في موعدٍ لا يتجاوز نهاية شهر أيلول من العام المقبل (2025)، تقر الاتفاقية الأمنية الموقّعة مع الولايات المتحدة، على إنهاء مهمة التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق، والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية بطريقة تدعم القوات العراقية و"إدامة الضغط" على الإرهاب.
ويأتي هذا القرار الذي أعلنته الحكومة العراقية في (27 أيلول الماضي) بعد دراسة وتقييم الوضع العسكري والأمني في البلد، ونتيجة للمشاورات والتباحث مع قيادة التحالف الدولي، والمناقشات داخل اللجنة العسكرية العليا العراقية الأمريكية.
ويتزامن مع الاستعداد لهذا الحدث الذي ضغطت باتجاه تحقيقه قوى سياسية عديدة، مع اتفاقات وزيارات متبادلة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، آخرها زيارة رئيس مجلس النواب المقال محمد الحلبوسي، يوم الأربعاء.
الحلبوس الذي زار الكونغرس الأمريكي الذي يمثل الهيئة التشريعية في البلاد، بحث وفقاً لبيان صادر عن حزب تقدّم تلقّاه (كلمة) الإخباري، "أهمية دعم العراق واستقراره في ظل التحديات الإقليمية، فضلاً عن بحث الأوضاع الجارية في الشرق الأوسط".
ولم يتناول بيان حزب الحلبوسي، ما إذا كان الأخير سيتناول قضية إنهاء مهمة التحالف الدولي، في ظل لقائه الخاص مع "عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب الأمريكي ومسؤول لجنة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الوسطى النائب ريتشارد ماكورميك".
ولكن مراقبين عراقيين قالوا: إنّ "هذه الزيارة وفي هذا الوقت الحساس الذي يمر به البلد، وفي ظل الأوضاع المضطربة إقليمياً، فلا نستبعد أن يكون موضوع إنهاء التحالف الدولي أو تمديد إبقائه قد تم طرحه خلال الزيارة".
وتابعوا بأنّ "زيارة رئيس حزب سياسي لهيئة أمنية تتمثل بالكونغرس الأمريكي تحمل أبعاداً كثيرة ستكشف عنها الأيام القادمة".
ولكنَّ مثل هذا الملف الأمني، قد جرى بحثه من قبل الحلبوسي في وقت سابق من شهر شباط الماضي، حيث استقبل في مكتبه وفداً من الكونغرس الأمريكي، وبحضور السفيرة الأمريكية في العراق "ألينا رومانوسكي" وذلك قُبيل إنهاء مهمتها الدبلوماسية ومغادرتها لبغداد.
الوفد الأمريكي كان برئاسة السيناتور كريستوفر كونز، وفقاً لبيان صدر عن حزب تقدّم، والذي لفت إلى أن "اللقاء ناقش العلاقات بين البلدين، وسبل تعزيز التعاون والشراكة الاستراتيجية الشاملة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية".
كما أكد الطرفان وفقاً للبيان على "إدامة التعاون الأمني الذي أسهم في هزيمة عصابات داعش الإرهابي، ويسهم بملاحقة فلول الإرهاب، والتأكيد على أهمية عمل اللجنة العسكرية العليا العراقية الأميركية لتحقيق شراكة ثنائية مُستدامة" مما يعني لم يتم التطرّق إلى مهمّة إنهاء وجود التحالف الدولي بقيادة أمريكا في العراق.
وفي مراجعة لخلفيات سابقة لهذا الملف، فقد طرح الحلبوسي عندما كان في منصب رئيس البرلمان، "مهمة إنهاء الدور القتالي لقوات التحالف الدولي، بعد لقائه بمنسّق مجلس الأمن القومي الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت مكغورك" في (كانون الأول 2021).
وبناءً على تغيّر الموقف من إنهاء التحالف الدولي لدى (الحلبوسي الرئيس) و (الحلبوسي المقال)، فلا يستبعدُ الصحفي (إبراهيم الأنباري) أنّ "يصبح الحلبوسي وسيطاً بين بغداد وواشنطن؛ لتمديد بقاء التحالف".
وقال في حديثه لـ (كلمة): إن مثل هذه السيناريوهات "واردة جداً، في ظلّ الأوضاع الأمنية المضطربة وخصوصاً ما يجري في سوريا وتأثيره على الأمن القومي العراقي" على حدّ قوله.
وكان وفد من الكونغريس الأمريكي قد دعا في (شهر آذار 2019) الحكومة العراقية إلى إبقاء القوات العسكرية الأمريكية في العراق كجزءٍ من التحالف الدولي لهزيمة "داعش الإرهابي" حسب بيان أصدرته السفارة الأمريكية في بغداد.
كما وأثارت الزيارة السرية التي أجراها محمد الحلبوسي في (كانون الأول 2019) جدلاً واسعاً بين أعضاء مجلس النواب، وصرّح حينذاك النائب حنين القدو: إن "زيارة الحلبوسي إلى واشنطن كانت مفاجئة للجميع ولم نعلم بها مسبقاً", مبيناً أن "الزيارة تمت وسط أجواء من السرية ولم نعلم بها ‘لا بعد ان عاد الى بغداد".
وتطرّقت وسائل إعلامية دولية إلى أنّ "زيارة الحلبوسي هذه لا تخلو من محاولة لحلحلة "أزمة تشريع قانون برلماني لإخراج القوات الأمريكية من العراق".
وأوضح القدو حينها أن "الظروف التي يمر بها العراق صعبة وحساسة، وأن الزيارة لم تخلُ من مناقشة مستقبل العملية السياسية وشخصية رئيس الوزراء المقبل", مشيراً إلى أن "مثل هكذا زيارات ستكون محل شكوك لدى القوى السياسية، خاصة اذا كانت لم تعلم بها مسبقاً".
وتأتي زيارة الحلبوسي الأخيرة التي تزامنت مع زيارة ملك الأردن عبد الله الثاني، هي الأخرى مفاجئة للكثير من المراقبين والمدوّنين العراقيين، وخصوصاً بعد لقائه بالنائب ريتشارد ماكورميك، الذي يشدّد على إبقاء قوات التحالف الدولي في العراق، كما اعتبر انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان خطأً وأدى إلى مقتل جنود أمريكيين، وعودة حركة طالبان الإرهابية للسلطة في أفغانستان.
جدير بالذكر أن أكثر من (5 آلاف) جندي أمريكي ينتشرون في العراق منذ تشكيل التحالف الدولي الذي يضم نحو (60 دولة) بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عام (2014) لمحاربة عصابات داعش الإرهابية.