في الوقت الذي احتفل فيه قائدُ فرقة العباس القتالية الشيخ ميثم الزيدي مع مقاتلي الفرقة، ومن قبْلهم مع عوائل الشهداء بالذكرى السابعة لتحقيق النصر على عصابات داعش الإرهابية؛ فإنّ ثماراً عديدة تحقّقت بهذا الانتصار، الذي صاغه العراقيون الملبّون لفتوى الدفاع الكفائي، التي أطلقتها المرجعية الدينية العليا في النجف.
الزيدي تحدّث في حوار حصري مع موقع (كلمة) الإخباري في هذه المناسبة الكبيرة، عن الثمار (السبع وأكثر) لمرحلة الانتصار على عصابات داعش الإرهابية، مؤكداً أنّ الحوزة الدينية أكّدت للعالم أجمع أنّها تمثل "صمام الأمان لهذا الوطن، وخير من يمثل شريعة الإسلام المحمدي الأصيل".
وقال الزيدي في حديثه: إنّ "ثماراً عديدة تحقّقت بعد الانتصار على عصابات داعش الإرهابية، أبرزها وأهمها ثمار دينية وعقائدية، والعنوان العام أن الدين هو الحل لكلِّ مشاكل الأمة، وتطبيق الدين الأصيل، كما أن الحوزة الدينية صارت معروفة للعالم أنّها تمثل صمام الأمان لهذا الوطن وخير من يمثّل شريعة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)".
وتابع القول: إن "الثمرة الثانية لهذا الانتصار هو تحقيق الوحدة الوطنية"، مبيناً أن "التهديدَ عندما يكون وجودياً يتوحّد أبناء البلد الواحد، فيغضّون الطرف عن المشاكل الجزئية ويتوحدون تجاه هدف وطني عام".
الحشد.. قوة لا يستهان بها
ويضيف بأن الثمرة الثالثة تتمثل بـ "إعادة الحياة إلى القوات الأمنية التي كانت منهارة ما قبل العام (2014) بفعل السياسة والفساد الذي نخرَ جسدها، مع إيجاد كيان شعبي ساند للقوات الأمنية".
ويشير إلى أن هذه "القوات التطوعية سواء أكانت في الحشد أو خارجها كوّنت كتلةً حاملة للسلاح (قوّة احتياط للبلد) تدافع عنه، فقد حصلت على الأسلحة والتدريب وتكونت عندها الخبرة اللازمة وصارت بأعداد لا يُستهان بها، حتى يمكن اعتبارها خزيناً استراتيجياً للوطن" بحسب قوله.
ويلفت أيضاً إلى أن "العراقيين حافظوا على عدم تقسيم العراق" وهي من وجهة نظره ثمرة مهمة جداً، مبيناً أن "ظهور مثل هذه العصابات كان يُراد منه تقسيم العراق، وعند انهيار البلد ستدخل فيه نفوذات للدول، وبالنتيجة فإنّ كلّ تحدٍ إرهابي هو مدعوم من الخارج بلا شك، ويدار من قبل دول كبرى وإقليمية"، مضيفاً بأنّ "الوحدة الوطنية أفشلت هذا المخطط المتمثل بــ "تقسيم البلد"، وحافظ العراقيون على وحدتهم وبلدهم".
ويشير الزيدي أيضاً غلى أن "هناك جانباً مهماً تحقق بعد الانتصار على داعش، ويتمثّل بقوّة الردع من قبل البلد لمثل هذه التهديدات والعصابات الإرهابية" وهذا بحدّ ذاته "يمثل قوة مهمة له" حسب قوله، مضيفاً أن "الثمار الأخرى الكبيرة هو تواجد قوات لوجستية ومواكب الدعم اللوجستي في العراق".
أما حول سؤالنا عن ما حققته فرقة العباس القتالية خلال مرحلة ما بعد الانتصار على داعش، أجاب قائد الفرقة قائلاً:
إنّ "هذه المرحلة كانت فرصة سانحة ومهمة لإعادة تنظيم قواتنا، إضافة إلى جانب أساسيٍ ومهم يتمثل بالتواصل مع عوائل الشهداء والاطلاع على احتياجاتهم الحياتية" موضحاً بأن "كل ما نقدّمه لهذه العوائل المضحّية نبقى مقصّرين بحقّها؛ كونها قدّمت فلذات قلوبها للدفاع عن حياض الوطن ومقدّساته".
ويتابع القول: إنّ "هناك العديد من المساهمات للفرقة بما يخص دعم عوائل الشهداء، وتوفير السكن للكثير منها، ومتابعة أبنائهم على الدوام"، مضيفاً بأن "متابعة الجرحى كذلك تحقق خلال هذه الفترة".
