الأربعاء 17 جمادى الآخرة 1446هـ 18 ديسمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
بماذا خرج التعداد العام للسكان.. ومن المستفيد بالدرجة الأولى؟
بغداد ـ كلمة الإخباري
2024 / 11 / 26
0

منذ العام (1997) الذي شهد إقامة آخر إحصاء للسكان في العراق وحتى إقامته التعداد العام هذا العام، تخطّى العراقيون مراحل صعبة جداً، أولها الحكم الديكتاتوري والحصار الخانق، وصولاً إلى الاحتلال الأمريكي عام (2003) وظهور القاعدة الإرهابي عام (2006) ومن ثم عصابات داعش في العام (2014).

كانت هذه السنوات "العجاف" كما يصفها العراقيون ثقيلة جداً، وخصوصاً في محافظات الوسط والجنوب، حيث تتمتّع المحافظات الشمالية بحكم شبه مستقل منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي.

ورغم هذه المحن والحروب والصراعات الأخيرة، وحتى القمع الذي كان النظام السابق يمارسه على الناس، إلا أنّ التعداد السكاني العام أفرز نتائج جديدة كانت محط اهتمام إعلامي عالمي، وخصوصاً في نموّه السكاني الكبير.

حيث قال تقرير لمجلة (BNE) الأوربية، تابعه (كلمة) الإخباري: إنّ "عدد سكّان العراق قد زاد بأكثر من الضعف منذ تعداد عام 1997، حيث وصل عدد سكان البلاد حالياً، إلى أكثر من (45 مليون نسمة) بمن فيهم الأجانب واللاجئون".


تغيّر في أنماط الخصوبة

واعتبر التقرير أن هذه الزيادة في عدد السكان "تمثل طفرة كبيرة شهدتها أعداد الشرائح السكانية الواقعة ضمن سنّ العمل".

كما أشاد التقرير بإقامة التعداد السكاني بوصفه "إجراءً وطنياً واسع كان النطاق، ويهدف إلى تقديم صورة واضحة عن توزيع سكان العراق بعد سنوات طويلة من الحروب والصراعات والإرهاب والقمع والحرمان".

ووفقاً للنتائج غير النهائية للتعداد السكاني، قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الاثنين، إن "تعداد سكان العراق يزيد عن (45 مليوناً) نصفهم من النساء وثلثهم تقل أعمارهم عن (15 عاماً)".

وأوضح السوداني أن "الأسر التي ترأسها النساء تشكّل (11,33%) حيث بلغ عدد الإناث (22 مليوناً و623 ألفاً و833) بنسبة (49.8 %)".


بماذا خرج التعداد السكاني؟

أبعاد وأهداف عديد تروم الحكومة الحالية تنفيذها على أرض الواقع بعد إجراء التعداد السكاني، وفي حين أكّدت أن فائدة هذه الإجراء الوطني "تقديم مسح كامل عن أبناء الشعب العراقي؛ لوضع الخطط التنموية والاقتصادية ومعالجة حالات البطالة والفقر وغيرها من المظاهر السلبية" يقول مراقبون ومحللون سياسيون: إنّ "التعداد السكاني سيحدث تأثيراً شاملاً وكبيراً على المستوى السياسي".

وبيّنوا بأنّ "زيادة أعداد السكان في كل محافظة، تعني زيادة عدد ممثليها في مجالس المحافظات ومجلس النواب وحتى الوزارات السيادية"، مضيفين أن "تنامي هذه الأعداد يؤثّر على الموازنات المالية المخصصة والتي تنعكس على إنجاز المزيد من المشاريع والخدمات".

وفي الوقت ذاته كشف التعداد السكاني، عن تضخّم كبير في عدد سكان العاصمة بغداد، إلى جانب حدوث زيادة لعدد نفوس إقليم كردستان العراق التي تصل إلى أكثر من (8 ملايين نسمة)، وهي زيادة مفاجئة كما يقول المراقبون، "وجاءت بزيادة 5 ملايين شخص على آخر إحصاء أجري عام 2003".

ستنعكس مثل هذه الزيادة السكانية "على زيادة نسبة الإقليم الكردي من الموازنة المالية، والتي ستصل على الأغلب إلى (25 %) في حين كانت تقدّر بـ (17 %)، إلى جانب زيادة عدد النواب الأكراد في مجلس النواب".

ووفقاً للمدير التنفيذي للتعداد علي العريان، فإن "عدد المواطنين قابل للزيادة المطردة، فقد جرى من دون إحصاء عراقيي الخارج الذين يزيد عددهم على (4 ملايين نسمة)". وهو ما اعتبر مفاجأة أخرى للتعداد السكاني.


تعداد وسط غياب الخطط الحقيقية

من جهته يرى الباحث علاء التميمي، أنّ العراق لم يكن مؤهلاً بصورة كافية لتحمل التعداد السكاني الحالي، نسبة إلى عدم وجود تخطيط سكاني وخدمي على مستوى العاصمة بغداد وبقية المحافظات العراقية.

وقال التميمي في تصريح صحفي تابعه (كلمة) الإخباري: إنّه "مع عدم وجود تخطيط سكاني طويل الأمد، رافقه غياب استراتيجية سكانية منذ عام 2003، كما لم تتبنَ الحكومات العراقية المتعاقبة سياسات سكانية واضحة، تحدد كيفية التعامل مع النمو السكاني السريع. وفي ظل عدم ربط التعداد السكاني بالتنمية، لم توجَه أي جهود تُذكر نحو ربط الزيادة السكانية بالتخطيط للتعليم والصحة والبنية التحتية والاقتصاد".

وأضاف بأن "البنية التحتية ضعيفة وشبكات المياه والصرف الصحي تعاني تآكلاً شديداً، بخاصة في المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة، مما يؤدي إلى فيضانات متكررة وتلوث المياه، ونقص المياه الصالحة للشرب بسبب تراجع الموارد المائية وسوء إدارة البنية التحتية للكهرباء غير الكافية لتلبية حاجات السكان، مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يومياً".

وأضاف بأن "الطرق العامة ووسائل النقل هي الأخرى غير قادرة على استيعاب الزيادة الكبيرة في عدد السكان؛ مما يؤدي إلى ازدحام مروري".

التميمي أوضح أيضاً أن "القطاعات الخدمية غير مؤهلة، والنظام التعليمي يعاني اكتظاظ الصفوف ونقص المدارس والمعلمين والجودة التعليمية تراجعت بصورة كبيرة، مما يحد من قدرة السكان الجدد على المساهمة في التنمية الاقتصادية".

وأضاف التميمي أن "الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بصورة كبيرة على النفط غير منوّع بما يكفي لاستيعاب العمالة المتزايدة". كما أن "معدلات البطالة والفقر في تصاعد مستمر مع عدم وجود استثمارات كافية في قطاعات أخرى".

وأظهرت النتائج الأولية للتعداد السكاني، تركّز السكن في وسط العراق لاسيما في العاصمة بغداد، في ظل الهجرات التي حصلت من الريف إلى المدينة على مدى السنين الطويلة الماضية.

وشهدت بغداد تضخماً تدريجياً في أعداد السكان، إذ عرفت تحولات كبيرة منذ الاحتلال البريطاني عام 1917 وحتى اليوم. ففي بداية القرن الـ20، كان عدد سكان بغداد (250 ألف نسمة).

ولكن في الوقت الحالي فإن عدد سكان العاصمة يعبر حاجز الـ (3 ملايين و250 ألف نسمة)؛ نتيجة الهجرة من الريف إلى المدينة، إلى جانب التوسع الاقتصادي.




التعليقات