخوة في الأراضي الفلسطينية".
كما أدان المرجع الأعلى السيد علي السيستاني في مواقف أخرى ومن خلال خطب الجمعة التي يلقيها ممثلّاه السيد أحمد الصافي والشيخ عبد المهدي الكربلائي من الصحن الحسيني في كربلاء.
ومنها خطبة الجمعة بتاريخ (كانون الثاني 2009)، و(آب 2010) و(تموز 2014) و(أيار 2021)، مشيراً أمام العالم إلى حقيقة لم يتخلَّ عنها وبقى يذكّر بها حينما قال: إن "لا حلّ اليوم لإنهاء هذه المأساةِ منذ سبعة عقودٍ وإحلال السلام والأمنِ في المنطقة إلا بإزالةِ الاحتلالِ عن الأراضي الفلسطينية المغتصبة".
الأزمة الإنسانية في لبنان
وحدث في لبنان أيضاً كما حدث في فلسطين، حيث استمر الجيش الإسرائيلي لأكثر من شهرين متتاليين يوجّه ضرباته الجوية ضد المدنيين، وأسفر ذلك عن مقتل العديد من الشعب اللبناني بينهم قادة حزب الله اللبناني، إلى جانب تشريد الآلاف من المواطنين عن مساكنهم وتدميرها بالكامل.
ففي تاريخ (23 أيلول 2024) أصدر المرجع الأعلى بيانه حول العدوان المستمر على لبنان، والذي جاء فيه: "في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها الشعب اللبناني الكريم، حيث يتعرض بصورة متزايدة للعدوان الإسرائيلي الغاشم وبأساليب متوحشة، شملت تفجير أعداد كبيرة من أجهزة الاتصالات الشخصية ونحوها، واستهداف مساكن مكتظة بالمواطنين حتى من النساء والأطفال، وشنّ غارات مكثفة على عشرات القرى والبلدات في الجنوب والبقاع، مما أسفر - لحد الآن - عن استشهاد وجرح أعداد كبيرة من المقاومين الأبطال وغيرهم من المدنيين الأبرياء وتهجير عشرات الآلاف عن مساكنهم ومنازلهم".
وبحسب البيان "تعبّر المرجعية الدينية العليا عن تضامنها مع أعزتها اللبنانيين الكرام ومواساتها لهم في معاناتهم الكبيرة (....) كما تطالب ببذل كل جهدٍ ممكن لوقف هذا العدوان الهمجي المستمر وحماية الشعب اللبناني من آثاره المدمرة".
كما دعا بيان المرجعية المؤمنين إلى "القيام بما يساهم في تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم الإنسانية".
وبناءً على هذا الموقف من قبل المرجعية الدينية العليا في النجف، أعلنت العتبتان الحسينية والعباسية اللتان ـ تعمل إدارتهما بتوجيهات السيد السيستاني ـ على تشكيل لجان إغاثية وإرسالها إلى لبنان مع قوافل للمساعدات الغذائية والطبية والاحتياجات اللازمة، فضلاً عن قوافل المساعدات الكبيرة التي حملت الاطنان من المواد الغذائية والدوائية ووصلت إلى العوائل اللبنانية التي نزحت إلى سوريا جراء القصف الإسرائيلي، وقدّمت كذلك السكن لهم سواء أكان في سوريا أو في كربلاء للعوائل التي وفدت للمدينة.
وعلى مستوى دعم الشعب اللبناني والوقوف معه في محنه، كان مكتب السيد السيستاني في النجف قد أصدر بياناً خاصاً بتاريخ (6 آب 2020) حول حادث التفجير الذي ضرب منطقة (مرفأ بيروت).
وجاء في البيان: "تعبّر المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف عن بالغ الأسى والأسف للحادث المفجع الذي تعرّضت له مدينة بيروت العزيزة إثر الانفجار الهائل الذي وقع في مرفئها وأسفر عن عدد كبير من الضحايا والمفقودين واضعاف ذلك من الجرحى والمصابين وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين عن بيوتهم ومساكنهم، وأدّى الى خراب واسع وخسائر فادحة واضرار بالغة بالمباني والممتلكات في مشهد مأساوي قلّ نظيره في العقود الأخيرة".
وتابع، "وإذ نتقدّم الى الشعب اللبناني الكريم بأحرّ التعازي (...) ندعو المؤمنين الكرام وجميع محبّي الخير في العالم الى التضامن معه في هذا الظرف العصيب وتقديم العون له بكل السبل المتاحة للتخفيف من آثار هذه الكارثة الكبيرة عليه".
ولم يكن مثل هذه المواقف النابعة من المرجعية الدينية في النجف وليدة هذه اللحظة أو هذه الظروف الحالية، فقد سبق وأنْ أصدرت المرجعية بتاريخ (30 تموز 2006) بياناً أدانت فيه الجريمة اقترفها الجيش الإسرائيلي في مدينة (قانا).
وجاء في البيان: "في سلسلة اعتداءاتها المتواصلة على لبنان العزيز ارتكبت قوات العدو الاسرائيلي اليوم مجزرة جديدة في بلدة قانا الجريحة، ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء في مشهد ما أبشعه وأفظعه"، مضيفاً أن "الكلمات لتعجز عن إدانة هذه الجريمة النكراء التي باء بإثمها من تجرّدوا عن كل القيم والمبادئ الانسانية فلم تسلم منهم حتى النساء والأطفال في الملاجئ".
