خدمة الأئمة الأطهار والأولياء الصالحين وزوارهم خدمة عظيمة لا تظاهيها أية خدمة ولا يدانيه أي عمل، هي في حقيقتها خدمة للدين والمبادئ والقيم المستكنة فيه، وكلما كانت تلك الأضرحة التي تضم تلك الأجساد الطاهرة عظيمة بعظم المبادئ التي تحملها، كلما أضفت على منتسبيها قداسة الوجود، وهي تتعاظم أو تتلاشى، وجودا وعدما، كبرا وصغرا، بقدر الإخلاص والتفاني في العمل وتقديم أفضل الخدمات للزائر والمزور، وهكذا فان المسؤولية التي تقع على عاتق المنتسبين والمتصدّين لتلك الخدمة مسؤولية عظيمة والهدف الذي يرومون القيام به هدف مقدس، ومن المفترض أن تكون الخدمات المقدمة مناسبة للثيمة المعنوية المكنونة في هكذا أماكن، التي هي بطبيعة الحال مراكز الهام لكل منابع الخير في المجتمع.
التأسيس لمثل هكذا دوحات محمدية ومرافد معنوية بحاجة الى جهود مضنية تراعي فيها عملية اصلاح الدين والدنيا والآخرة، ولا يزال الانسان يرتقي سلم المجد اذا ما توفرت له مقومات عصمة الأمر وتوفير المعاش وتأمين المعاد، وهذه الأمور الجوهرية بحاجة الى توفير مستلزمات النجاح على المستوى التقني والاقتصادي والثقافي للمنتسب ومن خلاله لكل زائر يفد الى تلك الدوحات المباركة، وعملية البناء تتطلب مزيدا من الوقت والجهد والمثابرة لكي تؤتي أكلها بخلاف عملية الهدم فإنها سهلة المؤونة متاحة لكل من هب ودب.
المشاريع الفكرية والثقافية المنبعثة من أماكن مقدسة ولكي تكون ناجحة ومثمرة وذات تأثير كبير على المتلقي، لابد ان تكون لدى المتصدين لها رؤية واضحة وثاقبة في ادماج كل ما هو جديد من العلوم المتطورة لخدمة الأهداف النبيلة التي يرمون توصيلها الى أكبر عدد من الجمهور، الترجمة العملية للمشروع أعظم من المشروع المجرد، وهي بحاجة الى دورات تطويرية على مدار العام للنهوض بالمستوى العلمي والأخلاقي للعاملين في مثل هكذا مشاريع، فهم سفراء قيم وفضيلة في زمن طغت عليه المنافع المادية والفردية على حساب المصالح القيمية العامة.
انشاء مراكز علمية متخصصة، زيادة الرصيد الفكري والثقافي لدى المنتسب، التعرف على أدوات التشغيل في البرامج العلمية والخدمية والاقتصادية كل حسب اختصاصه، العمل على تكوين المنتسب المثالي في الاتقان بالعمل والتعامل الجيد مع الآخرين، احترام الزائرين الوافدين الى تلك الأماكن المقدسة وتوفير سبل الراحة لهم، احترام الأنظمة والقوانين الخاصة والعامة، اتقان العمل وتطويره ضمن نطاق التقدم التكنلوجي والأطر القيمية الحاكمة في المجتمع، تعريف المنتسب بحقوقه التي يتمتع بها وواجباته المناطة به، توطيد العلاقة الطيبة بين المسؤول والمنتسب من جهة وبين المنتسب والزائر من جهة أخرى، وأخيرا وليس آخرا ولكي تكون انسيابية في العمل وتجنّب في الروتين والتسويف، لابد من الالتزام بالتعليمات الادارية التي هي بمثابة فرامل سيطرة لانسيابية العمل وجودة الانتاج دون أفراط أو تفريط، مقومات العمل الرائد هذه هي التي تبنّتها العتبة العباسية المقدسة، ومهّدت لتفعيلها انشاء الكثير من الاقسام والمعاهد التأهيلية التي تنظم جودة العمل وتقديم الخدمات على أتم وجه.
قسم التطوير والتنمية المستدامة التابع للعتبة العباسية المقدسة، والتزاماً منه بالمعايير العلمية في التدريب؛ يجري بين الفينة والأخرى الاختبار الخاص بدورتي التحسين المستمر، وحل المشكلات واتخاذ القرارات، من برنامج التمكين الاداري الذي تقيمه العتبة العباسية المقدسة لرؤساء الاقسام والمواقع الخارجية ومن بصفتهم.
ويأتي هذا البرنامج انطلاقاً من رؤية الادارة العليا للعتبة المقدسة متمثلة بسماحة المتولي الشرعي السيد احمد الصافي - دام عزه - والإدارة العامة للعتبة المقدسة بإدخال أحدث المهارات والنظريات الادارية والاطلاع على اخر ما توصل اليه العالم في مجال التخطيط والادارة والتنظيم، وجعل العتبة المقدسة في مقدمة المؤسسات التي تعتمد النظام المؤسسي المتكامل في جميع مفاصلها.