ويوضح بأنّ "القيادة عملت أيضاً على تطوير قابليات قواتها، وإعادة البناء الإداري للقوّة، كون اننا لم ندرك الوضع الطبيعي لإنشاء القوة؛ حيث دخلنا المعركة قبل إعداد الفرقة، وبالتالي صار لدينا الآن تنظيم إداري وتدريبي وتسليحي وتكتيكي".
ويلفت أيضاً إلى أن "هناك جانباً إنسانياً عملت عليه الفرقة، فيما يتعلق بتوفير السكن لعوائل الشهداء، فضلاً عن تحقيق الاستقرار النفسي للمقاتلين ليصبح عنده الولاء الوظيفي وإنتاجية أعلى".
العراق في وجه التهديدات الجديدة
وفي ظلّ المخاوف الجديدة تعود إلى الواجهة بعد التغييرات الأمنية التي شهدتها المنطقة، وفي ظل طرح يشير إلى عودة داعش مرّة أخرى، يؤشّر الزيدي مثل هذه المخاطر، ويؤكّد على وضع الجاهزية لمواجتها، حيث قال:
"مما لا شك فيه أن منقطتنا الآن تعتبر منطقة موتورة، وكذلك هدفاً للأطماع الخارجية، وقد كانت خطبة النصر للمرجعية الدينية وثيقة مهمة وتاريخية كشفتْ عن بعد نظر منقطع النظير للمرجعية، وقد ذكرت في طيات هذه الخطبة أن الانتصار على داعش ليس نهاية المطاف، وبينت بأن هناك تحديات أخرى ستواجه العراق، وأكدت بذلك على الحاجة للقوة التي ساندت القوات الأمنية ولا زالت قائمة، وهذه باعتقادي قد حافظ على عدم تكرار حالة سوريا الآن رغم أنّها تخلّصت من طاغية، ولكن الطريقة التي حصلت تؤكّد بأنها لا تخلو من تدخّلات خارجية، قد تفرق على سوريا أجندات معينة، وكذلك فتحت الأبواب أمام إسرائيل للاعتداء على بعض المناطق السورية".
ويضيف بأنه "في ظل هذه المخاوف، فنحن ندركها تماماً، وحرصنا على تهيئة أنفسنا لمثل هذه الظروف الطارئة، ونعمل الآن على رسم سيناريوهات ونهيّئ أوضاعنا لمواجهة التهديدات المستقبلية".
العراق ما بعد داعش الإرهابي
ويمضي قائد فرقة العباس القتالية الشيخ ميثم الزيدي للقول: إنّ "العراق لا يمكن القول أنه أصبح في الصدارة لمواجهة الأخطار الإرهابية"، والسبب يعود حسب قوله إلى أن "الوضع السياسي في البلد ليس بالمستوى المطلوب، وهذا جانب أساسي ومهم في تمكين الأطماع الخارجية والوضع الإرهابي، وأعتقد أن هذا الجانب يمثل خللاً كبيراً لم يصححه الساسة، ولم يوفقوا لمعالجته، والظهور بمستوى أفضل ما بعد العام (2014)".
ويشدّد بأن "موضوع الفساد هو الآخر لم يتم معالجته والقضاء عليه، بل على العكس استفحل وتنامى في الكثير من مؤسسات الدولة، وهو ما ينذر بخطر كبير على البلاد وأبنائه".
وبالعودة إلى ما أكّدت عليه المرجعية الدينية في خطبة النصر على داعش، أوضح الشيخ الزيدي بأنّ "مرجعية النجف أشّرت ثلاثة عنوانات مهمة، أولها وجهته للعراقيين بشكل مطلق بعد أن شكرتهم على وقوفهم مع بلدهم هذا التحدي الوجودي الكبير وخصوصاً مواقف الشهداء وعوائلهم وزوجاتهم، أما العنوان الثاني فكان موجهاً للمقاتلين في مختلف صنوف القوات الأمنية؛ وأكّدت على دورها الرئيسي في تحقيق النصر على داعش الإرهابي وذكرت هذه العبارة (أن لا فضل يداني فضلكم)، كما شددّت عليها بضرورة المحافظة على هذا النصر وهذه المؤسسة وعدم السماح ببيعها أمام بعض النزوات الدنيوية التي قد تكون سياسية أو غيرها".
ويضيف، بأن "الخطاب الثالث وجهته المرجعية الدينية إلى أبناء الشهداء المضحّين، وأكدت بأن أقل الوفاء لهم هو التواصل مع عوائلهم وأيتامهم ونسائهم والتكفل بوضعهم الصحي والمعيشي والتعليمي ومختلف أوضاعهم، وكذلك أكدت على دعم المقاتلين الجرحى وخصوصاً ممن أصيبوا بعاهة مستديمة وأوصت برعايتهم".
يتبع في الجزء الثاني من الحوار.