وذكر البيان بأن "حجم المأساة التي حلّت بلبنان نتيجة لتواصل العدوان الاسرائيلي بلغ حداً لا يحتمل مزيداً من الصبر ولا يمكن الوقوف مكتوف الأيدي بإزائه" منبهاً بأن "على المجتمع الدولي أن يبادر إلى فرض وقف فوري لإطلاق النار ووضع حدّ لهذه المأساة المروّعة".
باكستان وأفغانستان في عين المرجعية
ولم يكن موقف المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف من الشعوب المقهورة والمظلومة مسانداً للشعبين الفلسطيني واللبناني، فهناك في باكستان وأفغانستان يتعرّض أبناء الشعبين لانتهاكات مستمرة واعتداءات إجرامية من قبل العصابات المسلّحة والجماعات الإرهابية المتطرّفة.
فقد أدان السيد السيستاني بتاريخ (4 آذار 2022) الانفجار الإرهابي الذي ضرب مسجد (كوجا ريسالدار) في مدينة بيشاور الباكستانية، وأوقع العشرات من القتلى والجرحى بين صفوف المصلين الذين حضروا لأداء صلواتهم داخل المسجد.
وقال مكتب المرجعية في بيانه: إنّ "المأساة الأليمة التي حدثت خلال صلاة الجمعة بمسجد (كوتشا ريسالدار) وأسفرت عن استشهاد وجرح عدد كبير من المصلين الأبرياء، لهي مدعاة لمزيد من الحزن والأسى".
وتابع، "إنّنا إذ نتقدم بالتعازي إليكم أيها الأحبّة ونواسي الأسر المكلومة، نسأل من الله للجميع الصبر والسلوان وأن يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل ويرتقي بدرجات شهداء هذا الحدث المؤلم".
وأضاف البيان "إذ تستنكر الحوزة العلمية في النجف الأشرف والمرجعية الشيعية العليا هذه الجريمة المروعة التي استهدفت وحدة المسلمين فإنّها تحثّ حكومة باكستان بشدّة على التفكير في سبل لحماية المظلومين أمام ظلم وجرائم المجموعات الإرهابيّة"، داعية إلى اتخاذ "الإجراءات الوقائيّة واللازمة في هذا المجال، ولا تسمح بتعرض اجتماعاتهم الدينية لهجمات عنيفة ووحشية من قبل الجماعات المتطرّفة القاسية".
كما وأدان السيّد السيستاني في وقت آخر الانفجار المروّع الذي استهدف مسجد (سه دكان) في مدينة مزار شريف الأفغانية، وجاء في بيان مكتبه: " مرّة أخرى ارتكب تنظيم داعش الإرهابي جريمة مروّعة واستهدف المصلّين الأبرياء في (مسجد سه دكان) في مزار شريف وسفك دماء العديد منهم".
وتابع "نظراً للوضع الراهن في أفغانستان الحبيبة نؤكد على جميع الإخوة والأخوات المؤمنين بتوخّي الحذر أكثر ممّا مضى والتعاون مع المسؤولين عن الحفاظ على أمن اجتماعات الناس؛ للحيلولة دون تكرار هذه المآسي الأليمة".
إضافة إلى مواقف أخرى وإدانات مستمرة للجرائم التي تحصل بحق الشعبين الأفغاني والباكستاني، ومنها بيان المرجعية الدينية العليا الصادر بتاريخ (10 أيار 2021) حول التفجير الإرهابي الذي تعرّضت له مدرسة سيد الشهداء في العاصمة الأفغانية كابل.
وكذلك البيان الذي أصدره مكتبه في النجف، عقب الهجوم الإرهابي على المسافرين في مدينة (باراجنار) الباكستانية بتاريخ (23 تشرين الثاني 2024).
زلزال قهرمان مرعش
عندما ضرب زلزال قوي بتاريخ (6 شباط 2023) لمنطقة جنوب تركيا ووصلت آثارها إلى مناطق سورية قريبة من الحدود التركية، أصدرت حينها المرجع الأعلى السيد السيستاني بياناً عبرت فيه عن مواساتها لسقوط أعداد كبيرة من الضحايا والمصابين والخسائر المادية الهائلة في كلا البلدين، وقد وصفته بـ "الكارثة الإنسانية قلّ نظيرها في العصر الأخير".
وعبّرت المرجعية الدينية العليا "عن تضامنها مع من فقدوا أعزاءهم في هذه المأساة الكبيرة"، كما أعربت عن أملها بأنْ "تتضافر جهود الجهات المعنية وعامة أهل الخير في سبيل توفير الاحتياجات الضرورية للمتضرّرين في أسرع وقت".
ووفقاً لهذا النداء، فقد حشّدت العتبات المقدسة وعلى رأسها العتبتان الحسينية والعباسية في كربلاء طاقاتها وجهودها، واندفعت فوراً لإغاثة الشعب السوري بالمواد الغذائية والطبية؛ خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادي الشعب الذي كانت تمر به البلاد آنذاك.