تجدر الإشارة إلى أن البرنامج الذي أعده قسم التطوير والتنمية المستدامة، واختار له مدربين أكفاء في اختصاصاتهم تضمّن عدّة مراحل، إذ استهدفت رؤساء الأقسام ومن بصفتهم، ومسؤولي الشعب في العتبة المقدسة، وصولاً الى تكاملٍ مؤسسي يكون فيه كل الهرم الوظيفي مطلعّاً ومدرّباً على أحدث المعلومات والمهارات الادارية، وهذا ما يحقق التناغم بين الرؤساء والمرؤوسين ويصب في تقديم أفضل خدمة لزوار الإمام الحسين واخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام).
ولرفد هذا القسم الحيوي بالكفاءات العلمية قامت العتبة العباسية المقدسة بإنشاء معهد الكفيل لتطوير المهارات وهو معهد تابع لمركز الكفيل لتقنية المعلومات في العتبة العباسية المقدسة، مجاز من وزارة التربية العراقية لغرض التدريب والتطوير بالرقم (GHU 23018)الهدف منه تأسيس قاعدة علمية تستوعب كفاءات شبابنا العراقي من الخريجين أو الموهوبين، ولتكوين قاعدة علمية نستطيع من خلالها تأسيس العديد من المشاريع التي تنهض بنتاجات العتبة العباسية المقدسة في شتى المجالات الإعلامية التي تحتاج قدرات متخصصة ذات كفاءة متميزة لتسريع إنجاز تلك النتاجات، ولسد حاجة العتبة الى الكفاءات الخبيرة والمواكبة لتطورها في استحداث أو تطوير الشعب والوحدات الإنتاجية العلمية ومنها وحدة أنتاج الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد ولملأ الفراغ الحاصل في قلة أو ندرة المؤسسات العلمية التعليمية التي ترفد المجتمع بخبرات تصل إلى مرحلة الاحتراف.
أهم مواصفات المشروع
*مركز مجاني.
*استضافة وتصميم المواقع.
*إقامة العديد من الدورات والتي تخرج منها مئات الطلبة وباختصاصاتٍ مختلفة فضاً عن الأمور المعلوماتية الخاصّة ببناء وتصاميم وبرمجة المواقع الإلكترونية.
*يمتلك المعهد بنايةً نموذجية تتوفّر فيها القاعات الدراسية المجهّزة بأحدث الوسائل التعليمية وبإشراف كادرٍ متخصّص، بالإضافة الى العديد من الأمور الفنية واللوجستية.
من هذا المنطلق أكد المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي، على أهمية تعزيز الرصيد المعرفي والثقافي لمنتسبي العتبة العباسية وتنمية قدراتهم؛ لتمكينهم من تطوير العمل والرقي به.
جاء ذلك في حديثه للقائمين على البرنامج المركزي لمنتسبي العتبة المقدسة، الأربعاء في 13 مارس 2024م الذي ينفذه قسم التطوير والتنمية المستدامة، واستماعه إلى شرح مفصل حول ما قدّمه البرنامج للمنتسبين وفعالياته وأنشطته المختلفة، إذ شهد على مدار عام 2023م مشاركة أكثر من (3000) منتسب، ارتشفوا جميعا من خدماته، وورشه، ودوراته، ومسابقاته.
وذكّر السيد الصافي خلال اللقاء على النقاط التالية:
1ـ كل إنسان يريد التأسيس لشيء جديد إيجابي فيه منفعة، سيجد صعوبة في تقبل الآخرين له والقناعة به، ويحتاج إلى وقت وجهد لتفهّم الأمر والإحاطة به.
2ـ ان صاحب المشروع لكي يضمن نجاحه وتأثيره أكثر، يجب أن تكون لديه رؤية واضحة يستطيع ترجمتها عمليًّا، كي يوصلها إلى المتلقي.
3ـ ملاكات العتبة المقدسة بحاجة إلى زيادة برصيدها المعرفي والفكري والثقافي، والتعرف أكثر على مشاريع العتبة المقدسة، وهذا يقع على عاتق البرنامج المركزي.
4ـ المشرفون على البرنامج، لابد من امتلاكهم صفة التأثير بالمنتسب وما يُقال له، ليكون منتسبًا مثاليًّا، وهذا ما يتصف به حاليًّا منتسب العتبة العباسية المقدسة، فالمعروف عنه أنّه يحترم الزائرين، ويقدم لهم أقصى ما يمكن، دون كلل أو ملل، هذا إضافة إلى أنّه يحترم الأنظمة والقوانين ويلتزم بها، سواء التي داخل العتبة المقدسة أو خارجها.
5ـ ضرورة إبداء النصيحة للمنتسب وترشيد عمله؛ لتمكينه من الرقي بالعمل وتطويره، وتعريفه بحقوقه والواجبات المناطة به، كذلك بناء علاقة طيبة بين رئيس القسم والمنتسب، مبنية على الاحترام وتطبيق الأمور الإدارية.