الأربعاء 17 جمادى الآخرة 1446هـ 18 ديسمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
النواة "حكومة الإنقاذ السورية".. فكيف ستكون الثمرة؟
بغداد ـ كلمة الإخباري | سراج علي
2024 / 12 / 11
0

في تصريحات جديدة أدلى بها رئيس الحكومة السورية المؤقتّة محمد البشير، وصف فيها حكومة الإنقاذ التي خاضت هجماتها ضد النظام السوري السابق بـ "نواة الحكومة الحالية"، وهو ما يفتح التكهّنات حول مستقبل سوريا بعد صعود المعارضة السورية وجماعاتها المسلّحة إلى دفّة الحكم.

كما وتصفُ الحكومة الانتقالية السورية صفحة داعش الإرهابية في البلاد بالسوداء، في حين ترفضُ أن يصبغ العالم "ثورتها" بهذه العصابات الإجرامية؛ رغمَ أنّ المخاوف الكبيرة لدى الداخل السوري وخارجه من أن تكون هذه الحكومة نسخة من داعش؛ على اعتبار أنها أطاحت بالحكم عبر جناحها العسكري من الجماعات المسلّحة.

اُبتليت سوريا لأكثر من "10 سنوات" بانتشار الجماعات المسلّحة وخصوصاً عصابات داعش الإرهابية، التي فتكت بالسوريين وأدت المواجهات العسكرية معهم إلى خراب شمال على مستوى البلاد.

واليوم، لا يريدُ جميع السوريين أن تعاد تلك المعاناة والتشريد والقتل مرّة أخرى، ولكنهم غير مقتنعين بعد بالحكومة الجديدة التي شكّلتها المعارضة السورية المدعومة من تركيا.

إدارة الشؤون السياسية بدمشق، قالت في بيانات وتصريحات صحفية، اليوم الأربعاء: إن "داعش صفحة سوداء في تاريخ سوريا"، مضيفاً "نرفض أن يصبغ العالم ثورتنا بداعش" بحسب قولها.

وأضافت "سنؤسس دولة جديدة هي دولة المؤسسات والقانون"، مشيرة إلى أن "الأولويات الآن هي لضبط الأمن وتشغيل الخدمات التي تمس المواطن".

وتابعت، "ستشكل لجنة خبراء تعمل على النظر في الدستور وإجراء تعديلات"، مضيفة، "كما سنسرع الخطى لنشر الدوريات لحفظ الأمن في ربوع سوريا".

وحول جناحها العسكري الذي من خلاله أطاحت بحكومة بشّار الأسد أوضح أن "هيئة تحرير الشام مرحلة من المراحل وندعم ما يختاره الشعب" على حدّ قولها.

وزادت بأنه "لا بد لقوى الثورة السورية أن تنخرط في المؤسسة العسكرية"، مضيفة "ستنتهي مرحلة التنظيمات لننتقل إلى مرحلة الحوكمة".

وفيما يخصّ الضباط والعسكريين في الحكومة السابقة، أكدت أن "لا عدالة بلا محاسبة وستتم المحاسبة وفق القانون".

ومع ما تبثّه الحكومة الجديدة حول مستقبل سوريا، فإنّ مراقبين قالوا: إنّ "مثل هذه الأحاديث لن تثبت صحّتها الآن، وإنّما في قابل الأيام ومن خلال القرارات التي ستتخذها الحكومة الانتقالية، وسيظهر ما إن كانت صادقة في أقوالها من عدمها".

إلا أنّ للحكومة الروسية التي سبق وأن تحالفت مع النظام السابق، كان لها رأي آخر حول ذلك.

وقالَ الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف خلال مؤتمر صحفي: "نود أن يستقر الوضع في البلاد في أسرع وقت ممكن، بطريقة أو بأخرى"، مضيفاً أن "الضربات والتحركات في مرتفعات الجولان والمنطقة العازلة لا تساهم" في ذلك.

وفي الوقت الذي كان يحلم فيه السوريون تغيير واقعهم وإزالة شبح الدكتاتورية عن صدورهم بعدما جثم عليها لأكثر من (50 عاماً)، تبقى هناك المخاوف لدى طيف واسع من الشعب السوري، الذي أبدى قلقه البالغ.

واعتبرَ العديد من السوريين بينهم حتى أكاديميون وفنانون أنّ بلادهم "قد ذهبت إلى نهاية مأساوية ولن تعود مجدّداً".

وتعود مثل هذه المخاوف لدى الطيف الأوسع من السوريين، بحسب الصحفي علي الحلبي إلى "الطريقة التي صعدت بها الحكومة الانتقالية إلى القيادة، فلم يكن هناك أي سلم في الموضوع" وإنما ما حصل حسب قوله لـ (كلمة) "استيلاء عصابات مسلحة على السلطة، مدعومة أمريكياً وإسرائيلياً".

وأضاف الحلبي بأنّ "السوريين لأكثر من عشر سنوات ذاقوا الويلات بسبب هذه الجماعات، التي يغذّيها التطرف والهمجية" بحسب قوله.

وتابع بأنّ "من غير الممكن أنْ نصدّق بولادة حكومة جديدة وقوية وعادلة من حركات أشبعت السوريين قتلاً وتشريداً وفقراً".

فيما يقول الصحفي العراقي محمد المحنّة لـ (كلمة): إنّ "العراقيين كما هم السوريون يتطلعون إلى عودة سوريا إلى سابق عهدها، ولكن من خلال فكر الدولة وبناء المؤسسات وليس القيادة التي تنطلق من أفكار إرهابية متطرّفة".

ويضيف المحنّة بأنّ "قضية توليد قناعة بهذه الجماعة المتهمة بعلاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة حول بناء دولة عادلة ومقتدرة ليست سهلة وحتّى لا يقبلها العقل" مستدركاً بأنّ "صدق أو كذب هذه الجماعة سيظهر في الأيام المقبلة".

إلا أنّه يشير إلى أنّ "السوريين لم يعودوا يحتملون أكثر من هذه المعاناة والفقر والتدهور الاقتصادي والصحي الذي عاشوه لسنوات طويلة".

وأكثر ما يخشاه السوريون بحسب المراقبين أنّ "تتحوّل البلاد إلى أرض لنفوذات وأطماع دولية مختلفة، فتركيا من جهة وإسرائيل التي تزحف تدريجياً على المدن السورية، والولايات المتحدة التي تنتظر تنصيب رئيسها الجديد ليُنظر ماذا سيفعله أكثر بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضها من قبل على البلاد".

رأي المراقبين هذا وخصوصاً في بقاء النفوذات السياسية وتسليم مستقبل سوريا لأطماع أمريكا وإسرائيل وتركيا، أشّرها المرشد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي في أوّل تعليق صدر له، اليوم، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.

ولفت خامنئي في كلمته أن "مما لا شك فيه أن ما حدث في سوريا هو نتاج مخطط أميركي صهيوني مشترك"، وأشار إلى أن "دولة جارة لسوريا لعبت ولا تزال تلعب دوراً واضحاً في الأحداث التي تجري في هذا البلد"، من دون أن يسمّيها.



التعليقات