تتصاعدُ الأحداث الأمنية في سوريا لليوم الرابع على التوالي، بعد المواجهات التي حصلت بين الجيش السوري ومسلحي هيئة تحرير الشام المتطرّفة التي اجتاحت يوم الأربعاء الماضي قرى وبلدات تابعة لمحافظة حلب، بلغت حصيلة القتلى من العسكريين والمدنيين في العملية المستمرة ليومها الرابع في ريفي إدلب وحلب، إلى (301) منذ فجر يوم 27 تشرين الثاني الجاري.
ووفقاً لما أفاده المرصد السوري لحقوق الإنسان وتابعه (كلمة) الإخباري، فإن "نصف مدينة حلب في شمال سوريا بات تحت سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة".
كما ذكر المرصد أن "العناصر المسلحة سيطرت على (14 قرية) وبلدة في ريف حماة خلال الساعات القليلة الماضية".
ويأتي ذلك بعد يومين على هجوم مباغت شنّته تلك الفصائل على مناطق سيطرة القوات الحكومية شمال سوريا وشمال غربها.
وفيما يقاتل الجيش السوري المسلحين في الهيئة، أكّد نائب رئيس مركز المصالحة (السوري ـ الروسي)، أوليغ إغناتسيك: إن "القوات الروسية بالتعاون مع القوات السورية تواصل تنفيذ عملياتها؛ لصد الهجمات الإرهابية في محافظتي حلب وإدلب".
وسجّل المركز بحسب إغناتسيك "تصاعداً مستمراً في الوضع الداخلي لسوريا؛ نتيجة لهجوم مشترك شنته جماعة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، ومجموعات معارضة مسلحة متطرفة أخرى على مواقع القوات الحكومية السورية في محافظتي حلب وإدلب".
وأوضح إغناتسيك أن القوات الجوية الفضائية الروسية، التي تقدم الدعم لسوريا، "تنفذ ضربات صاروخية وقصفا على المعدات والقوى البشرية، ومراكز القيادة، والمستودعات، ومواقع المدفعية التابعة للمسلحين. وخلال الـ 24 ساعة الماضية، تم القضاء على ما لا يقل عن 200 إرهابي، وتستمر العملية لصد العدوان".
وفي هذه الاثناء، قالت مصادر عسكرية في سوريا: إنّ "الطيران الروسي خلال الساعات المقبلة لتغيير مسار المعارك في الشمال السوري".
إيران داعمة وتتهم إسرائيل
فيما دخلت إيران على خط الدعم المقدّم إلى سوريا، وأكّدت على لسان وزير خارجيتها عباس عراقيجي على مواجهة الجماعات المسلّحة.
فيما أكد عراقجي، اليوم السبت، تقديم الدعم لمواجهة "العناصر الإرهابية" في سوريا.
وقال في تصريحاته للصحفيين: لابد أن تعمل دول الجوار السوري على إفشال ما أسماها بـ "المؤامرة الخطيرة ومواجهة الإرهاب هنا".
ولاحقاً أكد عراقجي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره السوري بسام صباغ، أثناء مناقشة التطورات العسكرية حول مدينة حلب، أن "إيران تدعم حكومة وشعب وجيش سوريا في مكافحة الإرهاب وحماية الأمن والاستقرار الإقليميين".
وفي ظل هذا الدعم المقدّم على مستوى إيران، قال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، السبت: إن "المهزومين في غزة ولبنان يقودون اليوم الهجمات في سوريا"، في إشارة إلى إسرائيل.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن سلامي قوله الذي تابعه (كلمة): إنه "بعد الهزائم الاستراتيجية التي مُنيت بها إسرائيل في جبهتي غزة ولبنان، شنّت الجماعات التكفيرية الإرهابية، تحت قيادة وتوجيه المهزومين في ميادين القتال في غزة وجنوب لبنان، هجمات وحشية جديدة على سوريا في الأيام الماضية".
وأضاف أن هذه الهجمات "واجهت ردوداً من الجيش والقوات الشعبية في هذا البلد".
وبحسب مراقبين ووسائل إعلامية فإن الفصائل المسلحة "شنت هجماتها تزامناً مع يوم سريان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.
تحصين عراقي للحدود مع سوريا
ولا يقتصر الوضع الأمني على الداخل السوري فحسب، وفقاً لما رصده موقع (كلمة) الإخباري، بل يشمل الدول المجاورة، وبينها العراق، الذي أكّد اليوم تأهبه لتحصين الحدود مع سوريا.
وأعلن الجيش العراقي، عن نشر 3 ألوية تابعة لها ولواءين للحشد الشعبي، على مساحة واسعة من الحدود مع سوريا، ابتداءً من شمال سنجار وحتى منطقة القائم الحدودية؛ لدرء أي خطر محتمل.
وعزّز العراق من تحصينه الأمني لمنع تسلل العناصر المسلحة من سوريا، كما جاء بعد إعلان وزير الدفاع العراقي ثابت محمد العباسي، أمس الجمعة، أن قوات الجيش بجميع صنوفها وتشكيلاتها "جاهزة لحماية حدود وسماء العراق من أي خطر جنباً إلى جنب مع القوات الأمنية الأخرى".
من جهته اعتبر المستشار السياسي للحكومة العراقية، فادي الشمري في تدوينة له على منصّة (إكس) أن "نشاط الجماعات الإرهابية في شمال غربي سوريا يعتبر تطوراً خطيراً من حيث التوقيت والجهوزية والتسليح؛ مما يستدعي الحيطة والحذر والاستعداد التام". بحسب قوله.
وتابع أن "الأهالي من أبناء محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين برعاية الله وفي عيّن الحكومة وحماية القوات المسلحة بمختلف صنوفها".
وبسبب هذا الوضع المتأزم والخطير، أعربت مصر عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة في سوريا، معلنة دعمها "للدولة السورية ومؤسساتها".
وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً، السبت، أشارت فيه إلى اتصال جرى مساء الجمعة، بين وزير الخارجية بدر عبد العاطي ووزير الخارجية النظام بسام صباغ، حيث "ناقشا تطورات الأوضاع في شمال سوريا وخصوصا في إدلب وحلب".
وأوضح البيان أن عبد العاطي أعرب عن "القلق إزاء منحى هذه التطورات"، مؤكدًا "موقف مصر الداعم للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية وأهمية دورها في تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب وبسط سيادة الدولة واستقرارها واستقلال ووحدة أراضيها".